الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    فرصة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «آثارنا حضارة تدلّ علينا»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أرصدة مشبوهة !    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إطلالة على الزمن القديم    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    فعل لا رد فعل    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هاني نقشبندي: لا أدافع عن المرأة ...لكنني أحرِّضها على رفع الظلم!
نشر في الحياة يوم 09 - 11 - 2010

عندما نقف أمام كتابات هاني نقشبندي أشد ما يلفت انتباهنا حرصه على المضمون المختلف عما هو سائد، بغيته الوصول إلى سبر أغوار القضايا لا معالجتها بطريقة سطحية والوقوف على القشور، وهو هنا يدعو الرقيب إلى أن يكون أكثر وعياً في تناول كل رواية، ويرى القنوات الدينية تخلق استسلاماً لدى المتلقي فكثير من كتب الدين ترتكب الجرم ذاته عندما تصور الدنيا كدار كفر وإلحاد والتمسك بها خطأ، كما يرى أن «الثقافة لا تحتاج إلى مؤسسات رسمية لتحميها أو توفر الرعاية للأدب، الثقافة تحتاج إلى وعي اجتماعي وهامش من الحرية، المؤسسات الثقافية الرسمية مسيسة والرقيب هو جزء من الدولة، فكيف للثقافة أن تتطور وهي تحت سيف الرقيب؟». لا يؤمن بالناقد لأنه رجل يقف حائلاً بين القارئ والعمل الأدبي، الناقد الحقيقي والوحيد الذي يعترف به هو القارئ نفسه، كم دمر النقاد أسماء كانت تستحق النجاح، وكم أعلوا شأن من لا يستحق، يرى أن المؤسسة السياسية تتسم بالعقل أكثر من الذين يصرخون في وجهك ويصفعونك بألسنتهم باسم الدين، ويؤكد أن من طمس تاريخ العرب في الأندلس هو نحن لا اليهود، فمن يعيد التاريخ العربي الآن هناك ويتحدث عن التراث الإسلامي هم الاسبان المسيحيون وليس العرب المسلمين النائمين في سبات طويل، كما يؤكد أن الإعلام المكتوب حديقة كبيرة، والإعلام المرئي هو ركن الزهور في هذه الحديقة، وأن الفترة التي قضاها في برنامج «حوار هاني» تصادفت مع الأزمة الاقتصادية العالمية ما حال دون العثور على راع للبرنامج... فإلى تفاصيل الحوار:
ما أهم ما يقلقك هذه الأيام؟
- لا شيء والحمد لله، فليست هناك بطالة حتى أخاف على مستقبل أبنائنا، فلم القلق؟ ليست هناك مشكلات مالية والكل يسكن فيلا فخمة مع عشر سيارات تصطف في الحديقة فلم القلق؟ الصناعة مزدهرة ونصدر إلى كل دول العالم فلم القلق؟ علاقتنا بأميركا وإيران ممتازة، وبتنا أكثر تطوراً من هذه وتلك في العلوم والتكنولوجيا والطاقة الذرية والفضاء فلم القلق؟ لا يوجد لدينا تطرف ديني، ولا أعداء في الداخل والخارج فلم القلق؟
لكم بصمات واضحة على مجلة «سيدتي» فلماذا تركتها؟
- حتى اليوم لست أعرف حقيقة من ترك الآخر، أنا أم هي؟ لنضع الأمر بالشكل الآتي: أنا كنت في حاجة إلى التغيير، هي كانت في حاجة إلى دم جديد، هكذا التقت مصلحتنا في الافتراق عن تراضٍ واقتناع.
وأثبتت الأيام صحة هذا القرار، فأنا انصرفت إلى أعمالي التي أحبها وعالم الرواية أولها، وهي، أي سيدتي، أصبحت مع أيدٍ أكثر مهارة مني، لو استمرت الحال كما كانت لبقيت حتى اللحظة قابعا وراء مكتب رئاستها وقد اهترأت أطراف المقعد والمكتب وأطرافي أنا، ولكانت هي ترهلت أكثر مني وتآكلت، أما اليوم كلانا أكثر سعادة بما هو عليه.
