شدد وزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير أن «العلاقات السعودية - الأميركية علاقة طويلة الأمد، وهي علاقة استراتيجية، ذات جوانب عدة»، مؤكداً خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي جان مارك آيرولت، في الرياض أمس(الثلثاء) أن «المملكة ترتبط بعلاقات قوية جداً مع أميركا منذ عقود، وبخاصة في المجال الأمني والعسكري والسياسي والاقتصادي والعلاقات الاستثمارية والعلاقات بين الشعوب». وقال في إجابة على أسئلة الصحافيين حول هذا الملف – بحسب وكالة الأنباء السعودية – «يوجد ما يعادل نصف المبتعثين والمبتعثات خارج المملكة - والذي بلغ 200 ألف مبتعث ومبتعثة – نصف هذا العدد يدرس في أميركا، وكانت تجربتهم هناك رائعة وإيجابية، إذ اكتسبوا مهارات ومعارف ينقلونها لبلدهم في سبيل تعزيز وتطوير بلادنا»، مضيفاً «أعتقد أن الشعب الأميركي عبر عن صوته عندما انتخب ترامب رئيساً له، وعلينا أن نحترم إرادة الشعب الأميركي، ونتطلع للعمل مع إدارة الرئيس ترامب لتعزيز العلاقات الثنائية، والتعامل بإيجابية مع التحديات العديدة التي تواجهها منطقتنا، سواء أكنا نتحدث عن سورية أم العراق أم اليمن أم ليبيا أم مكافحة الإرهاب أم التعاطي مع القضايا المالية والطاقة». ولفت إلى أن «المواقف التي عبر عنها الرئيس ترامب كانت مواقف نتفق معه عليها اتفاقاً تاماً، فإعادة الحضور الأميركي على مستوى العالم هو أمر نرحب به نحن وجميع الأميركيين، وذلك لأن غياب الحضور الأميركي يخلق فراغاً، وإذا كان هناك فراغ في النظام الدولي فهو مدعاة لأن تسعى قوى الشر لأن تملأه، عندها سيتحتم علينا جميعاً تكثيف جهودنا لمواجهة قوى الشر هذه، وسيكون علينا أن ندفع ثمن ذلك غالياً، لذا فإن حضور أميركا في المسرح العالمي لتلعب فيه دوراً إيجابياً هو أمر نرحب به جميعاً». وأضاف: «صرح الرئيس ترامب بأن من أهدافه دحر داعش، ونحن حالنا في ذلك حال جميع الدول المتحضرة في العالم ندعم هذا الهدف، ونتطلع للعمل مع الإدارة الأميركية لتحقيق هذا الهدف، وتحدث عن احتواء إيران والحد من قدرتها على التسبب بحدوث القلاقل، والحرص على أن تلتزم إيران بكل ما ورد في الاتفاق النوي الذي وقعته، وهو يتطابق تماماً مع موقفنا، ونحن على استعداد للعمل معه في هذا النطاق، كما عبر عن هدفه بإعادة بناء تحالفات تقليدية أو تحالفات مع حلفاء أميركا التقليديين، وهو أمر نحن كذلك نرحب به. لذا نتطلع للعمل مع إدارة ترامب ونحن إيجابيين تجاه مستقبل العلاقات السعودية - الأميركية ونتطلع للعمل مع الإدارة الأميركية». وأشار إلى أنه «عند النظر إلى الأفراد الذين عينهم الرئيس ترامب، أو رشحهم لمناصب رئيسة في إدارته، سواء أكنا نتحدث عن الجنرال جيمس ماتيس لتولي منصب وزير الدفاع أم الجنرال كيلي وزيراً للأمن القومي أم دمايك بومبيو مديراً لوكالة الاستخبارات أم ريكس تيلرسون وزيراً للخارجية أم يبلور روس وزيراً للتجارة أم ستيفن منوتشين وزير الخزانة، فجميعهم أفراداً يتميزون بكفاءة عالية وخبرة واسعة، ويمتلكون رؤية واقعية وحكيمة تجاه العالم، ودور أميركا فيه». وأردف بالقول: «إننا متفائلون جداً بإدارة الرئيس ترامب، ونتطلع للعمل الوثيق مع إدارة ترامب للتعاطي مع التحديات العديدة، ليس على مستوى منطقتنا فحسب، بل على مستوى العالم». وختم بالقول: «عندما أتحدث عن نظرتنا الإيجابية تجاه إدارة ترامب، هي لأننا كنا على تواصل مع إدارته من أجل التباحث في هذه القضايا، فنستشعر