على رغم اعتراض بلده، في حدث لا سابق له، أعيد انتخاب البولندي دونالد توسك رئيساً لمجلس أوروبا لولاية ثانية من سنتين ونصف السنة خلال قمة الاتحاد المنعقدة في بروكسيل، وتستمر اليوم لبحث ملفات تهدف إلى تعزيز الاتحاد في مرحلة ما بعد خروج بريطانيا «بريكزيت». وقبل ساعات من القمة، اقترحت بولندا مرشحاً منافساً لتوسك هو النائب الأوروبي ياتسيك ساريوش فولسكي. وقال وزير خارجيتها فيتولد فاشيكوفسكي: «ستكون القمة مهددة إذا صوت الحلفاء على بقاء توسك رئيساً، وقد نعترض على كل نتائج القمة إذا لم يُلبَّ طلبنا». وفي رسالة وجهتها إلى نظرائها الأوروبيين الأربعاء، قالت رئيسة الوزراء البولندية بياتا شيدلو: «انتهك توسك في شكل خطير قاعدة الحياد السياسي الضروري لمنصبه» الذي يتولاه منذ 2014، وتشمل مهماته تنسيق القمم الدورية التي يحضرها رؤساء الدول والحكومات من أجل تحديد الأولويات السياسية للاتحاد. واعتبرت شيدلو أن توسك، وهو رئيس وزراء سابق في بولندا، «تدخل شخصياً» في الحياة السياسية ببلده، بعدما واجهت إصلاحات نفذتها السلطة ممثلة بحزب القانون والعدالة القومي المحافظ، انتقادات من المفوضية الأوروبية التي اعتبرت أنها تمس بدولة القانون. ودافع توسك عن نفسه قائلاً: «إنني غير منحاز، وحيادي هو على الصعيد السياسي». وفيما ندد ديبلوماسيون أوروبيون ب «رغبة وارسو في تصدير مشكلة داخلية» لا تلقى إلا دعم هنغاريا التي يرأس فيكتور أوربان حكومتها، قالت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في خطاب أمام البرلمان في برلين: «إعادة انتخاب توسك سيكون مؤشراً على استقرار الاتحاد الأوروبي كله». وكان مسؤول حكومي ألماني قال الأربعاء إن «هناك تأييداً ساحقاً لتوسك» الذي يجب أن يحصل على غالبية 21 بلداً على الأقل، تمثل 65 في المئة من سكان الاتحاد الأوروبي للفوز. وحتى سلوفاكيا التي تدعم بولندا عادة، على غرار الدولتين الأخريين في «مجموعة فيزيغراد» تشيخيا والمجر، ضد المفوضية الأوروبية، قدمت دعمها لتوسك. ويفترض أن يناقش القادة الأوروبيون اليوم السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي وأزمة الهجرة، ومشاريعهم في مجال الدفاع، إضافةً إلى الوضع في غرب البلقان حيث يثير تصاعد التوتر قلقهم. وفي غياب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، سيخصص القادة اجتماع الصباح لتحضير «إعلان روما» الذي ينوون نشره في مناسبة الذكرى الستين لتوقيع معاهدة تأسيس الاتحاد، والتي سيحتفل بها في العاصمة الإيطالية في 25 الجاري. ويفترض أن يؤكد هذا النص بقاء الاتحاد الأوروبي موحداً بعد «بريكزيت»، أما الانقسام فيدور حول مستقبل «بسرعات متفاوتة» لأوروبا هو الذي يثير الجدل، مع دعم قوي من باريسوبرلين اللتين ترغبان خصوصاً في تعزيز الدفاع الأوروبي، من دون أن تعرقل الدول المتحفظة مشاريعهما. لكن دولاً أخرى تشعر بالقلق من أن تصبح أعضاء من الدرجة الثانية في الاتحاد، مثل «مجموعة فيزيغراد» (المجر وبولندا والجمهورية التشيخية وسلوفاكيا) التي تعارض بشدة سياسة الهجرة للاتحاد. وقال ديبلوماسي من إحدى هذه الدول: «يجب التزام الحذر. إذا بالغنا في الأمر قد نصل إلى تفكك الاتحاد».