Saudi Signage & Labelling Expo يعود إلى الرياض لدعم الابتكار في سوق اللافتات في المملكة العربية السعودية البالغة قيمته 492 مليون دولار    معالي وزير المالية يشارك في اجتماع الطاولة المستديرة بغرفة التجارة الأمريكية    تجمع الرياض الصحي الثاني : 1552 زيارة لتقديم العلاج الكيماوي لمرضى الأورام في منازلهم    الداخلية: 50,000 ريال غرامة بحق كل مستقدم يتأخر عن الإبلاغ عن مغادرة من استقدمهم في الوقت المحدد لانتهاء تأشيرة الدخول    أمير منطقة جازان: فرص سياحية واعدة تنتظر المستثمرين في جزر فرسان    مدير عام التعليم بالطائف يلتقي بفريق مشروع التحول بالوزارة    بيان مشترك في ختام زيارة رئيس وزراء جمهورية الهند للسعودية    الرئيس التونسي يستقبل المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة    ترند اليوم لا تتذكره غدا في هيئة الصحفيين بمكة    اوقية الذهب تنخفض الى 3357.11 دولارًا    رياح نشطة على أجزاء من عدة مناطق بالمملكة    الأردن يستعد لكشف تفاصيل جديدة عن "خلية الإخوان"    عودة رائد الفضاء دون بيتيت بعد 220 يوما    تدريب الطلبة على اختراق تطبيقات الويب    مصر ولبنان يطالبان بتطبيق القرار 1701 دون انتقائية    عقدا جلسة مباحثات وترأسا مجلس الشراكة الإستراتيجية السعودي- الهندي.. ولي العهد ورئيس وزراء الهند يستعرضان تطوير العلاقات الثنائية    فريق عمل مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية ينهي أعماله    إعلاميون ل"البلاد": خبرة الهلال سلاحه الأول في نخبة آسيا    105 تراخيص جديدة .. ارتفاع الاستثمارات والوظائف الصناعية في السعودية    بديل "إكس" تستعير واحدة من أبرز ميزاتها على منصتها    إطلاق أكثر من 30 كائنًا فطريًا في محمية الملك خالد الملكية    استمرار تحمل الدولة رسم تأشيرة عمالة مشروع «الهدي».. مجلس الوزراء: إنشاء غرفة عمليات لاستقبال ومعالجة بلاغات الاحتيال المالي    السجن والغرامة لمستخدمي ملصقات الوجه على WhatsApp    وفاة إبراهيم علوان رئيس نادي الاتحاد الأسبق    ضربات تُسقط مهربي ومروجي السموم في عدة مناطق    رئيس وزراء جمهورية الهند يغادر جدة    سفراء الوطن يحصدون الجوائز العالمية    مؤتمر مكة للدراسات الإسلامية.. فكر يبني وانسانية تخدم    الاحتلال يُدمر آليات الإنقاذ استهدافًا للأمل في النجاة.. مقترح جديد لوقف الحرب في غزة وسط تصعيد متواصل    أمانة مكة تعلن ضوابط الشهادات الصحية للحج    أمير تبوك يستقبل قنصليْ أفغانستان وكينيا    السفير الرشيدان يلتقي رئيس مجلس النواب الطاجيكي    أمير الرياض يستقبل السفير الإندونيسي    «التواصل الحضاري» يدرّب 89 طالبًا من 23 جامعة    جامعة الملك سعود تحتفي باليوم العالمي للغة الصينية    معرّفات ظلامية    أمير المدينة المنورة يطلع على جهود "الأمر بالمعروف"    النفط يرتفع نحو 2% عند التسوية    «صحي نجران» يُدشن عيادات لعلاج السمنة    المملكة تستعرض تجربتها في تنظيم الطب التكميلي    أسباب الصداع الصباحي وآلام الفك    "هيئة الأدب" تدشن جناح مدينة الرياض في معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    عالم خلف العدسات نعرض حياتنا لا نعيشها    بائع البوظة يؤكد تهافت الرواية التاريخية    نائب أمير الرياض يُشرف حفل السفارة الأمريكية بمناسبة ذكرى اليوم الوطني    7.7 مليار ريال أثر مالي لكفاءة الإنفاق بهيئة تطوير المنطقة الشرقية    ما الأقوى: الشريعة أم القانون    "جامعة جدة" تحتفي بأبطال المبارزة في بطولة المملكة للمبارزة SFC    بنزيما يحظى بإشادة عالمية بعد فوز الاتحاد على الاتفاق    المصادقة على مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية    7 مليارات ريال تمويل القروض الزراعية    موجبات الولادة القيصرية وعلاقتها بالحكم الروماني    أمير الشرقية يرعى حفل تخريج الدفعة ال 46 من طلاب جامعة الإمام عبد الرحمن    رئيس المالديف يستقبل البدير    أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية أفغانستان لدى المملكة    نائب وزير الخارجية يستقبل مساعد وزير الخارجية مدير عام إدارة الشرق الأوسط وأفريقيا بوزارة خارجية اليابان    الرئيس العام للهيئات يلتقي منسوبي فرع المدينة المنورة    قوميز: مواجهة الرياض "نهائي جديد".. ونركز على التفاصيل والخروج بأفضل نتيجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللبنانيات المتزوجات من فلسطينيين أمام «عقدة» التوطين أيضاً
نشر في الحياة يوم 18 - 11 - 2010

الزواج خيار صعب لما يحمله في طياته من مسؤوليات ترمى على عاتق الزوجين، ومن ثم عائلتهما. في السراء والضراء كلمة تلفظ أو تستخدم غيرها من العبارات للإشارة إلى مدى استعداد هؤلاء للتحمل في سبيل إنجاح علاقتهما. وفي حين تصنّف بعض المشكلات التي يعاني منها الأزواج جزءاً من مشكلات الحياة إلاّ أن بعضها الآخر يوحي بظلم لاحق في حق هؤلاء، ظلم قانون أو قدر أو حظ. اللبنانيات المتزوجات من فلسطينيين يرزحون تحت وطأة مشكلة متشعبة تكاد لا تنتهي، فضلاً عن أنها تكبر من يوم إلى آخر. وتتخلل الحياة إشارات تفرقة واضحة، أو في كثير من الأحيان يقف أحد الزوجين أمام حقيقة مرة تتبلور مع مفصل من مفاصل الحياة، على بساطته يحمل الكثير من الدلالات، ويربط وضع عشرات العائلات في وضع أكبر من أن يفهمه أطفال صغار، أو من أن يتحمله راشد، وبخاصة عندما تتفاقم المشكلات وتصبح الجنسية سؤالاً مطروحاً بقوة، إذ حتى لو قُضي أمر المتزوجات من أجانب فإن المتزوجات من فلسطينيين يجدن أنفسهن زوجات «قضية» وإن لم يكن هذا ما سعين إليه.
«زيارتنا سورية عام 2002 كانت نقطة تحول بالنسبة الى أسرتي، افترقت للمرة الأولى عن طفلتيّ عندما ذهبت في ممر خاص باللبنانيين وذهبتا هما مع والدهما في ممر آخر للأجانب على الحدود اللبنانية – السورية. فراقنا لم يتخط الخمس عشرة دقيقة، ومع ذلك عندما التقيت بهما من جديد، تعانقنا عناقاً حاراً ممزوجاً ببكاء متواصل، أنهته ابنتي البكر ربى (11 سنة) قائلة: شعرت أني لن أراك ثانية يا أمي». كلمات قليلة تلخص بها فاطمة درويش، الأستاذة في جامعة القديس يوسف، لحظة تصفها بالصعبة في مسيرة معاناتها بسبب زواجها بفلسطيني.