ما رأيك في الصحافة النسائية ومدى تغييرها للمجتمع المدني؟
- الصحافة النسائية سواء هنا أو هناك لا تهدف إلى تغيير المجتمع بقدر ما تسعى إلى تحقيق الربح المادي، العمل الصحافي هو نوع من التجارة في نهاية المطاف. أرني رئيس تحرير واحداً يريد أن يغير المجتمع إلى الأفضل من دون أن يهتم بالمردود المادي؟ هل من بأس في ذلك؟ نعم ولا.
نعم لأن من المفترض أن تلعب الصحافة دوراً في ارتقاء المجتمع للأفضل، ولا أيضاً لأن صحافة التوجيه تفشل وبالتالي يتحول مشروعها المربح إلى خاسر، هذا يغذي ذاك ان أردت المعادلة الصحيحة، أي أن تسخر نجاحك المادي لاستمراريتك ومن ثم تقديم ما يرتقي بالمجتمع والمرأة عموماً، لكن ذلك لا يتم في معظم الأحيان أو كلها.
كيف تنظر إلى حال الرواية السعودية الآن ومقارنتها مع المشهد الروائي العربي؟
- تشهد انتعاشاً غريباً، وأقول غريباً لأن الرقيب لا يزال هناك، نعم، لقد خفت وطأة حضوره قليلاً، لكنه لا يزال هناك، في قناعتي أن تخفيف الرقابة على العمل الروائي السعودي، وهو ما أراه مقبلاً خصوصاً مع مجهود وزير الإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة.
أقول في قناعتي ان ذلك سيزيد من حجم انتشار الرواية السعودية داخلياً أكثر منه خارجياً، إذ من الصعب على الكاتب أن ينتشر خارج وطنه إن لم يعرفه أحد داخله أولاً، كما أن الآلة الإعلامية السعودية قوية جداً وواسعة الانتشار، ولن تتردد هذه الآلة في الأخذ بيد الرواية السعودية إلى شيء من العالمية، أعلم أن هناك روايات اشتهرت بسبب الحظر عليها، لكن المطلوب هو الانتشار لا الشهرة فقط.
وأقول مكرراً ما قلته من قبل، انني لست ضد الرقيب بالمطلق، فله جانب ايجابي لا نملك إنكاره عندما يحول دون أن ينتشر نوع من الأدب، فأول من يسيء إليه هو الأدب نفسه قبل المجتمع.
أنا أدعو فقط إلى أن يكون الرقيب أكثر وعياً في تناول كل رواية، وليكن واثقاً بان السيئ منها والخارج عن قيم المجتمع سيسقط كورقة جافة من تلقاء نفسها.
اتجهت إلى قناة دبي لتقديم برنامج «حوار هاني» فكيف تنظر إلى هذه النقلة النوعية من الإعلام المكتوب إلى الإعلام المرئي؟
- تجربة جميلة، بل لعلها من أجمل التجارب الإعلامية التي عشتها، وكثيراً ما يطرح على سؤال عن سبب توقف البرنامج، وإن كان ذلك بسبب القناة أو بسببي أنا، فأرد بالقول بأن قناة دبي والعاملين فيها لم يتوانوا لحظة عن دعم البرنامج ومساندته، عليه فلربما كان علي أن أقدم ما هو أفضل.
ولعل أيضاً الفترة التي قضيتها في البرنامج تصادفت مع الأزمة الاقتصادية العالمية ما حال دون العثور على راع للبرنامج، لكنه في كل الأحوال استطاع أن يضيف لي خبرة جيدة، وأن يقدم للمشاهد أيضاً شيئاً جديداً ومختلفاً على الشاشة، باختصار أقول إن الإعلام المكتوب حديقة كبيرة، والإعلام المرئي هو ركن الزهور في هذه الحديقة.
