أصدرت هيئة كبار العلماء الأجلاء فتوى تُحرِم عمل المرأة «كاشيرة»، بعد توظيف عدد منهن في بعض مراكز المواد الغذائية في جدة، وما صاحب ذلك من جدل، إذ رأى البعض وبحماسة شديدة ضرورة دعم الخطوة، على رغم قلة عددهن، كونهم ينظرون إليها كطوق نجاة، ومفتاح للتغيير، والانفتاح نحو إيجاد فرص مناسبة لعمل المرأة، وإخراجها من «جحرها»، وتشجيع لها لتكون عنصراً مؤثراً وفعالاً في المجتمع، إضافة إلى أنها تساعد في تشجيع بعض الشركات والقطاعات، والضغط عليها من المجتمع والجهات المعنية لإحلال المرأة في الكثير من الوظائف التي يشغلها أجانب، أو حتى كانت حكراً على الرجال، فيما يرى الطرف الآخر أن عمل المرأة بوابة لمفسدة عظيمة، وخطوة نحو الانحلال، متكئين على قاعدة «سد الذرائع». وبعيداً من الطرفين بودي أن أطرح بعض التساؤلات التي تدور في ذهن أي شخص عايش ظروف المرأة، ومعاناتها بعين محايدة منصفة تؤمن بدورها، ولا تحقرها، وهي بكل تأكيد ليست تشكيكاً، لا سمح الله، في الفتوى، التي ربما كانت على حجم السؤال المطروح، والصيغة التي ورد فيها من دون مناقشتها كقضية مهمة تواجه المجتمع. فهل درست الهيئة الموقرة إيجاد بدائل لعمل السيدات في مختلف الأماكن وفقاً لضوابط الشريعة؟ ألم تقم الهيئة بدرس أسباب زيادة بطالة النساء، والظروف التي يعانيها بعضهن من جراء البطالة؟ هل سألت الهيئة الموقرة وزارة الداخلية عن القضايا الأخلاقية التي تورط فيها نسوة في السنوات الأخيرة؟ وهل أطلعت على أي دراسات لدى الجهات المختصة عن وضع النساء وعلاقتهن بالجريمة؟ هل أطلعت الهيئة على الضوابط الموضوعة لدى الشركات التي قامت بتوظيف «الكاشيرات»، وعلمت عن ظروف عملهن وآليته قبل إصدار الفتوى؟ هل بالإمكان وضع ضوابط شرعية يكون العمل بعدها مجازاً، كما يحدث مع العمليات المصرفية التي حللها بعض أعضاء هيئة كبار العلماء بصيغ مختلفة أشهرها «التورق»، بناءً على ظروف ومتغيرات العصر؟ ما الفرق بين عمل المرأة في عصر الرسول «صلى الله عليه وسلم»، وبين عملها في الوقت الحالي؟ ألم يكن هناك اختلاط في ذلك العصر؟ إذا اطلعت الهيئة على الدراسات وفهمت الأبعاد المختلفة وعرفت الوضع الحالي للاتي يعملن «كاشيرات»، وأصدرت فتواها وفق اطلاع ومعرفة بكل هذه الأبعاد... فسمعاً وطاعة. [email protected]