معاناة بات يدركها العديد من اللبنانيين، وهو ما دفع بنبيل (38 سنة) الى رصد وتوثيق كل الأخبار المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين في لبنان بعد أن علم أن أخته دانا (30 سنة) على علاقة بشاب فلسطيني يتحضر لخطبتها. بعد الخبر الذي نزل كالصاعقة على معظم أفراد العائلة، تولى نبيل «التعبئة العامة» ضد الفلسطينيين خلال مناقشة الموضوع مع الصبية العاشقة، نقاش يبدأ ب «اللي بياخد من غير ملّته بيوقع بعلّته»، وينتهي ب «إنني غير مستعد لأكون خالاً لأطفال بلا حقوق». إذ يحرم القانون في لبنان اللاجئين الفلسطينيين من الكثير من حقوقهم ما يؤثر سلباً في حياتهم اليومية وخصوصاً الأطفال منهم، في مخالفة صريحة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في شكل عام و «اتفاقية حقوق الطفل» في شكل خاص، اللذين يلتزم لبنان بهما.
وعلى رغم أن الدستور اللبناني ينص في مقدمته على أن «... لكل إنسان حق التمتع بكل الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون تمييز... ودون أيّة تفرقة بين الرجال والنساء»، فإن قانون الجنسية في لبنان يميّز بين الرجل والمرأة، إذ أن الأخيرة محرومة من منح الجنسية لأفراد عائلتها.
أصدرت «لجنة المرأة والطفل البرلمانية» برئاسة النائبة جلبرت زوين اقتراح قانون لتعديل المادة 15 من قانون الجنسية الصادر بتاريخ 19 كانون الثاني (يناير) 1925، بإضافة الأم إلى أحكام المادة بحيث تصبح المادة: «يحصل كل طفل يولد من أب أو أم لبنانية على الجنسية اللبنانية». خطوة اعتبرت سابقة نوعية، يُراد بها إصلاح خلل دام أكثر من 83 عاماً، وإنصاف المرأة اللبنانية من ظلم يطاولها وعائلتها منذ عشرات السنوات. خطوة على أهميتها، بقيت منقوصة، لا بل جاءت لتكرّس الظلم اللاحق باللبنانية المتزوجة من فلسطيني حين استثنيت من اقتراح القانون، بحجّة أن إعطاء الجنسية اللبنانية للفلسطينيين المتزوجين من لبنانيات وأولادهم يهدد حق العودة، ويعني التوطين. كما استثنيت المتزوجة من رجل يحمل جنسية دولة لا تُعامل لبنان بالمثل، وكأنه تشديد على ما ستلقاه المتزوجة من فلسطيني الذي «لا وجود لدولته».
وإن كانت المتزوجات من فلسطينيين يتحملن قهر الحياة، في سبيل الحفاظ على عائلاتهن، غالباً ما تكبر مشكلاتهن في حال وقعن في دوامة الحياة، وتحولت إحداهن من متزوجة إلى أرملة أو مطلّقة، وتقول ملك (48 سنة، مطلقة من فلسطيني): «زوّجت بناتي الثلاث من لبنانيين تجنباً للمعاناة التي خبرتها خلال زواجي الذي دام 35 عاماً، وانتهى بالطلاق. كنت أعارض زواجهن من فلسطينيين، لأني خبرت الظلم الذي يلحقه بنا المجتمع، لديّ أيضاً شابان، لا يعملان بسبب القيود الموضوعة على عمل الفلسطيني، إنه الظلم يلحق بنا من كل حدب وصوب. أسعى وولداي منذ سنوات عدة للسفر إلى إحدى الدول الأوروبية، أتمنى أن تنجح الهجرة، وأخشى أن يرفض ولدي الكبير السفر لأن قلبه معلّق بلبنان بعد أن أُغرم بفتاة لبنانية، يرفض أهلها بشدة إمكان ارتباطه بها، وأؤيدهم في ذلك». وتضيف مبتسمة: «والله وقتها (حين تزوجت)، ما طلع بوجهي غيرو، لو كان في شي عريس لبناني ما قلت لأ، بس شوفتو وحبيتو شو بعمل».
