لئن مضى على صدورها أكثر من خمسة أعوام، فإن رواية «بنات الرياض» للروائية السعودية رجاء الصانع لا تزال حاضرة في أعمال الكتاب والفنانين، باعتبارها نموذجاً حيّاً للتجارب الجديدة في المشهد المحلي. ولذا لم يجد أحد التشكيليين وهو الفنان عبدالله إدريس بدءاً من توظيفها في أعماله «الكتب» التي قدمها في معرض «استعارات» الثالث، الذي أقيم أخيراً في أتيله جدة للفنون الجميلة، بمشاركة فهد الحجيلان وسامي مرزوقي وهاشم سلطان. عبّر المعرض عن اشتغال على لعبة جديدة في إخراج الكتاب، من يدي القارئ إلى سطح اللوحة، وليقدم أفكاراً مغايرة في صناعة الفن التشكيلي الجديد. ولم يكن الفنان فهد الحجيلان حائراً ليختار كيف يصبغ الألوان، فهو في كل حالاته الذاتية والفنية معجون باللون، ممسكاً بأطراف الحدود من البدء ببياض اللوحة إلى حين امتلائها بإشراقة اللون، ومن مرحلة التشخيص والتلوين الموضوعي إلى مرحلة التجريد اللوني، الذي اكتشف الفنان ذاته الفنية عبر تشكيلاته، متقشفاً نحو الفراغ اللامتناهي. ومن مناخ الطب إلى حرفة الفن والثقافة يقدم الفنان سامي المرزوقي عمله الفني، برؤية ثقافية ونقدية لافتة حتى يجد نفسه منحازاً للمنحى الثقافي والفني، وباستمرار يمارس بناء لوحته من خلال ذاته الفنية والشخصية ويخوض تجربته الجديدة التي يقدمها في معرض استعارات، لتؤكد دأبه على البحث والتجريب للوصول إلى عمل أكثر معاصرة خارج حدود اللوحة التشكيلية التقليدية. في حين جاءت تجربة الفنان الراحل هاشم سلطان كعادتها «فجائية» مدوية، وقد أراد لها هذه الولادة لكنه لم يعلن عنها بضجيج إعلامي أو دعاية مزيفة. فقد كان صادقاً كعمله الممتلئ بالوضوح والعفوية والتلقائية، ممسكاً بخامة من الواقع المعاش و ليحولها إلى فكرة ورؤية جمالية، تحمل مضامينها ودلالاتها المختلفة.