سلطت العملية الأمنية التي استهدفت استراحة في حي الحرازات شرق مدينة جدة فجر أول من أمس (السبت)، الضوء مجدداً على خطورة المخططات الإرهابية التي تحاك داخل استراحات حولتها خلايا تابعة لتنظيمات مصنفة «إرهابية» في السعودية من أماكن للتنزه إلى أوكار لتصنيع المتفجرات وتدريب أفرادها واختبائهم فيها. ولم تغب الاستراحات المنتشرة على أطراف المدن والقرى السعودية وتقصدها العائلات في نهاية الأسبوع والشبان بشكل شبه يومي، للترويح عن النفس بعيداً عن المنزل، عن بيانات وزارة الداخلية خلال العقد ونصف العقد الماضيين، والتي تصدر في أعقاب العمليات الأمنية والاستباقية التي تنفذها إلا نادراً. فمنذ 11 عاماً دهمت قوات الأمن استراحة في حي اليرموك في الرياض، وطالبت أشخاصاً موجودين فيها بالاستسلام، إلا أنهم بادروا بإطلاق النار على رجال الأمن الذين تصدوا لهم. وأكد شهود عيان حينها أن «الإرهابيين سكنوا في استراحة اليرموك لفترة، وكانوا يتصرفون بشكل طبيعي لا يوحي بأنهم مطلوبون أمنياً، وكانوا يؤدون الصلاة جماعة في المسجد». وفجر أول من أمس، استهدفت عملية لقوات الأمن في حي الحرازات شرق جدة، استراحة استأجرها إرهابي برفقة امرأة ادعى أنها زوجته الثانية، وزعم أن الأولى تسكن في حي الصفا شمال جدة، وكان قدِم إلى الحي قبل شهرين، ووصفه السكان بأن «لحيته كانت طويلة، وسلوكه كان لطيفاً ولا تبدو عليه مظاهر تدل على انتسابه إلى الفكر المتطرف أو الجماعات الإرهابية، وأنّه سلم الدفعة الأولى من عقد الإيجار الذي يمتد عاماً كاملاً، وانطوى في بيته، لم يخالط أحداً ولم يجالس أو يستضف أو يحتك بأحد على الإطلاق». وفككت وزارة الداخلية السعودية في العام 2015، خلايا إرهابية، وقبضت على 93 شخصاً يتزعمهم شخص متخصص في صناعة المتفجرات، استخدموا أماكن برية خارج منطقة القصيم مقرات لأنشطتهم، ثم انتقلوا إلى استراحة استأجروها، وحرصوا على أن تكون في موقع آمن، وتلقوا فيها تدريبات متنوعة، منها صناعة الأكواع المتفجرة، وأجروا تجارب حية، ونفذوا إحداها في حفرة داخل الاستراحة. ونجحت أجهزة الأمن في أيار (مايو) الماضي في تطويق إرهابيين تحصنوا في استراحة بين مكةالمكرمة والطائف، واتخذوها وكراً لإدارة أنشطتهم، وحاصرتهم بشكل كامل، فبادر الإرهابيون إلى إطلاق النار تجاه رجال الأمن، الأمر الذي اقتضى الرد عليهم بالمثل وتحييد خطرهم. وأسفرت العملية عن مقتل اثنين منهم، وإقدام اثنين آخرين على الانتحار بتفجير نفسيهما بواسطة أحزمة ناسفة، فيما لم يصب أحد من السكان أو المارة أو من رجال الأمن بأذى. ومثلث الاستراحات مصدر قلق كبير للمجتمع، خصوصاً الموجودة داخل الأحياء السكنية، أما الواقعة خارج المدن فكانت أكثر خطورة في ظل «ضعف الرقابة» عليها، وقلة وعي ملاكها بالاشتراطات الأمنية عند تأجيرها. وعالجت وزارة الداخلية هذا الخلل بإقرار ضوابط أمنية تشمل التدقيق في هويات المستأجرين من خلال استحداث نظام «شموس». وتتولى الوزارة مسؤولية تشغيله والإشراف عليه، ويتضمن ضوابط إدخال بيانات المستأجر بشكل فوري في النظام الأمني على أن تكون البيانات المدخلة فيه صحيحة ومكتملة وبموجب الهويات الوطنية أو جوازات السفر أو أي هوية شخصية معتمدة للمستأجر وعلى مسؤولية المُدخل.