ساد الترقب في بيروت أمس لما سيحمله الأسبوع المقبل من تفاعلات وخطوات عملية إزاء عاصفة المواقف التي صدرت في لبنان والخارج في إطار الحرب على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والتي نقل فيها الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله المعركة الى مرحلة جديدة بدعوته ليل الخميس اللبنانيين والمسؤولين الى مقاطعة المحكمة والتحقيقات التي يجريها مكتب المدعي العام، وما سببه ذلك من ردود فعل محلية ودولية، لا سيما من المحكمة ذاتها. ويشمل هذا الترقب دولياً ما ستؤول إليه دعوة واشنطن مجلس الأمن الى اجتماع لمناقشة الوضع في لبنان وما تعرض له فريق التحقيق الدولي أثناء محاولته الحصول على معلومات وأرقام هواتف من عيادة نسائية، وسط توقعات بتصعيد أميركي ضد «حزب الله» الذي تتهمه الإدارة الأميركية ب «ترهيب» الحكومة والشعب اللبنانيين، في وقت أكد رئيس الحكومة سعد الحريري للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي اتصل به أول من أمس، «التزام لبنان مواثيق الشرعية الدولية بما يخدم سلامة التحقيق ومقتضيات العدالة في المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وسائر الشهداء». ويطرح الأسبوع المقبل أيضاً استحقاق عقد جلسة لمجلس الوزراء في ظل التصعيد الجديد ل «حزب الله»، والموقف الذي سيتخذه المجلس في هذه الحال. ولم تظهر حتى مساء أمس بوادر لدعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد الأربعاء المقبل، خصوصاً أن الرئيس الحريري غادر مساء أمس بيروت الى الكويت على أن يتوجه مساء اليوم منها الى لندن في زيارة رسمية، ليعود صباح الأربعاء. وقالت مصادر رسمية متصلة برئيس الجمهورية ميشال سليمان، إن الدعوة الى الجلسة غير أكيدة حتى الآن، وأشارت الى أن «هيئة الحوار الوطني» يفترض أن تُعقد الخميس 4 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، قبل انعقاد مجلس الوزراء. وتوقعت المصادر أن يكون الانقسام السياسي الحاد حيال المحكمة على طاولة الهيئة، نظراً الى التباعد الكبير في المواقف بين «حزب الله» وحلفائه من جهة، و «تيار المستقبل» وحلفائه من جهة ثانية. لكن إمكان تأجيل هيئة الحوار وارد أيضاً. ومع أن أوساط المعارضة تؤكد أن دعوة نصرالله الى مقاطعة المحكمة ستكتمل بمواقف متدرجة وخطوات إضافية تكرّس توجهها لإسقاط بند تمويل المحكمة الدولية في مجلس النواب، إضافة الى خطوات أخرى تصعيدية تطعن بدستوريتها، فإن أوساطاً نيابية أبلغت «الحياة» أن ما تردد عن أن المعارضة تنوي أن تطرح على المجلس النيابي خطوات عملية مثل التصويت على موقف يدعو مجلس الأمن الى إعادة النظر بالمحكمة، فكرة ليست عملية لأن لا تأثير لها، ولم يطرحها أي كان على رئيس البرلمان نبيه بري. وذكرت هذه الأوساط أنه إذا كانت قوى المعارضة وحلفاؤها تستطيع الحصول على أكثرية ما لهذا الغرض في البرلمان (وهي لن تكون أكثر من ال71 نائباً الذين وقعوا على مذكرة عام 2007 تطالب الأممالمتحدة بإقرار المحكمة في مجلس الأمن لتعذر ذلك في البرلمان اللبناني فيها) فالحري بها أن تطرح الأمر على مجلس الوزراء ليخاطب الأممالمتحدة بالموقف الجديد لأن الأمر يتطلب موافقة رئيس الحكومة عليه. من جهة ثانية، قالت مصادر نيابية ل «الحياة» إن الرئيس بري لديه مجموعة أفكار للتوصل الى حل ومخرج من الخلاف القائم بين اللبنانيين حول موضوع المحكمة، تداول فيها مع المسؤولين السوريين خلال زيارته دمشق قبل أسبوعين ثم خلال زيارته فرنسا مطلع هذا الأسبوع. وأشارت المصادر الى أن لدى بري رؤية سيتابع التحرك من أجلها لبلورتها أكثر وأنه في الاتصالات التي قام بها حتى الآن يسعى الى مراكمة المواقف منها وإنضاجها، بموازاة الترقب اللبناني العام للاتصالات السعودية – السورية الجارية حول الوضع في لبنان. وفي هذا السياق، أكد السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري أن قيادة المملكة العربية السعودية «تتابع كل ما يجرى في لبنان بدقة». وقال إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز «يتمنى أن يرى كل الطوائف وكل المذاهب تقف صفاً واحداً لتحصين لبنان من أي شر». وزار عسيري عكار وجال على بعض مناطقها.