غالباً ما ينظر إلى عملة ال «بيتكوين» باعتبارها نوعاً جديداً من النقود. وربما كان من الأفضل اعتبارها نقوداً افتراضيّة أكثر من كونها عملة من ورق وقطعاً نقدية فعليّة. وعلى غرار العملات جميعها، تتحدّد قيمة «بيتكوين» بالنظر إلى عدد الأشخاص المستعدّين لشرائها. وفي المعاملات التي تستخدمها، لا بد من الإقدام على عملية تمكن تسميتها مجازيّاً ب «صك النقود»، وهي تقضي بأن يتولّى كومبيوتر خارق تقديم حل لمعضلة رياضيّات صعبة ينطوي حلها على 64 رقماً. وبقول آخر، يشكّل التشفير عبر معادلات الرياضيّات بديلاً في العوالم الإلكترونيّة عن صك النقود وطباعة الأوراق النقديّة في العملات التقليدية. وفي كل مرّة تخوض فيها الحواسيب الخارقة المشرفة على ال «بيتكوين»، معاملة معيّنة، ترتفع قدرتها على «صك النقود». إلى ذلك، تجرى مكافأة صاحب المعاملة بوحدات بيتكوين جديدة، ما يمنح الناس حافزاً لدعم قدرات تلك الحواسيب في التعامل مع معاملات الرياضيّات المتصلة بعملية التشفير. وعلى رغم السرعة الكبيرة التي يتطوّر بها الكومبيوتر في قدرته على الحوسبة (وهو أمر يجرى أساساً عبر زيادة قوة الرقاقات الإلكترونيّة للحاسوب)، إلا أنها لا تكفي بحد ذاتها للتعامل مع سيول الصفقات التي تجرى عبر معادلات رياضيّة معقدّة. ويجرى تعويض ذلك الأمر عبر تكييف الصعوبة في معادلات الرياضيّات لضمان إنتاج دفق مستمر من ال «بيتكوين» يومياً. وحاضراً، يجرى التداول بقرابة 15 مليون بيتكوين. وللحصول على وحدة منها، لا بد للمستخدم أن يمتلك «عنوان بيتكوين» وهو سلسلة من 27 إلى 34 حرفاً ورقماً، تكون بمثابة صندوق بريد افتراضي لتلك العملة. وبالنظر إلى غياب سجل عن العناوين (وهو إجراء احترازي يرمي إلى حماية البيانات)، يستطيع الناس استعمالها مع إبقاء هوياتهم مجهولة عند إنجاز صفقات ماليّة. في المقابل، تُخزَّن العناوين في «محافظ بيتكوين» لتُستعمَل لإدارة المدّخرات الماليّة المقوّمة بتلك العملة. وبقول آخر، تعمل المحافظ تعمل كأنها حسابات مصرفيّة خاصة، مع تحذير بأنّه في حال فقدان البيانات، يخسر المرء أيضاً وحدات البيتكوين التي يملكها! قدرة على التعافي عانت ال «بيتكوين» تقلّبات في قيمتها منذ انطلاقتها الأولى في العام 2009. وتساءل خبراء كثيرون حول قدرتها على الاستمرار، علماً بأنّها لامست سقف الألف دولار للمرّة الأولى في أواخر العام 2013. المفارقة أنه في وقت لاحق من ذلك العام، عانت تقلّبات يوميّة في سعرها بنسبة وصلت إلى 40 في المئة، خصوصاً بعد قرصنة بورصة «أم تي. غوكس» Mt.Gox (وهي بورصة يابانيّة مختصّة بالعملة الافتراضيّة)، فتراجع سعرها إلى ما دون 400 دولار. وآنذاك، لم يتردّد بعض الخبراء في توقّع عودة قويّة وسريعة لل «بيتكوين»، وهو ما حدث فعلاً... وفي ذلك الوقت الصعب، أعربت شركة «كوين دسك» الأميركيّة عن اعتقادها بأنّ العام 2017 «سيكون عاماً بارزاً... بل تشير توقعات خبراء كثيرين إلى أن سعر «بيتكوين» يتخطى ال1200 دولار». وآنذاك أيضاً، أفاد أحد الخبراء الماليّين بأنه يحتفظ بتوقّعات إيجابية للغاية، بالنظر إلى القدرة على التعافي التي أظهرتها ال «بيتكوين». ولاحظ أن عدد المرّات التي أُعلِنَ فيها موت تلك العملة بلغ 115 مرّة، لكنها استمرت في عملها وسيلة مفضلّة لإرسال الأموال بصورة مباشرة بين الأفراد، مع التملّص من قيود الرقابة الماليّة بأنواعها كلها».