يتوقع قطاع الاتصالات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استثمارات ضخمة خلال سنوات بفضل العوامل الديموغرافية والاقتصادية في المنطقة. فالعوائد الجيدة التي تحققها شركات الاتصالات جعلت منها محط أنظار شركات الاتصالات ومجموعات الاستثمار العالمية، من آسيا وأوروبا والأسواق الناشئة. واعتبرت شركة «المزايا القابضة» الإماراتية ان مثل هذه العوائد تضمن تدفقات نقدية مغرية في ظل اقتصاد عالمي متباطئ ويعاني من تراجع مستويات الثقة وشح في مصادر التمويل، إذ ان التدفقات النقدية السليمة تضمن الحصول على تمويلات مصرفية واستثمارات وبالتالي تحقيق مزيد من النمو في قطاع ضخم يحقق أصلاً نمواً يتجاوز 20 في المئة سنوياً. وأشار تقرير صدر أخيراً عن مؤسسة «برايس واتر هاوس كوبرز» الأميركية الى ان سوقي الاتصالات في أفريقيا والشرق الأوسط أصبحتا بارزتين في شكل لافت، ما يرشح الشركات العاملة في السوقين لتحقيق اندماجات وصفقات كبرى. ولاحظ التقرير ان الاستثمار في الخليوي وشبكاته والخدمات المضافة المرتبطة بها من محتوى واتصال بالإنترنت، سيلعب دوراً كبيراً في المساهمة بالنمو المتوقع في حجم الصفقات والاستثمارات في البنية التحتية اللازمة. وبينت «المزايا» في تقرير ان الاستحواذات في قطاع الاتصالات لا تزال تشكل نسبة مهمة من الاستحواذات الإجمالية، متوقعة ان تشهد المنطقة مزيداً منها، خصوصاً في الأسواق ذات التعداد السكاني الكبير مثل مصر والسعودية ودول أفريقية. وشدد تقرير «المزايا» على ان شركات الاتصالات الكبرى في المنطقة، مثل «زين» الكويتية و«اتصالات» الإماراتية و«الاتصالات» السعودية و«كيوتل» القطرية و«أوراسكوم» المصرية وغيرها، باتت من أهم الشركات التي تجري عليها صفقات، سواء للاستحواذ أو الشراء أو الاندماج. ولفت إلى ان «زين» تستقطب اهتمام الأسواق حالياً بعد عرض شركة «اتصالات» الاستحواذ على حصة مسيطرة فيها، خصوصاً ان «زين» انتهجت نهجاً توسعياً وأسست خلال السنوات الماضية شبكات للاتصالات في الكويت والسعودية والأردن وبلدان أخرى عربية وأفريقية (ست دول في الشرق الأوسط و14 في أفريقيا) فيما دفعت «زين» ستة بلايين دولار للحصول على رخصة المشغل الثالث في السعودية. ويشهد قطاع الاتصالات عمليات استحواذ ضخمة، منها صفقة استحواذ مجموعة «فيمبلكوم» الروسية على شركة «أوراسكوم» المصرية. ولاحظ التقرير الأسبوعي ل «المزايا» ان اندماج «فيمبلكوم» و«ويذر إنفستمنتس»، المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس والتي تملك «أوراسكوم»، سيؤدي إلى نشوء شركة اتصالات عالمية عملاقة تعد خامس أكبر شركة اتصالات خليوية في العالم لجهة عدد المشتركين، مع إيرادات تشغيلية بلغت 21.5 بليون دولار، ما سيمكنها بالتالي من الاستثمار بكثافة في أسواق قائمة وأخرى جديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبمقتضى الصفقة المقترحة، ستملك «فيمبلكوم» عبر «ويذر» 51.7 في المئة من «أوراسكوم»، ومئة في المئة من شركة «ويند» للاتصالات الإيطالية. وتعد هذه الصفقة أكبر صفقات العام بين مشغلي الاتصالات في العالم. وأشارت «المزايا» إلى ان الخليج يشهد الإعداد لصفقة خليجية خالصة مع نية «اتصالات» الإماراتية الاستحواذ على حصة مسيطرة في «زين» الكويتية، إذ حددت «اتصالات» مهلة زمنية لاكتمال عملية الاستحواذ شرط تحقيق متطلبات الفحص الفني وبيع «زين» حصتها في «زين» السعودية لجهة ما قبل إتمام الصفقة، ف «اتصالات» تعمل في السعودية من خلال شركة «اتحاد اتصالات» (موبايلي). وكانت الشركة الإماراتية عرضت في نيسان (أبريل) 1.7 دينار كويتي (ستة دولارات) للسهم لشراء حصة نسبتها 46 في المئة في زين (بالإضافة إلى القوة التصويتية لأسهم الخزانة) مما يقدر قيمة الصفقة بأقل بقليل من 12 بليون دولار، فيما وقعت «مجموعة الخرافي» و «اتصالات» اتفاقاً حصرياً لبدء عملية الفحص الفني. يُذكر ان «زين» باعت أصولاً أفريقية لمستثمرين هذه السنة، واستكملت بيع أصولها في أفريقيا لشركة «بهارتي» الهندية في مقابل 10.7 بليون دولار، مع احتفاظها بأسواق قوية في المنطقة. وفي آذار (مارس)، توصلت «بهارتي» الى اتفاق لشراء نشاطات «زين» في 15 دولة أفريقية، في ثاني أكبر صفقة استحواذ خارجي في الهند بعد شراء «تاتا ستيل» الهندية «كوروس» الأوروبية بمبلغ 13 بليون دولار عام 2007. وتراجعت أرباح «زين» إلى 195 مليون دينار كويتي نهاية عام 2009، أو بنسبة 39 في المئة عما تحقق عام 2008. وكانت «كيوتل» استحوذت على 51 في المئة من «الوطنية للاتصالات» الكويتية في صفقة اعتبرت الأكبر في الخليج حينئذ، فيما استحوذت «الاتصالات» السعودية على 35 في المئة من «أوجيه تليكوم» السعودية. واعتبر تقرير «المزايا» ان التدفقات النقدية القوية وتوقعات النمو الكبير في أسواق قوية في أفريقيا والشرق الأوسط تدفع المصارف والمؤسسات المالية والتمويلية إلى التسابق على تمويل مثل هذه الصفقات، بالإضافة إلى وجود صناديق استثمارية ضخمة تبحث عن فرص قوية في الأسواق الناشئة. وأشار إلى ان هذا الوضع يجعل صفقات الاندماج في الهند والبرازيل تصل إلى 56 بليون دولار و41 بليوناً على التوالي.