موجة توجه الصحافيين إلى البرامج التلفزيونية مامدى تأثيره في حقل الإعلام المكتوب والمرئي؟
- من الأفضل للإنسان الانتقال من تجربة لأخرى، البقاء في مكان واحد يصيب الإنسان والوسيلة الإعلامية ذاتها بالترهل، أقول ذلك من تجربتي مع العمل المكتوب طوال عقدين من الزمان، لو كنت عملت تلك الفترة كلها في التلفزيون لكانت هناك حاجة إلى تجربة العمل المكتوب.
القنوات الدينية
قلت إن أصحاب القنوات الدينية لا يقلون خطورة عن مجرمي الحرب فلماذا برأيك؟
- لأن هذه القنوات تخلق استسلاماً لدى المتلقي ويأساً من الدنيا، بل وكرهاً لها، ليست هذه القنوات وحدها، بل كثير من كتب الدين ترتكب الجرم ذاته عندما تصور الدنيا كدار كفر والحاد والتمسك بها خطأ، كيف يمكن أن تبني أمة تهمش دنياها وتركن إلى أحلام الآخرة وحدها؟
ما هي أجواء وطقوس الكتابة لديك؟
- المسألة معقدة كثيراً.. أولاً، أحضر ورقة بيضاء، ثانياً، أحضر قلماً، ثالثاً، أبدأ الكتابة.. هكذا بكل بساطة.. أي طقوس أخرى غير ذلك تدخل في باب التشدق بالإلهام والخزعبلات.
أضربت عن الصحافة كي تذهب إلى الكتابة لأنها كل ما تبقى لك؟
- بعد عقدين وأكثر من العمل في الصحافة ماذا يمكن لي أن أقدم أكثر؟ قد تقول انني أفيد الآخرين بخبرتي حسناً، من هو اليوم الذي يبحث عن الخبرة؟
الخبرة الإعلامية اليوم تنحصر في القدرة على اختيار فتيات جميلات للظهور على الشاشة بكل ما فيهن من فضائح لغوية ولفظية، على رغم ذلك يشار لهن بالبنان كنجمات عالميات، هؤلاء هن صانعات الرأي العام العربي الآن، تمنياتي لهن بالتوفيق، وللمجتمع بالمزيد من التقدم.
انتشرت حفلات توقيع الروايات والدواوين الشعرية فما رأيك في هذا؟ وما مدى تأثير ذلك في الكاتب وانتشار العمل الأدبي؟
- اللقاء المباشر بين الكاتب وجمهوره جيد ومطلوب، فالناس تحب أن ترى من تقرأ له، أن تلتقي به، لكنك بالقدر الذي ترى فيه انتشار حفلات التوقيع، بالقدر الذي لا يزال هناك من هو قابع خلف ألف باب موصد عليه.
نحن مجتمع عريق في عالم الكتب، لكن انفتاحنا على العالم لا يزال حديثاً، حتى تعاملنا مع هامش الحرية الذي لا يزال صغيراً نحتاج إلى وقت كي نعتاد عليه.
المؤسسات الثقافية الرسمية العربية هل تُوجِد مناخاً جيداً للإبداع وللمبدع العربي أم أنها مؤسسات هشة؟ وما سبل تفعيل دورها؟
- الثقافة لا تحتاج إلى مؤسسات رسمية لتحميها أو توفر الرعاية للأدب، الثقافة تحتاج إلى وعي اجتماعي وهامش من الحرية، المؤسسات الثقافية الرسمية مسيسة أو أنها تخضع لسلطة الدولة، والرقيب هو جزء من الدولة، فكيف للثقافة أن تتطور وهي تحت سيف الرقيب؟
وماذا عن المؤسسات المدنية والمجتمع المدني وتأثيرهما في الحراك الثقافي العربي؟
- لنصنع المجتمع المدني أولاً ثم نتحدث عن الموضوع.
