مثلما يدفع الجوار بعض الأقارب إلى الدخول في دائرة الصراع مع أقاربهم وتعليق شماعة الخطأ على معطيات العصر الحديث، إلا أن الحنين يشد الأبعدين من ذوي الأرحام بعضهم إلى بعض، مستغلين كل فرصة تتهيأ للم الشمل المتناثر وإعادة روح التواصل وبناء العلاقات التي تقهقرت أمام حدود الدول ولو من خلال دائرة الأقدار. مخيمات دول أفريقيا غير العربية جمعت بين أروقتها خلال موسم حج هذا العام من دون اتفاق مسبق حجاجاً ينتمون إلى قبيلة «الكانوري» الأفريقية الممتدة بطونها في أربع دول تشمل نيجيريا والسودان وتشاد والكاميرون. وكان ثلاثة آلاف حاج من مسلمي نيجيريا ينتمون إلى القبيلة ذاتها قرروا التوجه إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج، بيد أن وجودهم في المشاعر المقدسة طوال أيام الحج لم يكن أمراً عادياً بالنسبة إليهم، فإلى جانب أداء الفريضة فتح أمامهم مجال التواصل مع أقاربهم في مخيمات بعثات الدول التي لا يفصلها سوى بضعة أمتار. وقال زعيم قبيلة الكانوري القادمة من نيجيريا أبوبكر إبراهيم الذي تم اختياره بالانتخاب في ما بينهم ليتولى تسيير أمور حجهم لإجادته العربية بطلاقة: «وصل الإسلام إلى بلادنا في عهد الخليفة عمر بن الخطاب بواسطة التجار المسلمين، ومن المرجح يعود سبب كثرة أعدادنا التي وصلت إلى 12 مليون نسمة موزعين في نيجيريا والكاميرون وتشاد والنيجر إلى تعدد الزوجات (مثنى وثلاث ورباع) إضافة إلى أن نسبة الطلاق منخفضة وقد تكون نادرة بين أبناء قبيلتنا إلى حد ما، وعلى رغم ذلك تقابل هذه النسبة العالية من الزيجات، نسبة مماثلة في العنوسة». وفي هذا الصدد، تابع: «من العادات والتقاليد المتوارثة منذ عصر أجدادنا أن الفتاة هي الملزمة بدفع كلفة الزواج كي تحظى بزوج يحفظها ويؤمن لها المستقبل». ومضى متحدثاً: «نتحدث لغة الكانوري التي تنتمي إلى اللغات النيلية الصحراوية، ونحن نحترم تاريخنا الإسلامي ونطمح إلى العيش السلمي مع القبائل الأخرى وأتباع الديانات المختلفة في بلادنا». وأضاف الحاج (الكانوري): «يسموننا في لغة الهوسا «بِري بِري»، ويطلق علينا السكان المحليون اسم (يروا)»، لافتاً إلى أن مجموعة منهم أبناء عمومة يلتقون في «الجد الثالث»، إذ ليس من المستغرب أن تجد أحدهم تشادياً والآخر من السودان والثالث من الكاميرون، وللتواصل بينهم يلزمهم قطع آلاف الأميال والتنقل بين الدول وفق إجراءات رسمية معيّنة ذابت أمام موسم الحج الذي جمعهم في إطار جغرافي أسهم في تفعيل صلة الرحم التي كادت أن تندثر مع مرور الوقت. «الكانوري»... «مجموعة أفريقية» فرقتها الحدود وجمعتها «المشاعر»