بعد أكثر من خمسة أشهر على سيطرة «الجيش الوطني» الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على «الهلال النفطي» وسط البلاد، اشتعلت المنطقة مجدداً نتيجة هجوم مفاجئ شنته ميليشيات متطرفة سيطرت على ميناءي السدرة ورأس لانوف، ما أوقف عملية تصدير النفط مجدداً. وأعلن «الجيش الوطني» انسحاب قواته «تكتيكياً» من الميناءين النفطيين لتجنيبهما أضراراً بفعل اشتباكات مع عناصر «سرايا الدفاع عن بنغازي»، وهي ميليشيات متطرفة تابعة لمفتي طرابلس الصادق الغرياني. واكتفى الجيش بشن غارات جوية على مواقع المسلحين المتطرفين الذين يقودهم العميد مصطفى الشركسي في ضواحي رأس لانوف والسدرة. وتزامن ذلك مع تصاعد الاشتباكات في مدينة بنغازي بين الجيش ومسلحي ميليشيات متطرفة تابعة ل «سرايا الدفاع» تعرف ب «مجلس شورى الثوار». وصرح الناطق باسم «الجيش الوطني» العقيد أحمد المسماري، بأن غارات جوية نُفِذت في رأس لانوف والسدرة وبن جواد وهراوة، رداً على تقدم «سرايا الدفاع عن بنغازي». وأضاف أن الجيش صدّ هجوماً استهدف ميناء البريقة، كما سحب رجاله وعتاده من المنطقة المحيطة بالموانئ لتفادي أضرار جسيمة في خزانات النفط والبتروكيماويات. وأكد مهندسون في الميناءين وسكان سيطرةَ المسلحين، فيما أعلن مصدر طبي أن 9 من عناصر الجيش قُتلوا وجُرح 8 في الاشتباكات. ونَشرت «السرايا» التي انطلقت من الجفرة (جنوب الهلال النفطي) صوراً لعناصرها داخل مطار في «رأس لانوف»، غير أن المسماري أعلن أن المعارك متواصلة من أجل استعادة الموقع. ولفت إلى أن «سرايا الدفاع عن بنغازي وصلت إلى مطار رأس لانوف الرئيسي مزودةً بمدرعات حديثة ورادار للتشويش على الدفاع الجوي». وأضاف أن «الوضع العسكري تحت السيطرة والمعركة مستمرة». ولفت المسماري إلى أن المهاجمين شنوا 4 محاولات سابقة للسيطرة على المنطقة. وأضاف أن الغارات الجوية المتواصلة أدت إلى تدمير «40 في المئة» من آليات المهاجمين، في حين أعلن قائد قاعدة «بنينا» الجوية في بنغازي العميد محمد المنفور، أن «خسائر فادحة» لحقت بالمهاجمين. وصرح العقيد مفتاح المقريف قائد حرس المنشآت النفطية التابع لحفتر، بأن المهاجمين قدموا من جنوب بلدة النوفلية، ما استدعى طلب دعم من سلاح الجو، الذي أغارت «مروحية تابعة له من طراز «أم-آي 35» على المهاجين، وتبعتها غارات لمقاتلات «ميغ 23». وأكدت حكومة الوفاق الوطني المدعومة دولياً برئاسة فائز السراج، أن «لا علاقة لها بالتصعيد العسكري في منطقة الهلال النفطي ولم يصدر عنها أي تعليمات أو أوامر لأي قوة بالتحرك نحو المنطقة» لاستردادها من حفتر. وأعلنت إدانتها «الشديدة هذا التصعيد الخطير الذي يحبط آمال الليبيين في حقن الدماء»، محذرةً من أنها «لن تقف مكتوفة الأيدي إذا استمر التصعيد في تلك المنطقة أو غيرها». ودعا مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر في حسابه على «تويتر»، إلى تجنب التصعيد «وضمان حماية المدنيين والموارد الطبيعية والمنشآت النفطية الليبية». وتتشكل «سرايا الدفاع عن بنغازي» من فصائل متطرفة طردتها قوات حفتر من بنغازي، قبل أن يسيطر الجيش في أيلول (سبتمبر) الماضي على موانئ النفط الأربعة في شمال شرقي ليبيا (الزويتينة والبريقة ورأس لانوف والسدرة) التي تؤمن معظم صادرات النفط، بعدما كانت بيد قوة حرس المنشآت النفطية الموالية لحكومة الوفاق بقيادة إبراهيم الجضران. وعقدت المؤسسة الوطنية للنفط أمس، اجتماعاً طارئاً لمراجعة جداول عمليات شحن الخام والإجراءات العاجلة لحماية المنشآت النفطية والعاملين فيها، إثر اندلاع المواجهات.