أصدر الأزهر الشريف إعلان «المواطنة والعيش المشترك» في اختتام مؤتمر حضره ممثلو الطوائف الدينية في الشرق، وأكد المشاركون في الإجتماع، من المسيحيين والمسلمين، أن الأديان كلها براء من الإرهاب بشتى صوره، وأنهم يرفضون أية محاولات من شأنها التفرقة بينهم، وإظهار أن المسيحيين مستهدفون في أوطانهم، وشددوا على أن مسلمي الشرق ومسيحييه «أمة واحدة». وصدر الإعلان فيما السلطات المصرية منشغلة بتطويق تبعات نزوح أكثر من 150 أسرة مسيحية من مدينة العريش بسبب اعتداءات مسلحين تابعين على الأرجح لتنظيم «داعش» الإرهابي على مسيحيين من سكان المدنية، وقتل 7 منهم. وتلا شيخ الأزهر أحمد الطيب «إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك» في اختتام مؤتمر نظمه الأزهر ومجلس حكماء المسلمين في القاهرة على مدى يومين تحت عنوان «الحرية والمواطنة: التنوع والتكامل»، وقال إن المجتمعين في المؤتمر أكدوا ان «المواطنة مصطلح أصيل في الإسلام، وليست حلاً مستورداً، وإنما هو استدعاء لأول ممارسة إسلامية لنظام الحكم». وشدد الإعلان على أن ممارسة المواطنة «لم تتضمن أي قدر من التفرقة أو الإقصاء لأي فئة من فئات المجتمع»، لافتاً إلى أن «المجتمعات العربية والإسلامية تمتلك تراثاً عريقاً في ممارسة العيش المشترك في المجتمع الواحد»، وأوضح أن هذه الثوابت والقيم والأعراف تعرضت ولا تزال تتعرض لتحديات داخلية وخارجية، ولذا فإن الأزهر ومجلس حكماء المسلمين ومسيحيي الشرق يلتقون من جديد على الإيمان بالمساواة بين المسلمين والمسيحيين في الأوطان والحقوق والواجبات، باعتبارهم «أمة واحدة، للمسلمين دينهم، وللمسيحيين دينهم». وأضاف أن «تبني مفاهيم المواطنة والمساواة والحقوق يستلزم بالضرورة إدانة التصرفات التي تتعارض ومبدأ المواطنة، من ممارسات لا تقرها شريعة الإسلام، وتنبني على أساس التمييز بين المسلم وغير المسلم، وتترتب عليها ممارسات الازدراء والتهميش والكيل بمكيالين، فضلاً عن الملاحقة والتضييق والتهجير والقتل، وما إلى ذلك من سلوكيات يرفضها الإسلام، وتأباها كل الأديان والأعراف». وشدد على أن «استبعاد مفهوم المواطنة يؤدي إلى فشل الدول، وفشل المؤسسات الدينية والنخب الثقافية والسياسية، وضرب التنمية والتقدم، وتمكين المتربصين بالدولة والاستقرار من العبث بمصائر الأوطان ومقدراتها، كما أن تجاهل مفهوم المواطنة ومقتضياته يشجع على الحديث عن الأقليات وحقوقها». ودعا الإعلان المثقفين والمفكرين إلى التنبه لخطورة المضي في استخدام مصطلح «الأقليات»، الذي يحمل في طياته معاني التمييز والانفصال بداعي التأكيد على الحقوق. وتابع «أن المجتمعين من المسيحيين والمسلمين في مؤتمر الأزهر يعلنون أن الأديان كلها براء من الإرهاب بشتى صوره، وهم يدينونه أشد الإدانة ويستنكرونه أشد الاستنكار»، مطالباً من يربطون الإسلام وغيره من الأديان بالإرهاب بالتوقف فوراً عن هذا الاتهام. وأكد أن حماية المواطنين في حياتهم وحرياتهم وممتلكاتهم وسائر حقوق مواطنتهم وكرامتهم وإنسانيتهم، صارت الواجب الأول للدول الوطنية التي لا يصح إعفاؤها منها، وأضاف أن الأزهر ومجلس حكماء المسلمين يطمح إلى «تأسيس شراكة متجددة أو عقد مستأنف» بين المواطنين العرب كافة، مسلمين ومسيحيين وغيرهم من ذوي الانتماءات الأخرى يقوم على التفاهم والاعتراف المتبادل والمواطنة والحرية، لافتاً إلى أن هذا الأمر «ليس خياراً بل هو ضرورة حياة وتطور». واختتم البيان بأن «المجتمعين، مسلمين ومسيحيين، يجددون عهود أخوتهم، ورفضهم أية محاولات من شأنها التفرقة بينهم، وإظهار أن المسيحيين مستهدفون في أوطانهم، ويؤكدون أنه مهما فعل ويفعل الإرهاب بيننا في محاولة للإساءة إلى تجربتنا المشتركة، واستهداف مقومات الحياة في مجتمعاتنا لن ينال من عزيمتنا على مواصلة العيش الواحد وتطويره، والتأكيد على المواطنة فكراً وممارسة».