هل الرواية هي الجنس الأدبي السائد حالياً الذي يستجيب بسرعة لمتطلبات العصر وأن الشعر تراجع أمامها وأصبحت هي ديوان العرب؟
- الرواية هي جزء من الجسد الثقافي كما هو الشعر ذاته. كلاهما يسير في خط خاص به. لكنني بت ألاحظ أن الناس تميل إلى الرواية، لأنها تريد أن تهرب من واقعها، أو لعلها تبحث عن حلول لمشكلاتها أو تفريج لهمومها من خلال القصة.
نحن نبحث دوماً عن شيء يمسنا في أي قصة تقع بين أيدينا. وغالباً ما يكون تقويمنا لها جيداً أو سيئاً بحسب درجة التماس هذه. أما الشعر فمعظمه ينقسم إما إلى غزل مكرر، أو مديح يغالي في النفاق.
مل رأيكم في اتجاه الروائيات السعوديات للكتابة في الجنس والخروج على المألوف؟
- كل مكان في العالم فيه روائيات يتحدثن عن الجنس، ورواة أيضاً، وليكن بمعلومك ان دور النشر العالمية والمعروفة منها باتت تعزف كثيراً على وتر الجنس في أعمالها لاستقطاب أكبر عدد من الجمهور، أي ان المسألة ليست محصورة في الرواية السعودية على رغم محدودية اللون الأحمر فيها.
هل ما زالت المرأة العربية تواجه ذكورة الرجل وسيطرته في المجتمع حتى في مجال الثقافة وما رأيك في ما هو شائع بالأدب النسوي والأدب الذكوري؟
- المجتمعات الإنسانية هي مجتمعات ذكورية في الأساس سواء كنت في السعودية أو في سويسرا، أما بالنسبة لتقسيم الأدب بين نسوي وذكوري فأنا ضد هذه التفرقة، إن كان الاختلاط محظوراً بين الأجساد فالحظر مُلغى في الفكر لأنه لا يعرف جنساً أو هوية.
الناقدات العربيات قليلات جداً مقارنة بعدد الرجال فهل المرأة الناقدة غائبة عن المشهد الأدبي؟
- من حيث المبدأ أنا لا أؤمن بشيء اسمه ناقد أو ناقدة، ما المقصود بأن يكون هناك ناقد لرواية أو قصيدة؟
الناقد هو رجل يقف حائلاً بين القارئ والعمل الأدبي، الناقد الحقيقي والوحيد الذي اعترف به هو القارئ نفسه، كم دمر النقاد أسماء كانت تستحق النجاح وكم اعلوا شأن من لا يستحق حتى أن يذكر. إن ارتأيت ان الناقدات العربيات قليلات فهذه نعمة من الله، وأتمنى ان ينقرض النقاد الرجال أيضاً.
لماذا تدافع عن المرأة.. هل المرأة عاجزة في الدفاع عن قضاياها؟ وهل تستطيع أن تنقل كل مشاعرها وأحاسيسها ومشكلاتها بواقعية؟
- من قال إنني مدافع عن المرأة؟ أنا لست كذلك لكنني استطيع القول بأنني أحرضها على رفض الظلم الذي ترتضيه لنفسها ببقائها حيث هي، مشكلة المرأة أنها تطلب القوة من مصدر ضعفها، أي الرجل، في حين أنها قادرة على أن تكون أكثر قوة من دون الاستعانة بأحد. تراثنا مليء بقصص النساء العظيمات، كنا نقرأ عنهن صباح مساء منذ طفولتنا، فعندما كبرنا لم نجد واحدة منهن بيننا، من السبب في ذلك؟
ليس الرجل، بل هي المرأة التي ارتضت أن تكون مهمشة، والتي انطلت عليها حيلة أن الكل طامع بها، والجنة لها ان صبرت واحتسبت حتى السقوط الأخير.
