استقبل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس، رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة الذي يزور فرنسا للمرة الأولى منذ توليه منصبه، حيث أجريا محادثات تناولت النهوض بالوضع الاقتصادي التونسي والمساعي المبذولة محلياً لإجراء انتخابات اشتراعية خلال العام الجاري. وعُلم أن هولاند وجمعة تناولا عقد مؤتمر دولي لمساعدة تونس بمشاركة أوروبية وخليجية في موعد لاحق قد يكون خلال شهر أيلول (سبتمبر) المقبل. وحرص جمعة الذي أقام في فرنسا لسنوات، حيث عمل لدى مجموعة «توتال» النفطية على التأكيد خلال محادثاته مع هولاند ورئيس الحكومة الفرنسي مانويل فالز ووزير الخارجية لوران فابيوس، على أن من أولويات الحكومة التي يرأسها منذ كانون الثاني (يناير) الماضي إعادة تحسين صورة بلاده بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية وخصوصاً الفرنسية. وأحاطت فرنسا ضيفها التونسي بالاهتمام والعناية نظراً للتقييم الإيجابي للأوساط الفرنسية لتطورات الوضع في تونس منذ صياغة الدستور الجديد، إذ تعتبر أن هذه التطورات نموذجاً يُحتذى من قبل دول الربيع العربي الأخرى. وكان جمعة أكد في تصريحات للإعلام الفرنسي أنه يعتزم تنظيم حوار وطني بين أرباب العمل والنقابات والمجتمع المدني حول خطة اقتصادية تدعم النهوض بالبلاد. وتطرق المسؤولون الفرنسيون مع جمعة إضافةً إلى المواضيع الاقتصادية، إلى الأوضاع الأمنية والتقدم الذي أحرزته القوى الأمنية حتى الآن في مجال السيطرة على مناطق تواجد الجماعات المتشددة المسلحةعلى صعيد آخر، سيطرت الوحدات العسكرية التونسية مساء أول من أمس،على جبل الشعانبي الحدودي مع الجزائر بعد عمليات عنيفة استهدفت مجموعات مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. ورفع جنود العلم التونسي على قمة الجبل، ما يُعتبر «تحريراً» للمنطقة، حيث تحصنت مجموعات مسلحة عدة. وكان الجيش شنّ عملية عسكرية واسعة في الجبل الواقع في محافظة القصرين (غرب) قبل أكثر من أسبوع، وصفها الناطق باسم وزارة الدفاع التونسية بأنها «الأعنف منذ انطلاق العمليات الإرهابية» هناك. من جهة أخرى، توصلت الكتل النيابية في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) أمس، إلى توافقات حول جملة من النقاط الخلافية في القانون الانتخابي الذي ستجرى بموجبه الانتخابات المقبلة المتوقع إجراؤها قبل نهاية العام الجاري. وصادق النواب على 170 فصلاً من فصول القانون في انتظار التوافق على فصول أخرى بقيت محل خلاف. وصادق المجلس ضد فصل «العزل السياسي» الذي اقترحته كتل نيابية «محافظة» ورفضته كتلة حركة «النهضة» صاحبة الكتلة الأكبر في البرلمان ويهدف هذا الفصل إلى منع رموز وقيادات النظام السابق من الترشح للانتخابات المقبلة. وتوافقت الكتل النيابية حول فصول تتعلق بالعزل السياسي وتمويل الحملات الانتخابية، كما تم التخلي عن فصل يسمح للأميين باصطحاب مرافقين أثناء التصويت، فيما لا يزال الخلاف قائماً حول المناصفة بين المرأة والرجل في رئاسة القوائم الانتخابية بعد التوافق على أن تكون عضوية تلك القوائم متناصفة بين الجنسين. وتواصل الخلاف الكبير بين النواب بشأن «قانون العتبة» الذي يمنع القوائم التي تحصل على أقل من 3 في المئة من الحصول على مقاعد مقابل تحويل أصواتها إلى قائمة أخرى. وتوقع النائب والمقرر العام للدستور حبيب خضر في تصريح إلى «الحياة» أن «تتم المصادقة النهائية على القانون الأربعاء (اليوم) إذا تم التوافق على ما تبقى من النقاط الخلافية». في سياق آخر، أكد رئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة إثر لقائه نظيره الفرنسي مانويال فالس مساء أول من أمس، «التزام فرنسا تقوية التعاون مع تونس في كل المجالات». وأضاف: «عبّر رئيس الوزراء الفرنسي عن تشبثه بإنجاح التجربة التونسية الفريدة في المنطقة». وصرح جمعة في حوار مع «إذاعة أوروبا» بأن دوره هو «إقناع المستثمرين الفرنسيين بأن الوجهة التونسية استعادت بريقها وأصبحت مستعدة لاحتضان المشاريع وتوجيه طاقة الثورة إلى العمل والبناء».