بقوة هذه النظرة فيما يتعلق بالتصريحات التي ذكرتموها حول الجنرال فلين، فالجنرال فلين عرفناه منذ كان في منصبه في مديرية الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع والقيادة المركزية، وهو يتمتع بحس وطني عالٍ، يهمه أمن أميركا، وهو رجل يؤمن بالعمل الوثيق مع حلفاء أميركا، لذا فإنني أكرر القول بأنني شخصياً أتطلع للعمل مع فلين ومع جميع زملائنا في الإدارة الأميركية، وليس لدي شك من أن قدرتنا للتغلب على التحديات ستتعزز إذا ما عملنا مع بعضنا البعض بشكل وثيق». ورحب الجبير، خلال المؤتمر الصحافي بوزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي جان مارك آيرولت، في زيارته الأولى إلى المملكة، مؤكداً عمق العلاقات التي تربط البلدين والتي تأسست في 1926. ونوه الجبير بتطابق الرؤى بين البلدين تجاه عدد من القضايا مثل الأزمة في سورية، والأزمة اليمنية، والوضع في العراق، ولبنان وليبيا، وتدخلات إيران في شؤون دول المنطقة، مثمناً دور فرنسا فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط. ويؤكد: سياسة إيران طائفية تهدف إلى شق العالم الإسلامي قال وزير الخارجية عادل الجبير: «موقف المملكة داعم لأي جهود تؤدي إلى وقف إطلاق النار وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية في سورية، والتنسيق مع تركيا متين جداً وقائم ونحن ندعم أي جهود تؤدي إلى إخراج سورية من المأساة التي تعيشها الآن». وفي رد على تصريحات رئيس إيران أن المشكلة مع المملكة تتمحور في مسألة تدخلها في اليمن والبحرين، قال الجبير: «البحرين دولة حليفة، وبالنسبة لليمن فتدخل المملكة جاء نتيجة طلب حكومة شرعية في اليمن ومنع مجموعة انقلابية راديكالية موالية لإيران وحزب الله من السيطرة على اليمن»، موضحاً أن «المشكلات بين المملكة وإيران بدأت منذ الثورة الإيرانية ثورة الخميني في 79، عندما تبنت إيران سياسة طائفية وسعت إلى إحداث شق في العالم الإسلامي، وتبنت سياسة داعمة للإرهاب بتأسيسها لميليشيات حزب الله الإرهابي في لبنان، وباقتحامها سفارات واغتيال دبلوماسيين وعمليات إرهابية ليس فقط في المنطقة بل في أوروبا وفي أميركا الجنوبية وغيرها من المناطق، هذا سبب المشكلات». وأضاف أن «ما تقوم به إيران في سورية يعد جرائم حرب، وما تقوم به في العراق عبر تدخل كبير جداً في شؤون دولة عربية عريقة، وعبر تهريب الأسلحة والذخائر وزرع خلايا إرهابية في دول المنطقة بما فيها المملكة العربية السعودية يعد مخالفاً للأعراف وللأنظمة والقوانين الدولية، إيران تقوم بمد الحوثي بالسلاح، وهناك عدد من السفن التي تم القبض عليها كان فيها ذخيرة وصواريخ موجهة للحوثيين، هناك عناصر من الحرس الثوري الإيراني في اليمن وفي العراق وفي سورية، هذه المشكلات التي مع إيران». وقال: «المملكة لم تقم بأي عمل عدواني تجاه إيران لأن هذا ليس من أخلاقياتنا، المملكة دائماً تحاول مد يد الصداقة لكل دول الجوار، وأتمنى أن تستطيع إيران أن تغير أسلوبها وأن تغير سياساتها لتتماشى مع الأعراف والأخلاق الدولية». ولفت إلى أنه «في نهاية المطاف إيران دولة مجاورة ودولة إسلامية من الأفضل لنا ولهم التعايش، وألا يكون هناك اختلافات، والمملكة حاولت ولكن إيران تستمر في سياساتها العدوانية منذ ثورة الخميني ولم تتخلَ عنها، وإذا أرادت أن يكون لها أفضل العلاقات مع المملكة ودول المنطقة عليها أن تتبنى أسلوب وسياسات منطقية مبنية على عدم التدخل في شؤون الآخرين».