رفض الكرملين اتهامات أميركية بانتهاك روسيا معاهدة للحدّ من التسلّح أُبرمت عام 1987، عبر نشرها صواريخ «كروز» عابرة للقارات تهدد أوروبا الغربية. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «نرفض أي اتهام في هذا الصدد. روسيا حريصة دوماً وستبقى حريصة على الوفاء بكل التزاماتها، بما فيها تلك المرتبطة بالمعاهدة حول القوات النووية متوسطة المدى ولو لم تكن في مصلحة روسيا تماماً». وكان الجنرال بول سيلفا، نائب رئيس الأركان الأميركي، رجّح نشر موسكو «صواريخ كروز، تنتهك روح معاهدة القوات النووية المتوسطة (المدى) وهدفها». وأضاف أمام لجنة تابعة للكونغرس أن تلك الصواريخ «تشكّل خطراً على غالبية منشآتنا في أوروبا، ونعتقد بأن الروس نشروها عمداً لتهديد الحلف الأطلسي ومرافقه». وأشار إلى أن وزارة الدفاع الأميركية تسعى إلى تحديد خيارات ممكنة للردّ و «مراجعة الموقف النووي»، وزاد: «هدفنا إيجاد وسائل ضغط لإقناع الروس بالامتثال للمعاهدة». وتابع أن الولاياتالمتحدة أثارت الملف مع روسيا. وهذا أول اتهام علني من الجيش الأميركي لموسكو بنشر صاروخ «كروز» من طراز «إس إس سي8» الذي تطورّه روسيا وتختبره منذ سنوات، على رغم شكاوى أميركية من انتهاكها بنوداً من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى لعام 1987. وتعرب الولاياتالمتحدة منذ سنوات عن قلقها حيال سعي روسيا إلى امتلاك صواريخ مشابهة، إذ ترى في الأمر انتهاكاً فاضحاً ل «معاهدة القوات النووية المتوسطة» التي أبرمها الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف مطلع ثمانينات القرن العشرين. وكانت «معاهدة القوات النووية المتوسطة» أنهت ما عُرف ب «أزمة الصواريخ الأوروبية» التي نجمت من نشر الاتحاد السوفياتي صواريخ نووية من طراز «أس أس20» هددت عواصم أوروبا الغربية. وردّ «الأطلسي» بنشر صواريخ نووية أميركية من طراز «بيرشينغ»، ما أدى إلى تظاهرات هائلة تدعو إلى السلام ونقاشات وجودية للرأي العام الأوروبي حول شعار دعاة السلم الألمان «نصبح حمراً أفضل من أن نموت». كما تتهم موسكوواشنطن بانتهاك المعاهدة، معتبرة أن نظاماً دفاعياً مضاداً للصواريخ نشره الأميركيون في بولندا ورومانيا يمكن أن يُستخدم في إطلاق صواريخ في اتجاه روسيا. في موسكو، حذر وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل من خطر سباق تسلّح جديد مع روسيا، معتبراً أن قرار روسيا نشر صواريخ من طراز «إسكندر» في كالينينغراد الواقعة في منطقة بحر البلطيق، سيشكّل نكسة للأمن الأوروبي. غابرييل الذي التقى نظيره الروسي سيرغي لافروف، قال لوكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء: «إذا نُشرت صواريخ إسكندر في شكل دائم، فقد يكون ذلك سبباً لقلق بالغ و(سيشكّل) ضربة للأمن الأوروبي. لذلك نراقب ما يحدث في كالينينغراد باهتمام بالغ». ورفض انتقاد موسكو نشر «الأطلسي» قوات في بولندا ودول البلطيق، بينهم 400 جندي ألماني في ليتوانيا. وأضاف: «ألمانيا ودول أخرى من الحلف لم تكن في طليعة الدول التي ذهبت إلى البلطيق». ولفت إلى أن عدد الجنود الألمان في المنطقة ضئيل مقارنة بتعزيزات روسية ضخمة.