توجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس، إلى فلوريدا لقضاء عطلة في الأسبوع الأكثر صعوبة له في البيت الأبيض منذ توليه منصبه في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي. ويشكل الهروب إلى فلوريدا فرصة لترامب للراحة والتقاط أنفاسه بعدما بلغ ذروة التوتر في تعامله مع الأجهزة ووسائل الإعلام وأعضاء الكونغرس، في ظل الفضائح المتنامية حول الاتصالات مع روسيا التي أدت إلى استقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين وانسحاب المرشح لوزارة العمل أندرو بازدر ورفض الأميرال روبرت هاروارد دخول البيت الأبيض. ولم تكن المهمة أسهل بالنسبة إلى سائر أعضاء الإدارة، خصوصاً الفريق المؤلف من مايك بنس ووزيري الخارجية والدفاع ريكس تيلرسون وجيمس ماتيس الذي أجرى في ألمانيا الاتصال الأول من نوعه مع «الحلفاء الأوروبيين»، في اجتماع مجموعة العشرين ومؤتمر ميونيخ للأمن، حيث حذرت ألمانياالولاياتالمتحدة من عواقب المساس بتماسك الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي أو السعي إلى التقارب مع روسيا بشكل أحادي. كما شددت على وجوب الامتناع عن جعل مكافحة الإرهاب «جبهة ضد الإسلام والمسلمين». وأتى المؤتمر الصحافي الصاخب لترامب والذي استمر 77 دقيقة مساء الجمعة ليزيد الطين بلة، ويطرح أسئلة بين الجمهوريين عن مستقبل الإدارة وإيجاد مخرج من حال الإحراج والفوضى، مع هبوط مستمر في شعبية الرئيس ووصولها إلى نسبة 39 في المئة كما أظهر استطلاع «بيو». ويمضي ترامب عطلة الأسبوع في منتجع «ويست بالم بيتش» حيث يراجع خياراته، فيما بدأ خصومه في الكونغرس التحضير لجلسات استماع حول الاتصالات مع روسيا واحتمال استدعاء فلين لمساءلته، مع تأكيد مسؤولين في مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) لصحيفة «واشنطن بوست» أن المستشار المخلوع كذب على المحققين الشهر الماضي، حول طبيعة اتصالاته مع السفير الروسي سيرغي كيسلياك، ما قد يثير ملاحقة جرمية في حال وافقت وزارة العدل. وأتى رفض الأميرال هاروارد أن يشغل منصب مستشار الأمن القومي خلفاً لفلين لأسباب تتعلق ب «الشلل والانقسامات» في البيت الأبيض، ولعدم إعطائه ضمانات بتغيير الفريق وطرد شخصيات عيّنها سلفه، ليعكس عمق الأزمة في الفريق الرئاسي. وقالت مصادر إن فريق ترامب ينظر في رصيد جنرالين للمنصب، قد يكون أحدهما الجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس. إلا أن مصادر أخرى أكدت ل «الحياة» أن بترايوس أبدى «تحفظات كثيرة» عن تولي المنصب، بعد لقائه ترامب مطلع الأسبوع الماضي، بسبب التشرذم والتنافس في مجلس الأمن القومي بين مستشار ترامب اليميني ستيفن بانون وكبير موظفي البيت الأبيض رينس بريبوس، وضياع بوصلة القيادة الاستراتيجية في الرئاسة الأميركية. وأشارت مصادر إلى أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون يشعر بأنه «مهمش» وهناك أسئلة من الكونغرس حول دوره وغيابه الملحوظ خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. ونقلت صحيفة «بوليتيكو» عن مصادر مقربة من السناتور الجمهوري تيد كروز سؤاله من يتولى السياسة الخارجية، «تيلرسون أم جاريد كوشنر» وهو صهر الرئيس ومستشاره الذي أشرف على زيارة نتانياهو. أما السناتور جون ماكين، فقال أمام الصحافيين: «لا نعرف من يتولى زمام القيادة». ويحاول الديموقراطيون البناء على حال الفوضى بالضغط لفتح تحقيقات حول ملف ارتباطات ترامب ومستشاريه بروسيا، واستدعاء فلين للمثول أمام الكونغرس. وأبدى بعض الجمهوريين بينهم السناتوران ليندسي غراهام وبوب كوركر انفتاحاً على هذه الأفكار. في المقابل، يسعى الجمهوريون إلى التوفيق بين مصالحهم في الضغط على ترامب أمام موجة الاستياء العامة، وفي الوقت ذاته دعمه والتعاون معه لإقرار قوانين هم بأمس الحاجة إليها مثل إلغاء «أوباما كير» وخفض الضرائب. وتبدو هاتان الخطتان عالقتين في الكونغرس بسبب خلافات وفشل ترتيب البيت الداخلي في فريق ترامب.