قال عنك الناقد صلاح فضل ان هاني نقشبندي سيحدث في الرواية السعودية ما أحدثه إحسان عبدالقدوس في الرواية المصرية فما تعليقكم؟
- اشكر الدكتور صلاح على رأيه، لكنني أفضل أن أكون هاني نقشبندي الذي لا يشبه أحداً ولا يشبهه أحد.
ترى أن عملك هو «نص أدبي يسقط على المجتمع العربي عموماً» نأمل تسليط الضوء على ذلك؟
- النص الأدبي مثل الموسيقى يحمل لغة عالمية، أنت تسمع لحناً سعودياً أو مغربياً أو ايطالياً فيأسرك حتى ولو لم تفهم عن ماذا تتحدث الموسيقى، وهذا هو الجمال أن تصنع شيئاً يحبه المتلقي بصرف النظر عن مكانه وجنسه.
أنا أتحدث عن قضايا لا تحدث في المجتمع السعودي وحده بل في كل المجتمعات العربية، لم يعد للمجتمع السعودي تلك الخصوصية التي ندعيها كلما حاصرنا واقع ان التطور مقبل لا محالة، مجتمعنا هو كأي مجتمع عربي، جزء منه وفيه. كما هو المجتمع العربي جزء من العالم وفيه أيضاً، هكذا أتمنى أن تكون روايتي بهذا القدر من الاتساع لتصل إلى الجميع.
النشر العربي سرقة
قلت ان الناشر الغربي أفضل من الناشر العربي فلماذا؟
- لأنه يحترم الكاتب ولا يسرقه. دور النشر العربية، أو جزء كبير منها على الأقل، تمارس السرقة العلنية لمجهود الكاتب وإبداعه، تدعي أنها تخسر ولا تدفع شيئاً للكاتب الذي يفاجأ بان كتابه يطبع مرات عدة، كيف تخسر إذاً وأنت تطبع مرات عدة؟ اسألوا أي كاتب هل تقاضى شيئاً عن كتابه وكم؟
كثيراً ما نقرأ إحصاءات بأن العرب لا يقرأون فهل هذا صحيح أم لا؟ ولماذا؟
- بالتأكيد، هذا غير صحيح، من قال إن الغرب أو الشرق يقرأ أكثر منا؟ دور النشر العالمية تطبع ثلاثة آلاف نسخة من أي كتاب في طبعته الأولى، أي الرقم نفسه تقريباً مع دور النشر العربية، على رغم فارق عدد السكان والقوة الشرائية.
الشعوب العربية تحب القراءة ولا شك، لكنها تشعر بأنها تقرأ ما يريد لها الرقيب أن تقرأه، أحياناً لا تجد سوى الكتب المكررة التي تدور في حلقة لا تمل منها، سواء أكانت كتباً دينية، أو تراثية أو ثقافية لا علاقة لها بالثقافة، في كل بلد عربي هناك كتب ممنوعة، وهو أمر لا يحدث في الدول الأخرى.
ترجمت روايتك «اختلاس» إلى اللغة الروسية فما أصداء هذه الترجمة؟ وهل هي خيانة للنص الإبداعي في لغته الأصلية؟
- أفهم أن تكون هناك خيانة وطن أو خيانة زوجة لكن ان تكون هناك خيانة نص فهذه لم اسمع بها من قبل، الترجمة عمل لا يقل إبداعاً عن الكتابة الأصلية نفسها، المترجم يجب أن يكون أديباً.
وسأعطي مثالاً هنا بالمترجم العظيم صالح علماني الذي ترجم الكثير من الأعمال اللاتينية إلى العربية، تشعر أنه أديب أكثر من كاتب الرواية نفسه.
