تداولت المحاكم السعودية الكثير من قضايا «توظيف المال» التي سقط ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين والمقيمين، قدرها محامون عام 2010 بأكثر من 600 قضية، ولم تعرف قيمتها الحقيقية، لكنهم رجحوا أنها تزيد على 10 بلايين ريال، فيما عانى أصحاب الأموال سنوات طويلة من احتجازها أو سرقتها، ولم تظهر أي من الاستثمارات التي وعدهم بها «الجناة». ووجّه وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور وليد الصمعاني أخيراً بتشكيل لجنة لإنهاء قضايا المساهمات المالية، يناط بها ست مهمات تسرّع إعادة الأموال إلى أصحابها، وفق محددات زمنية تضبط عمل اللجنة. وحددت الوزارة المهمات الست للجنة، وهي «حصر قضايا المساهمات المالية في المحاكم، متابعتها، التسريع في إنهائها والبت فيها، الرفع إلى وزير العدل بالقضايا المتأخرة وأسباب التأخر، إضافة إلى إعداد دراسة شاملة تتضمن المرئيات». ولاحقت السلطات السعودية عام 2015 مواطناً احتال على أكثر من 3 آلاف مساهم، بينهم خليجيون وسعوديون، من خلال إنشاء مؤسسة وهمية على شبكة الإنترنت، زاعماً أنها تعمل في استثمار الأموال، ليسلبهم حوالى 400 مليون ريال. إلا أن المحكمة الجزائية في الرياض برأت المستثمر من تهمة «غسل الأموال» التي وجهت له في وقت سابق، وجاءت تبرئته بعد محاكمته ومثوله أمام القضاء، جراء تصاعد شكاوى وبلاغات آلاف المواطنين بعد فقدانهم ملايين الريالات التي تم جمعها في وقت سابق بحجة استثمارها في مشاريع ومقاولات متنوعة. وشغلت قضية «فتاة الوهم» الرأي العام لفترة طويلة من العام 2015، إذ تعد السعودية الأولى التي تمثل أمام المحاكم بتهمة النصب والاحتيال، بعدما تمكنت من جمع حوالى 500 مليون ريال من أكثر من 600 مواطن ومقيم. ووقعت الجانية في قبضة الشرطة بعدما تلقت هيئة التحقيق والادعاء العام مئات الشكاوى من المتضررين، متقدمين بمستندات، بينها شيكات من دون رصيد، وتوقيعات مختلفة وغير مطابقة للمالكة التي حصلت على ترخيصين لمؤسستين عقاريتين، وأخرى لاستيراد أدوات كهربائية. ومن العام 2002، ينتظر حوالى 11 ألف مشارك في مساهمات حمد العيد استرداد حقوقهم المقدرة بحوالى 1.5 بليون ريال، بعدما جمدت أموال العيد مع آخرين منذ العام 2002 للاشتباه في ممارستهم نشاط «غسل أموال»، وصدر حكم الحجز على أموال العيد كافة، وصرفت المحكمة الجزائية عام 2015 لحوالى 7966 متضرراً نحو 600 مليون ريال. وعانى مستثمرون لأكثر من 14 عاماً، قبل صدور حكم لهم في قضية توظيف الأموال المتهم فيها رجل الأعمال جمعة الجمعة، قبل حوالى ثلاثة أعوام، والقاضي بتصفية ممتلكاته داخل المملكة وخارجها، تمهيداً لإعادة 1.65 بليون ريال إلى آلاف المتضررين، إضافة إلى نسبة من الأرباح، طلب معه المتهم مهلة لتصفية ممتلكاته، وتزامنت بداية أزمة مساهمي الجمعة مع مساهمي العيد في يوم واحد. وتعد «مساهمات سوا» من أبرز قضايا غسل الأموال، وتقدر ب1.3 بليون ريال، تورط فيها نحو 63 متهماً، بينهم رجال أمن برتب مختلفة ومسؤولون ووجهاء قبائل، بالنصب على 40 ألف شخص. وتقاذف عدد من الجهات الحكومية ملف القضية الذي شغل الرأي العام، واستمر تداولها داخل أروقة الشرطة وهيئة التحقيق والادعاء العام والمحاكم الشرعية، بعد تكرار رفض القضاة في المحكمتين الجزائية والعامة في جدة النظر فيها. وبعد ثمانية أعوام من تنقل القضية بين المحاكم، حوّلت أوراقها إلى محكمة الاستئناف للمرة الثالثة، لتحسم أخيراً بإصدار حكم حبس مشغّل المساهمة 20 عاماً، وجلده ألفي جلدة وتغريمه 100 ألف ريال، وقضت بسجن مساعده 12 عاماً، و800 جلدة، وغرامة 80 ألفاً، وأصدرت طلب إحضار 59 وسيطاً إلى المحكمة.