تبنى البيت الأبيض لهجة جديدة تجاه التوسع الاستيطاني، معتبراً أنه قد «لا يساعد» في تحقيق السلام، ما أربك الإسرائيليين بين من اعتبره «ضوءاً أخضر» للبناء الاستيطاني، ومن اعتبره تحذيرياً، وإن اتفق الجميع على انتظار اتضاح الصورة بعد لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو مع الرئيس دونالد ترامب منتصف الشهر. (للمزيد) وكان البيت الأبيض أصدر بياناً فجر أمس، في ضوء الإعلان عن خطط لبناء مستوطنة جديدة ومخططات لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية، جاء فيه: «فيما لا نعتقد أن وجود المستوطنات عثرة أمام السلام، فإن بناء مستوطنات جديدة أو توسيع مستوطنات حالية أبعد من الحدود الحالية، قد لا يساعد في الوصول إلى هذا الهدف (السلام)». وأفاد بأن ترامب «عبّر أكثر من مرة عن رغبته في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، والإدارة لم تتخذ موقفاً رسمياً في شأن الأنشطة الاستيطانية، وتتطلع لاستكمال المحادثات بين الرئيس ترامب ونتانياهو خلال زيارته واشنطن». هذا التغيير في الموقف من التوسع الاستيطاني، يعيد ترامب ببطء إلى المربع التقليدي للحزبين الجمهوري والديموقراطي تجاه الاستيطان منذ عام 1967، ويأتي مع بدء ريكس تيليرسون مهماته وزيراً للخارجية أول من أمس، إذ أعلنت وزارته أنه تحدث هاتفياً مع نتانياهو مساء الخميس. كما ربط المراقبون بين إعلان البيت الأبيض وترشيح ديفيد فريدمان المتشدد سفيراً لإسرائيل، واقتراب جلسات الاستماع اليه الأسبوع المقبل. على أن البيان الأميركي أربك إسرائيل، فأصدر مكتب نتانياهو مساء أمس بياناً جاء فيه أن «توسيع المستوطنات لن يجدي نفعاً مع عملية السلام»، في حين اعتبرت أوساط سياسية رفيعة البيانَ «إشارةَ تحذير» لإسرائيل كي «لا تتمادى أو تشد الحبل أكثر من اللزوم». في المقابل، قال ديبلوماسي إسرائيلي بارز في رسالة نصية: «سيكون نتانياهو سعيداً. تفويض مطلق رائع لبناء ما نريده في المستوطنات القائمة ما دمنا لا نوسع مساحتها الفعلية. لا توجد مشكلة هنا». واتفقت معه نائب وزيرة الخارجية تسيبي حوتوبيللي، التي قالت في بيان إن «إدارة ترامب... لا ترى في المستوطنات عقبة أمام السلام»، وعليه فإن البناء في الضفة الغربية والقدس الشرقية سيستمر من دون معوقات. غير أن صحيفة «جيروزاليم بوست» نقلت عن مسؤول رفيع في البيت الأبيض كلاماً أكثر وضوحاً خلال إيجازه لصحافيين، إذ اعتبر بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة «إعلاناً أحادياً يمس جهود الرئيس الأميركي لتحقيق السلام». في الوقت ذاته، لم يرض البيان الأميركي السلطة الفلسطينية، إذ وصفه مستشار الرئيس للشؤون الاستراتيجية حسام زملط، بأنه «خطوة في الاتجاه الصحيح»، لكن «الكلمات لا تكفي. نحن في حاجة الى أفعال لوقف سرطان التوسع الاستيطاني. وما لم تتدخل الإدارة الأميركية لوقف هذا التوسع الآن، فإنه لن يظل هناك ما يمكن ان نتفاوض عليه عندما يقدم الرئيس ترامب جهوده لإيجاد حل سلمي». وتابع: «نتوقع من الإدارة الأميركية أن تعمل على تطبيق قرار (مجلس الأمن) 2334 الذي دعا الى وقف الاستيطان، فوراً من أجل حماية حل الدولتين، وإيجاد حل سلمي للصراع». وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي، إن «البيان الأميركي الجديد جاء لإضعاف موقف الإدارة السابقة التي اعتبرت الاستيطان غير شرعي ويتناقض مع عملية السلام». وأكدت أن «طريقة صوغ هذا الموقف إنما تشير الى أنهم يسمحون بالبناء داخل المستوطنات القائمة». وفي نيويورك، قال ديبلوماسيون عرب إن بيان البيت الأبيض «يمثل عودة إلى لغة شبيهة بموقف الرئيس السابق جورج بوش (الابن) بأن الوضع الميداني سيؤخذ في الاعتبار» في أي تسوية سياسية، لكنه «يؤكد في الوقت ذاته موقف الولاياتالمتحدة المبدئي بضرورة وقف الأنشطة الاستيطانية». وكان بوش وجه رسالة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلي آرييل شارون عام 2001 دعاه فيها إلى وقف النمو الاستيطاني. ورأوا أن بيان البيت الأبيض أكد ضرورة وقف التوسع الاستيطاني، سواء في المستوطنات القائمة أو أي مستوطنات جديدة. وفيما ترقبت الأوساط الديبلوماسية في نيويورك ما قد تُقدم عليه السفيرة الأميركية الجديدة في الأممالمتحدة نيكي هايلي بعدما وصفت القرار 2334 بأنه «كارثي»، فإن البعثة الأميركية في الأممالمتحدة لم تطرح على مجلس الأمن أي نص يخالف ذلك القرار أو يقلل فاعلية بنوده.