بعدما انتظر المشاهدون مسلسل «عيلة متعوب عليها» لأشهر طويلة ظهر العمل أخيراً على شاشة ال «أم تي في» لنجد أنفسنا أمام عملٍ نادراً ما نشاهد مثله في لبنان، بل في العالم العربي، يجمع بين الغناء والتمثيل. هذا النوع من المسلسلات تفرّد به الكاتب مروان نجّار منذ مسلسل «حرّيف وظريف» مع الممثل وليم حسواني، وها هو يعود اليوم مع ممثلة ومغنية ظريفة هي إيفون الهاشم «إبنة العيلة المتعوب عليها». إيفون الهاشم التي شاركت في أعمال مسرحية مهمة تشارك للمرّة الأولى في بطولة عمل تلفزيوني، تقول انه «جديد من نوعه من ناحية النص والتصوير والإخراج، ويبدو من ردود أفعال الناس أنّهم مسرورون بمشاهدته». إيفون رفضت أن تشاهد الحلقات قبل عرضها على الشاشة مع العلم أنّ الحلقات الست الأولى تمّ تصويرها قبل عامٍ تقريباً، فانتظرت كي تشاهده مع كلّ الناس وكانت النتيجة أنّها راضية عن أدائها وعن الطريقة التي تعاطت بها مع الدور. هل يمكن اعتبار الهاشم سبّاقة في أداء هذا النوع من الأدوار الذي يتطلّب موهبة في التمثيل والغناء على حد سواء؟ «سأترك للناس حرية وصفي بالسبّاقة» تقول، «لكنّني أريد التركيز على فكرة أنّنا في الجامعة لا نتعلّم كيف نمثّل نصّاً مغنّى على طريقة البلاي باك، فهناك تقنيات عديدة حاولت اكتشافها والعمل بها خلال التصوير». حين نذكر لإيفون أنّ مروان نجّار أشاد بطريقتها في «تمثيل الغناء» تُعلن أنّ نجّار هو الذي ساعدها كي لا تقع في الفخ، «شدّد على فكرة أنّ عليّ أنّ أغنّي كما تغنّي الشخصية في المسلسل لا كما تغنّي إيفون في الحياة». وتوضح أنّ الفارق بين الطريقتين هو أنّها في التمثيل عليها أن تقدّم أحياناً تنازلات في نوعية الصوت من أجل خدمة الشخصية، «فلا يمكن أن يكون همّي إظهار خامّة صوتي وإحساسي في الغناء في حين تكون الشخصية غاضبة وتصرخ مثلاً، لذلك حين تسمعني أغنّي على الشاشة سيكون الأمر مختلفاً جداً عمّا ستسمعه حين أكون على المسرح أو في الأماكن التي أغنّي فيها». الممثلة داخل المغنية إيفون هاشم التي درست التمثيل والغناء الشرقي الحديث أين تجد نفسها أكثر، في التمثيل أو في الغناء أو في الجمع بينهما لتكون فنانة استعراضية؟ تسارع إلى القول: «الأكيد أنني لا أطمح أبداً لأن أكون فنانة استعراضية»، وتتابع موضحة «يمكن أن تجد في داخلي إيفون الممثلة التي درست المسرح والإخراج، وإيفون المغنية التي تكتب وتلحّن أغانيها وتقدّمها في الحفلات، وكلّ واحدة منفصلة عن الأخرى ولا أطمح أبداً إلى المزج بينهما إلاّ في حال طُلِب مني ذلك من أجل عملٍ ما»، ثمّ تختم مشدّدة على الفكرة «أكثر ما يهمّني حالياً هو ألاّ أوضَع في إطار الفتاة الريفية الخفيفة الظلّ لأنّ هذا ما يحصل في معظم الأوقات مع المنتجين والمخرجين، أنا أستطيع أن أؤدّي أدواراً درامية مركّبة تماماً كما أؤدّي الأدوار الطريفة». إيفون شاركت في مسرحية «نساء الساكسفون» للمخرج جواد الأسدي، ومثّلت وغنّت في عمل أوبرالي للسويسري روبير كلير، وعملت مع مخرجة فرنسية في مسرحية عنوانها «avant garde» وقدّمت الكثير من الحفلات الغنائية... ولكنّها لم تشتهر ولم تُعرَف من فئة كبيرة من الناس إلاّ حين أطلّت عبر شاشة التلفزيون، فهل تشعر بأنّ التعب في المجالات البعيدة عن التلفزيون يذهب سدى، على الأقل لناحية اكتساب الشهرة؟ «ليس موضوع الشهرة هو المهم في هذا الأمر، بل ما يعكسه هذا الواقع المؤسف» تقول إيفون، وتضيف: «هذا دليل أنني أعيش في مجتمع من المؤكّد أنّ خبزه اليومي ليس الثقافة، ولا يمكن لومه كثيراً لأنّه يلتهي عنها بمعاناته اليومية وبالمشقّات التي يواجهها لذلك لا ألومه بقدر ما أفهمه، ولكن لا أستطيع إلاّ أن أعبّر عن أسفي». غناء بالانكليزية على صعيد الغناء، تحضّر إيفون الهاشم ألبوماً كتبت أغانيه ولحّنتها، ومن المقرر أن يصدر في لبنان قريباً. وهناك أيضاً ألبوم آخر يتمّ التحضير له في لندن «سأسافر إلى هناك لأكتب وألحّن بعض الأغاني باللغة الإنكليزية وسأسجّلها بصوتي ثمّ أعود إلى لبنان». هل يمكن الاستنتاج أنّها تريد أن تدخل رسمياً إلى عالم الغناء، أي بمعنى أكثر دقّة، هل سنراها تغنّي مثل باقي الفنانات الموجودات على الساحة الفنية حالياً؟ تجيب: «أنا أرفض تصنيف الناس في فئات أو حصرهم في خانات وإطارات محددة» تؤكّد، «ما يمكن أن أجزمه هو أنني سأقدّم نفسي كما أنا، وبالتالي لن أنتمي إلى الجوّ الفنّي التجاري السائد الذي يتّخذ في عالمنا العربي صفة سيئة، مع العلم أنّ هذا الفنّ في الغرب له مكانة مرموقة ومحترَمة جداً». في النهاية تفكّر قليلاً وتضيف «إذا كان لا بدّ من أن أضع نفسي في خانة ما فأنا لا أقبل أن أقدّم فنّاً أقل من مستوى ما تقدّمه السيدة فيروز أو ماجدة الرومي أو جوليا بطرس... وليس لي إلاّ أن أترك للزمن تحديد الخانة التي أنتمي إليها بالفعل».