بالنسبة لي فقد وفقت في التعامل مع دار النشر الروسية التي اختارت أديباً سبق له ترجمة العديد من الأعمال الأدبية العربية إلى الروسية، أما عن أصداء الترجمة فقد لمستها في موسكو، إذ تم استقبالي فيها كالأبطال، استغربت ذلك لأنني لم أتعود على الأمر في وطني، ولم استغربه في الوقت ذاته لأن روسيا هي وطن للأدب العالمي.
كيف تنظرون إلى سقف الحرية والرقيب في الصحافة السعودية والإعلام بوجه عام؟
- سقف الحرية.. سمعت العبارة من قبل ولست أذكر متى، يا سيدي للحرية خطوط يجب ألا نتجاوزها حتى لا تتقاطع مع حرية الآخرين، لكن أن يكون هناك سقف بارتفاع عشر بوصات فوق رؤوسنا فعن أي حرية إعلامية تتحدث؟
سأكون منصفاً هنا وأقول إن المشكلة ليست في الرقيب السياسي، فلا أحد يريد التقاطع مع المؤسسة السياسية، المشكلة تكمن في المؤسسة الدينية التي يرسم البعض نفسه متحدثاً باسمها أحياناً تشعر ان كل من يريد حمل اسم ناصح أو فاعل خير هو رقيب يملك الحق في محاسبتك، المؤسسة السياسية تتسم بالعقل أكثر من الذين يصرخون في وجهك ويصفعونك بألسنتهم باسم الدين، هؤلاء من يجعلون سقف الحرية أقل حتى من عشر بوصات.
كتاباتك صادمة أحياناً وتخرج عن المألوف فهل أوقعتك في مشكلات مع التيار الديني والمؤسسات الدينية في السعودية؟ وما هي أبرز هذه القضايا؟
- أنا لا أتعمد الصدام مع أحد، بل ومن الخطأ أن يكتب الإنسان بهدف الصدام، البعض هو من يريد أن يصطدم بك لأنك تحمل فكراً مختلفاً عن فكره، نحن مسلمون مؤمنون عابدون وتائبون، على رغم ذلك نحمل وزراً يلتصق بنا كلعنة أبدية إن رفضنا رأياً بائداً أو خاطئاً. واكتفي بهذه الإجابة حتى لا أجد نفسي أحمل تهمة جرم لم أرتكبه.
روايتك «اختلاس» تكشف عن القضايا الحساسة في المجتمع السعودي فما هي أبرز هذه القضايا؟ وهل بطل الرواية أنتَ أم لا؟
- هل تريد رأياً صادقاً؟ لقد مللت من سماع العبارة ذاتها «قضايا حساسة». ما هي هذه القضايا الحساسة بالله عليك؟
لكل مجتمع ألف قضية حساسة وليس نحن فقط. إن كتبت عن المرأة قالوا قضايا حساسة، إن كتبت عن التعليم قالوا قضايا حساسة، إن كتبت عن شارع في حاجة لإنارة قالوا قضايا حساسة. أنا لم أتكلم عن أي قضية حساسة بأكثر مما يعرفه الناس. فهل كشفت سراً إن قلت إننا نحمل وجهين في بعض قضايانا؟
الجرأة والمجتمع
تتمنى أن يكون الأدب السعودي أكثر جرأة في معانقة الأشياء وليس أكثر خدشاً للحياء.. في حين يراك البعض عكس ما تتمنى؟
- أتمنى أن يكون الأدب السعودي أكثر فائدة وتأثيراً في المجتمع سواء أكان جريئاً أو محدوداً في جرأته، فليست الجرأة بالفضيلة دائماً عندما يتعلق الأمر بالأدب، هذا هو مبدئي وهذا ما أحاول أن أكون عليه.
المجتمع السعودي اليوم يشهد انفتاحاً كبيراً، وورشة بناء عظيمة، ودورنا مع الأدب ليس إعاقة هذه الورشة ولا التطاول على قيم مجتمع بدأ يتحرك في الاتجاه الصحيح.
