أجّل البرلمان التونسي النظر في مشروع قانون الانتخابات البلدية والمحلية في خطوة فاجأت الرأي العام، بخاصة بعد إعلان قرب التوصل إلى اتفاق حول النقاط الخلافية، فيما تحسنت مؤشرات مكافحة الفساد في تونس وفق تقارير دولية. وقرر البرلمان التونسي مساء أول من أمس، تأجيل المصادقة على فصول مشروع قانون الانتخابات البلدية، وذلك في الجلسة العامة التي كانت مخصصة للمصادقة عليه، وذلك بناءً على طلب رؤساء الكتل النيابية (الموالية والمعارضة) بحجة إفساح المجال أمام مزيد من التوافق حول النقاط الخلافية. وبذلك تكون هذه هي المرة الرابعة التي يؤجل فيها البرلمان النظر في مشروع القانون الانتخابي بسبب الخلاف بين الكتل النيابية حول منح حق التصويت لقوات الجيش والشرطة. وتعطلت المباحثات حول مشروع قانون الانتخابات البلدية والمحلية، التي انطلقت في حزيران (يونيو) الماضي، بسبب خلافات بين الكتل النيابية أبرزها بشأن حق القوات الحاملة للسلاح (الشرطة والجيش) في التصويت، حيث تعارض حركة «النهضة» الإسلامية هذا المبدأ في حين يدعمه حلفاؤها في التحالف الحكومي (نداء تونس وآفاق تونس) ومعارضوها في اليسار. وقال القيادي البارز في «النهضة» النائب عبد اللطيف المكي، إن الحركة «لا تزال متمسكة بموقفها الداعي إلى عدم التصويت للأمنيين والعسكريين حفاظاً على حياد القوات الحاملة للسلاح»، مشيراً إلى أن قيادات أمنية وعسكرية طلبت من النواب عدم إقحام هذه الأجهزة في الصراع السياسي. وطالب المكي في تصريح إلى «الحياة»، بضرورة «التصويت على فصول القانون بأسرع وقت حتى نفسح المجال أمام تنظيم الانتخابات البلدية والمحلية». وأضاف: «حتى لو لم نتوصل الى اتفاق يجب التصويت بالأغلبية وقبول نتائج التصويت». في سياق متصل، شدد رئيس كتلة الجبهة الشعبية اليسارية أحمد الصديق، في تصريح إلى «الحياة»، على «ضرورة التصويت على القانون ولو لم يتم الاتفاق حول النقطة الخلافية»، مذكراً بموقف الجبهة الداعي إلى منح الأمنيين والعسكريين حق التصويت. وتأخر البرلمان في المصادقة على القانون الانتخابي ما أخّر تنظيم الانتخابات المحلية في البلاد التي حلت المجالس البلدية وعوضتها بهيئات تسيير موقتة (نيابات خصوصية) لا صلاحيات لها، ما ساهم في تدهور الوضع المعيشي والبيئي بعد الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي. وحذرت الهيئة العليا للانتخابات من أن عدم إجراء الاستحقاق البلدي خلال العام الجاري سيضع البلاد أمام مأزق كبير بخاصة وأن تأجيل الانتخابات إلى العام 2018 سيجعلها قريبة جداً من موعد الاستحقاق الرئاسي والبرلماني في نهاية العام 2019. في غضون ذلك، أظهر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية أن مؤشرات مكافحة الفساد في تونس تحسنت في العام الماضي بعد اتخاذ الحكومة إجراءات فعلية لمحاربة هذه الظاهرة. وقالت منظمة الشفافية الدولية (منظمة دولية غير حكومية) في إحصاءاتها الأخيرة إن «مؤشر مدركات الفساد في تونس شهد تحسناً طفيفاً خلال العام 2016»، حيث حلت في المرتبة 75 عالمياً (المرتبة السابعة على المستوى العربي) من بين 176 دولة شملها التقرير. وأشار بيان منظمة «أنا يقظ»، الممثل الرسمي لمنظمة الشفافية الدولية في تونس، إلى أن هذا التحسن جاء «نتيجة إجراءات عدة اتخذتها الحكومة لمحاربة الفساد وأهمها إقرار قانون الحق في النفاذ إلى المعلومة الذي يُعد أحد أفضل القوانين الموجودة في المنطقة العربية». وأضافت المنظمة: «لقد ساهم تطوير قدرات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (هيئة عامة مستقلة) ودعمها جهود مؤسسات المجتمع المدني والمصادقة على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، في تحسين ترتيب تونس إضافة إلى وجود مساحة مساءلة جيدة مع الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني». إلى ذلك، قلّصت تونس في العام 2016 من خسائر سياحتها المتضررة جراء سلسلة هجمات إرهابية، إذ زارها نحو 6 ملايين سائح من بينهم أعداد كبيرة من الجزائريين والروس، وفق ما أفاد مسؤول في وزارة السياحة. وشهد العام 2015 مقتل 59 سائحاً أجنبياً في هجومين استهدف الأول متحف باردو وسط العاصمة (شمالي شرق) والثاني فندقاً في سوسة (وسط شرق) وتبناهما تنظيم «داعش» المتطرف. وألحق الهجومان أضراراً بالغة بالسياحة، أحد أعمدة الاقتصاد في تونس. وقال مدير عام «الديوان الوطني التونسي للسياحة» عبد اللطيف حمام، إن تونس استقبلت في العام 2016 أكثر من 5,7 ملايين سائح مقابل 5,3 ملايين في العام 2015. واعتبر المسؤول أن 2016 كانت «سنة أولى على طريق العودة إلى (الوضع) العادي». وفسر هذه الانتعاشة الطفيفة ب «أداء» السوقين الجزائري (1,8 مليون سائح) والروسي (623 ألف سائح). وارتفع عدد السياح الروس الوافدين إلى تونس في 2016 بنسبة 800 في المئة مقارنةً بالعام 2015، بسبب وضع «جغرافي- سياسي» جعلهم يعزفون عن زيارة تركيا ومصر. وتواصل ركود السوق الفرنسية، إذ لم يزر تونس العام الماضي سوى 400 ألف فرنسي وفق عبد اللطيف حمام.