يبدو أن الفساد أصبح فيروساً معدياً يأبى أن يفارق النخبة السياسية، خصوصاً في صفوف اليمين الفرنسي، إذ أعلنت النيابة العامة المختصة بالقضايا المالية، فتح تحقيق حول احتمال تورط زوجة مرشح اليمين الوسط للرئاسة فرانسوا فيون في فضائح وظائف وهمية. وبعد عقود أمضتها في الظل كونها لا تحب الظهور، ظهرت بنيلوب فيون زوجة المرشح الرئاسي رئيس الحكومة السابق إلى العلن، لتحظى باهتمام مفاجئ لاتهامها بتقاضي مبلغ 600 ألف يورو على مدى ثماني سنوات، بصفتها معاونة برلمانية لزوجها عندما كان نائباً، ثم لمارك جولو الذي تولى مقعد فيون النيابي لدى تعيين الأخير وزيراً للشؤون الاجتماعية في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، الذي قضت اتهامات الفساد على حظوظه في مواجهة فيون في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح الجمهوريين للرئاسة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. ونجح فيون آنذاك في إبعاد ساركوزي وألان جوبيه، وقدم نفسه مرشحاً إصلاحياً وصاحب سيرة ذاتية مشرقة، كما حرصت زوجته على تقديم نفسها ربة أسرة تقليدية غير معنية سوى بتربية أولادها الخمسة. غير أن صحيفة «لوكانار انشينيه» الأسبوعية الفضائحية قلبت الطاولة على الزوجين بتأكيدها أن بنيلوب فيون تقاضت طيلة تلك السنوات أجراً عن وظيفة لم تشغلها، ذلك أن أحداً لم يصادف السيدة فيون في أروقة البرلمان أو تعامل معها في الدائرة الانتخابية لزوجها، كما أشارت تحقيقات أجرتها الصحيفة وأثارت ضجة في فرنسا أمس، ودفعت النيابة إلى فتح تحقيق في الأمر. وتفيد المعلومات بأنه في العام 2001 كانت بنيلوب تتقاضى أجراً شهرياً قدره 3900 يورو، وقرر زوجها رفعه في العام التالي إلى 4600 يورو أي نصف قيمة المبلغ المخصص لأجور المعاونين الذين يحق لكل نائب الاستعانة بخمسة منهم ولو كانوا من أفراد أسرته. وعند تولي فيون حقيبة الشؤون الاجتماعية، قرر خلفه جولو إبقاء بنيلوب ورفع أجرها إلى 6900 يورو ليصل إلى 7900 يورو شهرياً في العام 2006، وهو ما لا يبقي سوى مبلغ زهيد جداً لمعاونيه الفعليين وهما إيغور ميتروفانوف وجان روبنسون، ذلك أن المبلغ المخصص لفريق المعاونين البرلمانيين لا يتجاوز التسعة آلاف يورو. وكان لهذا الكشف وقع الصدمة على زوجها الذي يجهد لشق طريقه نحو الرئاسة، إذ سارع إلى التعبير عن صدمته لما أوردته الصحيفة بحق زوجته، واعتبر أنه بهذه المعلومات دخل التنافس في الانتخابات الرئاسية مرحلة «الضربات النتنة». ودافع فيون عن حق زوجته بالعمل «مثلها مثل أي شخص آخر»، فيما توالى عدد من المقربين منه، وبينهم الرئيس السابق للجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) برنار إكواييه، الذي سارع إلى تأكيد أنه رأى بنيلوب مراراً أثناء عملها إلى جانب زوجها في مناسبات عدة وأيضاً في البرلمان. لكن هذه المواقف لن تطوي مشروع الفضيحة المرشحة للتفاعل، خصوصاً أن فضائح الوظائف الوهمية لم تعف أحداً في صفوف اليمين «الديغولي» في السنوات الأخيرة. وأبرزت الفضيحة خصوماً لفيون بمن فيهم سياسيون ينتمون إلى أسرته اليمينية مثل النائب هنري غينو، الذي استعاد مقطعاً من خطاب للمرشح الرئاسي يقول فيه: «من غير المجدي الحديث عن السلطة إلا لمن لا غبار عليه». وكان فيون في حينه يتحدث عن ساركوزي، الذي ورد اسمه في تحقيقات قضائية تتعلق بالفساد، خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري اليميني المعارض.