دفعت التطورات الأمنية المتسارعة في مخيم عين الحلوة الفلسطيني شرق صيدا إلى استنفار سياسي وأمني على كل المستويات، فلسطينياًولبنانياً، واستدعت حركة اتصالات واجتماعات ولقاءات مكثفة أجمعت على ضرورة المعالجة الميدانية ووقف سريع لإطلاق النار والنزف الأمني ونزع فتيل التفجير. وكان أبرزها الاجتماع في سفارة فلسطين في بيروت الذي ضم إلى السفير أشرف دبور عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» المشرف العام على الساحة الفلسطينية في لبنان عزام الأحمد وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية والقوى الوطنية والإسلامية ورئيس «الحركة الإسلامية المجاهدة» جمال خطاب وأبو شريف عقل ممثلاً «عصبة الأنصار»، إضافة إلى أمين سر فصائل منظمة التحرير فتحي أبو العردات وأمين سر فصائل التحالف الفلسطينية أبو عماد الرفاعي. وأوضح بيان للمجتمعين أنهم «توصلوا إلى الدعوة إلى وقف النار فوراً في المخيم وتشكيل لجنة مشتركة بصلاحيات كاملة لتثبيت وقف النار، وإلزام كل الأطراف المعنيين هذا القرار، على أن تباشر عملها فوراً». ودان المجتمعون «الأحداث المؤسفة التي شهدها المخيم»، مؤكدين «التمسك بالعمل الوطني الفلسطيني المشترك لحفظ أمن المخيمات والجوار اللبناني، وتعزيز التعاون مع الدولة اللبنانية على كل المستويات السياسية والأمنية». ونوهوا ب «المواقف الوطنية لفعاليات مدينة صيدا الداعية إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المخيم»، مشددين على أن «المخيمات لن تكون مقراً أو مستقراً لأي فرد أو مجموعة تريد العبث بالأمن اللبنانيوالفلسطيني». وجددوا تأكيدهم أن «الفلسطينيين في لبنان هم جزء من الأمن اللبناني وعامل من عوامل الأمن والاستقرار والسلم الأهلي». وكان عزام الأحمد، يرافقه السفير دبور التقيا المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وتناول البحث أوضاع المخيمات الفلسطينية، وبخاصة الوضع الأمني المستجد في عين الحلوة. وفي موازاة اجتماع السفارة عقد اجتماع آخر في عين الحلوة في منزل مسؤول «عصبة الأنصار» أبو طارق السعدي ضم العميد خالد الشايب ونائب قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء منير المقدح وتوصلوا إلى اتفاق قضى بوقف النار فوراً وسحب المسلحين وإزالة كل العوائق والمظاهر المسلحة من شوارع المخيم، وأشرفوا ميدانياً على ما تم الاتفاق عليه. كما تم البحث في إمكان نشر قوة كبيرة من حركة «فتح» والقوى الإسلامية. وعلمت «الحياة» أن السعدي أخذ على عاتقه أن تتولى «عصبة الأنصار» ضبط الأمن في حي الصفصاف، وأبلغ ذلك إلى قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب، خلال اتصال تم بينهما خلال الاجتماع. وكان الاتفاق على وقف إطلاق النار الذي تم التوافق عليه في المخيم مساء أول من أمس، سرعان ما انهار صباحاً، إثر تجدد الاشتباكات بين عناصر من حركة «فتح» وآخرين من مجموعات إسلامية متشددة، تركزت على محور الصفصاف- البركسات في الشارع الفوقاني، استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية وعمليات القنص العشوائي، ما أدى إلى إصابة الطفل عرفات صهيون الذي نقل إلى مستشفى الراعي في صيدا وحاله حرجة، وزياد