شهد قطاع غزة اخيراً ارتفاعاً ملحوظاً في الانتهاكات الحكومية لحرية الصحافة والعمل السياسي، في وقت تلقّت أمين سر مجلس ادارة المعهد الفلسطيني للاتصال والتنمية، الكاتبة والصحافية المعروفة أسماء الغول تهديداً مباشراً بالقتل من مجهول عبر رسالة الكترونية وصلت إلى مدونتها. وقالت الغول التي تعمل ايضاً مراسلة لمركز «سكايز» من أجل الدفاع عن الحريات الاعلامية والثقافية في العالم العربي ويتخذ من بيروت مقراً له، انها تلقت على مدونتها على الانترنت رسالة وقّعها المرسل باسم «مصيرك» وتضمنت «تهديداً بالقتل وألفاظاً نابية يعجز لساني عن ذكرها». وجاء في الرسالة التي حصلت «الحياة» على نسخة منها: «أسماء، مصيرك (أجلك) اقترب... وإبنك سيشاهد هذا وينتحر، وستجلبين له العار ولأهلك، لا تفكري حالك شاطرة (ذكية)، المرة هادي حتنحرقي كمان (هذه المرة ستُحرقين ايضا) وكلامي مش غبار ووقته اقترب كثيراً، شوهتي صورة الشعب الفلسطيني والمرأة الفلسطينية». ونشرت الغول نص التهديد على مدونتها وصفحتها على الموقع الاجتماعي «فيس بوك» بعدما حذفت منه سطراً بذيئاً جداً يتضمن ألفاظاً نابية. كما توجهت بشكوى أمس الى شرطة مدينة غزة (شرطة العباس) التي شرعت التحقيق في التهديد. ويعتبر هذا التهديد تطوراً خطيراً في الساحة الصحافية في القطاع، في وقت تتركز أنظار العالم على تزايد وتيرة التطرف والفكر السلفي المتشدد في ظل مناخ واجراءات تعسفية ضد المرأة والحريات العامة. وعقد المعهد الفلسطيني اجتماعاً بحث خلاله في هذه التهديدات، وقرر اتخاذ عدد من الاجراءات، فيما وضع مركز «سكايز» رسالة التهديد في «عهدة وزارة الداخلية» في الحكومة المقالة في غزة والأجهزة الأمنية التابعة لها، وطالبها «بكشف مرسلها ومن وراءه بأقصى سرعة»، كما طالب «بتأمين الحماية اللازمة للزميلة أسماء الغول وأفراد عائلتها». في غضون ذلك، احتجز جهاز الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية في الحكومة المقالة الوزير السابق أستاذ العلوم السياسية في جامعة الازهر الكاتب الدكتور إبراهيم ابراش لست ساعات في مكتب تابع للجهاز في مدينة غزة الخميس الماضي. وقال إبراش ل «الحياة» أمس إن ضابط الأمن طلب منه «عدم توجيه انتقادات الى حماس أو حكومتها في مقالاته نظراً لتعرضها الى هجمة»، كما طلب منه «التوقيع على ورقة أتعهد فيها بعدم انتقاد الحركة، إلا أنني رفضت». ووصف ما حصل معه بأنه «محاولة لتكميم الأفواه وفرض رأي واحد»، معتبرا أن ذلك «يتعارض مع أبسط قواعد حرية الرأي والتعبير والديموقراطية التي ادعى ضابط الأمن أن الحكومة تمارسها». وفي السياق نفسه، استدعى جهاز الأمن الداخلي في غزة عضو المكتب السياسي ل «جبهة النضال الشعبي»، منسق اللجنة التنظيمية لهيئة العمل الوطني في القطاع محمود الزق لمقابلته اليوم. وقال الزق ل «الحياة» إنه يرفض استدعاءه ولن يتوجه الى مكتب الأمن الداخلي في أبو خضرا في غزة. واستهجن «هذا السلوك لأنه خروج عن الأعراف والتقاليد الوطنية، فأنا مسؤول في تنظيم، ويجب أن تتم العلاقة معي بالصفة السياسية». وعزا استدعاءه الى «تصريح صحافي» أدلى به الخميس ندد خلاله برفض الحكومة المقالة السماح لهيئة العمل الوطني بتنظيم مهرجان لاحياء ذكرى السادسة لرحيل الرئيس ياسر عرفات. اما في الضفة الغربية، فقال منتدى الاعلاميين الفلسطينيين أمس إنه فوجىء «بتواصل حملات الاستدعاءات الأمنية للصحافيين الفلسطينيين، وآخرها استدعاء الصحافي قيس ابو سمرة، مراسل صحيفة الحقيقة الدولية، الى مقر جهاز المخابرات في مدينة قلقيلية» قبل أيام «للتحقيق معه في شأن عمله الصحافي وعلاقاته وكتاباته والأخبار التي ينشرها ومصادرها». وكان أبو سمرة تعرض الى انتهاك مماثل في الرابع من الشهر الجاري. ودان المنتدى بشدة «مواصلة الأجهزة الأمنية في الضفة ممارستها التعسفية في ملاحقة الصحافيين من دون أي مسوغ قانوني»، مشدداً على أن «الصحافيين هم رأس الحربة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي». واكد أن «الحق في حرية العمل الإعلامي وحرية الرأي والتعبير مكفول دستورياً ووفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان». وشدد على أن «حرية الصحافة يجب أن تُمنح لكل الصحافيين في الضفة وقطاع غزة»، داعياً الفصائل الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية الى «تحمل مسؤولياتها للدفاع عن الصحافيين ووسائل الإعلام».