وبحسب «مركز الأبحاث والتدريب حول تنمية المرأة» في دراسة سابقة حول عدد اللبنانيات المتزوجات من أجانب ومقيمات في لبنان، تبيّن أن المتزوجات من فلسطينيين يأتين في المركز الثاني عشر ب1,1 في المئة. وأظهرت دراسة حديثة صدرت في عام 2009 عن «اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة»، قامت بها الباحثة الدكتورة فهمية شرف الدين، المشاكل التي تعانيها أسرة المرأة المقترنة بأجنبي في لبنان في شكل عام، والمقترنة بفلسطيني في شكل خاص، وتتمثل في صعوبة تأمين عمل كريم للزوج والأولاد، ومشاكل الإرث وحق التملك والتعليم واختيار مجالات التخصص العلمي والطبابة والهندسة وصعوبة الحصول على الإقامة... وغيرها من المشكلات.
وخلال فترة 14 سنة (بين عامي 1997 و2009)، وبحسب مراجع عقد الزواج تبيّن الدراسة أن هناك 35,3 في المئة من النساء المسلمات المتزوجات من غير لبنانيين تزوجن من فلسطينيين، و19,3 في المئة من سوريين، و8,1 في المئة من مصريين، وبالنسبة إلى المسيحيات هناك 30,5 في المئة منهن تزوجن من سوريين، و6,9 في المئة منهن من فلسطينيين، وتوزعت النسب الباقية على دول عربية وغربية.
هذا التناقض الواضح بين أرقام الدراستين توضحه منسقة حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي»، رولا المصري، وتقول: «لا يمكن الدخول إلى دائرة الأرقام في ما يخص الحق، فالحق يعلو على الاعتبارات الديموغرافية والطائفية والمذهبية والسياسية كلها. ثانياً إن الثغرة الرئيسة في الدراسة الأولى كانت أن المعطيات جاءت وفقاً لمصادر الأمن العام فقط، لكن، من المعروف أن الكثير من الزيجات لم ترد الى سجلات الأمن العام مثل زواج اللبناني من فلسطينية أو العكس، والثغرة الأساسية في الدراسة الثانية أنها تمت خلال 14 عاماً وتجاهلت فترة سابقة وطويلة من الزمن».
وتضيف المصري: «هناك ظلم كبير يطاول المرأة المتزوجة بأجنبي إذ يعاقبها القانون على اختيارها، متجاهلاً الحق بالمساواة بين المرأة والرجل». وتنتقد المصري بعض السياسيين الذين يظلمون المرأة اللبنانية المتزوجة بأجنبي بتصريحات من قبيل: «موارد لبنان وكثافته السكانية لا تحتمل» و «المطرح ما بيساع»، و «إن هناك خللاً من الناحية الديمغرافية سينشأ». وتخلص: «آن الأوان ليعيش الناس بكرامة في لبنان نساءً ورجالاً من خلال فك الحقوق عن التجاذبات السياسية».
هي المشكلة نفسها تنتقل من جيل إلى آخر من دون أن يظهر أي أفق حل محتمل، ويقول المحامي نزار صاغية: «المشكلة الأساسية، أننا نعيش في دولة مجاملة، فكل السياسيين يجاملون بعضهم بعضاً أو يجاملون الناس». ويعتبر إحالة مشروع القانون العام الماضي كان يندرج تحت البند نفسه من المجاملات لأنه «طُرح بصيغتين: صيغة تستثني اللبنانية المتزوجة من فلسطيني، وأخرى لا تستثنيها».
ويضيف صاغية: «إذا كانت جماعة من الناس تعيش ظروفاً أكثر صعوبة يجب إعطاؤهم الأولوية وليس استثناءهم دائماً. ووضع الطفل الفلسطيني لأم لبنانية مماثل، كطفل لا يحمل جنسية من والده، ومحروم من أخذ جنسية والدته اللبنانية، بينما معظم الأطفال الآخرين يحملون جنسية دولة أخرى وهم بالتالي أقل حاجة للجنسية اللبنانية».
وعن الخشية من الزواج الصوري (بهدف الحصول على الجنسية فقط) في حال إقرار القانون، يقول صاغية: «يتعارض ذلك مع المنطق بخاصة في حال الولادة، لأن الأمومة بحد ذاتها ترتقي عن هذا التخوّف، وإن كانت النية قائمة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.