العلي الذي نقل إلى مركز لبيب الطبي، وماهر دهشة (مواليد عام 1999) الذي نقل إلى مستشفى الهمشري في صيدا، وما لبث أن فارق الحياة. وتحدثت مصادر اخرى عن اصابة 10 مدنيين. كما تسببت الاشتباكات باندلاع حريق بالقرب من جامع الفاروق فيما طاول رصاص القنص المناطق المحيطة بالمخيم في صيدا، ما أجبر المدارس المحيطة على إعادة طلابها إلى منازلهم وإقفال أبوابها. إضافة إلى إقفال جامعات «LIU» و «اللبنانية» والمدارس الثانوية والمتوسطة، ما أدى إلى زحمة سير خانقة في محيط المخيم لجهة السراي. وأفادت المعلومات عن حركة نزوح من المخيم، بسبب الاشتباكات التي دارت على طول الشارع الفوقاني، لا سيما أحياء طيطبا، عكبرة، عرب الزبيد، الصفصاف ومنطقة جبل الحليب. وبعدما تراجعت الاشتباكات ظهراً لتقتصر على إطلاق نار متقطع ورصاص قنص عادت لتشتد عصراً ما أدى إلى إصابة امرأة حامل تدعى مريم عويد وشخص من آل حجير. وسجل شهود عيان استنفاراً لعناصر «فتح» واستقدام عناصر لتعزيز مواقعهم في المخيم. وترافق ذلك مع تدابير أمنية اتخذها الجيش اللبناني عند مداخل عين الحلوة، وأقفلت القوى الأمنية الطرق المؤدية إلى الأوتوستراد الشرقي المحاذي للمخيم بعدما طاوله رصاص القنص. اعتصام أمام جامع الموصلي وظهراً نظمت جمعية «ناشط» اعتصاماً مفتوحاً أمام جامع الموصلي في التعمير استنكاراً للاشتباكات شارك فيه ممثلو فصائل فلسطينية ومجموعة كبيرة من الشباب وأهالي المخيم الذين رفعوا الأعلام الفلسطينية واللافتات التي تدعو «إلى إنقاذ المخيم من الدمار الذي يتعرض له»، مؤكدين أنهم «مستمرون في اعتصامهم المفتوح حتى عودة أجواء الهدوء إلى المخيم»، ومطالبين جميع الفصائل بتحمل المسؤولية والعمل لوقف النار على الفور وسحب المظاهر المسلحة من شوارع المخيم، والتوصل إلى معالجة دائمة للأحداث المتكررة في المخيم. تعليق خدمات الأونروا وتبلغت النائب بهية الحريري من المدير العام للأنروا حكم شهوان الذي التقته في مجدليون، تعليق عمل وخدمات الوكالة التربوية والصحية والاجتماعية بسبب الوضع الأمني. ودان الناطق الرسمي باسم الأونروا سامي مشعشع استمرار أعمال العنف المسلّح التي اندلعت في المخيّم والتي لا تزال تهدّد حياة المدنيين بمن فيهم الأطفال. وأشار إلى أنباء عن «أضرار طفيفة لحقت بإحدى منشآت الأونروا وقيام عناصر مسلحة باقتحام ثلاث مدارس تابعة للوكالة عنوة». وأعلن أنه «نتيجة الاشتباكات العنيفة التي اندلعت ونظراً للأوضاع الأمنية الراهنة، تقرر تعليق كل خدمات الأونروا يومين، إضافة إلى إغلاق مرفقين للصحة والإغاثة في الحي الفوقاني». ودعت الأونروا الأطراف المعنيين إلى «حماية لاجئي فلسطين من الأذى بما يتماشى مع المعايير المرعية الإجراء في إطار القانون الدولي». وحضت «كل القوى المسلحة على احترام حرمة مرافق الأممالمتحدة وحيادها بما يتماشى مع أحكام القانون الدولي واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على سلامة المدنيين بمن فيهم موظفو الأونروا». وقرر وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة وقف الدروس معاهد مهنية ومدارس محيطة بالمخيم «لعدم تعريض الطلاب لأي أخطار نتيجة للقنص الذي يحيط بهذه المؤسسات».