كيف تقارن بين ما حدث في الأندلس قديماً من خلال روايتك وما يحدث حالياً على أيدي اليهود في محاولة لتغيير الوقائع والوجود العربي والإسلامي هناك عبر دفع مبالغ مالية كبيرة لمراكز الأبحاث والدراسات من أجل طمس كل ما هو عربي وإسلامي؟
- هذه معلومة أسمع بها للمرة الأولى، فمن قال ان اليهود يطمسون التاريخ العربي في الأندلس؟ نحن لم نكن أهلاً لوجود امتد هناك لثمانية قرون وانتهى إلى لا شيء، من طمس هذا التاريخ هو نحن يا سيدي الفاضل لا اليهود، ومن يعيد التاريخ العربي ويتحدث عن التراث الإسلامي الآن هم الاسبان المسيحيون وليس العرب المسلمين النائمين في سبات طويل.
الجوائز تفتح مجالاً للنشر أمام الكاتب وتسهل علاقته مع الناشرين فما رأيكم في ذلك ورأيك في الجوائز العربية عموماً والبوكر خصوصاً؟ وماذا عن رأيك في فوز عبده خال بالجائزة وما أثير حوله من آراء؟
- أولاً، أبارك لصديقي عبده خال على الجائزة، فقد كان أهلاً لها، وفي قناعتي انه يستحق الأفضل، أما عن رأيي في الجوائز العالمية التي تمنح للأدب تحديداً فأردد ما قاله برنارد شو: قد أغفر لنوبل اختراعه البارود، لكنني لن أغفر له اختراع جائزة للأدب.
يقول إبراهيم نصر الله عن الترجمة والعالمية على الكاتب الإسرائيلي أن يتذكر كي يصل إلى العالمية وعلى الكاتب الفلسطيني أن ينسى كي يصل إلى العالمية.. ما رأيك في هذه المفارقة؟‏
- الكاتب الإسرائيلي وصل إلى العالمية سواء تذكر تاريخه أم نسيه لأنه يعيش الواقع، نحن نسينا الواقع وتذكرنا أمجاداً تاريخية لم تحدث سوى في مخيلتنا.
ينتقدك البعض لأنك أصدرت ثلاث روايات في فترات متقاربة فما تعليقكم؟
- ثلاث روايات في ما يقارب أربع سنوات ليست بالشيء الكثير، على رغم ذلك أقول بأن الرواية هي كالأبناء، ان كنت قادراً على إنجابهم أصحاء وعلى حسن تربيتهم فتحول إلى أرنب إن شئت.
في أحد مقالاتك قلت كثر في الآونة الأخيرة لبس العمامة الحجازية وسط أهل الحجاز، وتحديداً في مدينة جدة فهل هناك حاجة إلى تأكيد هذه الهوية وقارنتَ ذلك بأشياء عدة؟ نأمل تسليط الضوء على ذلك؟
- ما قصدت هو أن السعودية بدأت تشهد ظاهرة التفاخر القبلي.. ترى ذلك في القصائد والأشعار وحتى المناسبات العامة.
لقد أصبح مثل هذا التفاخر رمزاً للهوية في رؤيتها الضيقة على حساب الوطنية في رؤيتها الأوسع. الحجاز لا يعرف القبيلة بالصورة نفسها، وأهل المنطقة لا أصول قبلية لهم يحددون من خلالها هويتهم أمام القبيلة، فكانت العودة إلى اللبس الحجازي لتقابل التفاخر القبلي خارج الحجاز.
أنا ضد القول بالحجاز ونجد والشمال والجنوب، فالوطن للجميع.
وفي قناعتي أن المؤسسة السياسية، منذ عهد المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وهي تشدد على خلق هوية وطنية واحدة، ويجب أن تستمر هذه السياسية بل وأن تغالي فيها أيضاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.