ساهم صدور أول مجموعة شعرية بالإنكليزية لعمر صباغ بعنوان «أول شكوى أوديبية لي على الإطلاق» في تكريس هذا الشاعر اللبناني البريطاني البالغ 29 سنة. شاعر ذو موهبة جديدة لافتة وجريئة ومثيرة. وكانت لرئيس الوزراء اللبناني السابق فؤاد السنيورة كلمة على الغلاف الخلفي أثنى فيها على هذه المجموعة وجاء فيها: «لقد استمتعتُ إلى أقصى الحدود بقراءة الكتاب. أنا أنصح كلّ شخص يرغب في قراءة شعر نابع من روح الجنوب ومنحوت على يد فنان إنكليزي أصيل أن يقرأه». أصدرت دار «سينامون بريس» التي تقع في بلانو فيستينيوغ في مدينة ويلز هذه المجموعة الشعرية. وقد كتب عمر القصائد الست والخمسين التي تضمها المجموعة بين صيف 2006 وشتاء 2009-2010. وكتب محرر مجلة «ذا ريدر» فيليب ديفيس من جامعة ليفربول على الغلاف الخلفي للمجموعة: «عمر صباغ هو شخصية مميّزة وصوت قوي: إنه شاعر شاب يستحق الاهتمام». أما الشاعر والمحاضر مارتين كروسيفيكس فرأى أنّ صباغ «يكتب بطريقة رائعة حول الابتعاد عن الوطن والعائلة: حتى أنّ قصائد الحب تعكس اضطراباً، ما يجعله يتميز بإحساس مرهف عصري». حين سألته صحيفة «الحياة» إن كان ينوي ترجمة قصائده إلى العربية أجاب عمر: «لم أفكر في ترجمتها بعد لكنني منفتح على هذا الاحتمال»، مضيفاً: «عملتُ على تأليف هذا الكتاب حتى أمضي عمراً. فهذا ما يسميه تي أس إيليوت «المعادل الموضوعي» لمراهقتي الطويلة، أي عملية تجسيد لفترة معيّنة من الألم الكبير بين غلافين». وتابع الشاعر قائلاً: «لقد وقّعت مع دار نشر «سينامون» عقداً لإصدار مجموعة ثانية قد تحمل عنوان «جذر بيروت التربيعي» في شهر شباط (فبراير) 2012». رحل والدا عمر محمد ومهى صباغ عن لبنان عام 1975 بعد اندلاع الحرب الأهلية واستقرا في لندن حيث ولد عمر. لكنهما عادا قبل أربع سنوات للعيش في لبنان. وقد أهدى عمر مجموعته إلى والده وإلى امرأة غامضة عرّف عنها بحرف «س» ويبدو أنها تركت أثراً كبيراً في نفس هذا الشاعر. أما النصف الثاني من المجموعة فعنوانه: «هياتوس حياتي: لأجل س». تحمل القصيدة الأولى المؤثرة التي أهداها الشاعر إلى محمد صباغ عنوان «حب والد». وجاء في مطلعها: «دعوني أتذكره، دعوني أتذكر ذلك الطاعن في السن الذي تبدو عليه أمارات مرور الزمن كما تبدو على الشجرة، دعوا أصداء صوته تذكّرني بالطريق إلى المنزل. وفيما أحوّل ناظريّ باتجاه الزجاج سأرفعهما إلى حبّ الوالد». تحمل قصائد كثيرة في المجموعة إهداءات شخصية إلى أعضاء العائلة أو إلى الأصدقاء. وتمّ إهداء قصيدة «سهل الانقياد» إلى «جديّ اللذين لم ألتق بهما يوماً». وتحيل قصائد إلى لبنان مباشرة. فتبدأ قصيدة «ظهور رولا» على النحو الآتي: «تخيّل تلك المرأة العارية بيروت، ببشرتها الحجرية، لؤلؤة صفراء، ترخي الشمس بأشعتها عليها». ليس سهلاً أن يثبت شاعر ناشئ نفسه إلا أنّ عمر نجح في أن يتمّ نشر قصائده في أعرق المجلات الأدبية البريطانية مثل: «أجندة» و«ستاند» و«أنفوا» و«ذا ريدر» و«بويتري ريفيو» و«بي أن ريفيو» و«بويتري ويلز» و«ذا وورويك ريفيو». ويضمّ آخر عدد من مجلة «بانيبال» المتخصصة في الأدب العربي والصادرة في لندن مختارات من مجموعته. يقول صباغ: «ورثت موهبتي الأدبية عن عائلة والدتي. كانت والدتي تحب الأدب الإنكليزي ونقلت إليّ حب القراءة في سنّ مبكرة». وقد قدّمت إليه مؤلفات جين أوستن وشارلز ديكينز ليقرأها حين كان في سن الحادية عشرة. ويضيف: «كانت جدتي المرحومة تدرّس أدب الأطفال في الجامعة الأميركية في بيروت، أما خالي فكان تاجر تحف فنية وفناناً أيضاً». وإلى كونه شاعراً، عمر طالب يوشك على الانتهاء من مراجعة أطروحة الدكتوراه في كلية كينغز في جامعة لندن حول موضوع القصة والوقت في مؤلفات فورد مادوكس فورد وجوزيف كونراد. نال شهادته الأولى في الفلسفة والسياسة والاقتصاد من كلية إكستر في جامعة أوكسفورد ومن ثمّ حاز شهادة ماستر في الأدب الإنكليزي. ثم حاز شهادة ماستر ثانية في الكتابة الإبداعية من كلية غولدسميث في جامعة لندن، وباشر العمل في الوقت نفسه على أطروحة الدكتوراه في كلية كينغز. وهو يعمل حالياً للحصول على شهادة ماستر ثالثة في الفلسفة من كلية بيركبيك في جامعة لندن. درس في كلية غولدسميث مع الشاعرة الحائزة جائزة فيونا سامبسون التي كتبت عنه قائلة: «يتمتع هذا الشاب بقدرات هائلة وأنا أظنّ أنه ظاهرة عبر الثقافات مثيرة للاهتمام. ولست أقصد ذلك بطريقة رمزية بل أقصد الطريقة التي يعبّر فيها عن التربية الغربية الليبرالية وتجربته الخاصة. إنه يكتب أنواعاً مختلفة وليس الشعر فقط. إنه شاب بارع ومليء بالحيوية ودقيق. وأنا أنصح بشدة بقراءة أعماله».