كثّف الكرملين اتصالاته لضمان إجراء مفاوضات آستانة السورية في موعدها المقرر مبدئياً في 23 الشهر الجاري، فيما ترددت معطيات عن احتمال تنظيم لقاء لمعارضين سوريين في موسكو بهدف وضع «لائحة موحدة للمعارضة إلى محادثات جنيف» التي ستُجرى الشهر المقبل برعاية الأممالمتحدة. وكررت روسيا، في شكل أكثر صراحة أمس، أن وادي بردى قرب دمشق ليس مشمولاً بوقف النار، في وقت تقدّمت القوات النظامية السورية في عمق الوادي، وأكدت الأممالمتحدة ابرام الحكومة السورية اتفاقات مصالحة محلية مع بعض القرى، محذّرة من «تصعيد عسكري» في بقية القرى الرافضة الانضمام إلى التسوية. وتحرّكت أنقرة أمس لمواجهة مساع بدأها أكراد يزورون واشنطن بهدف فتح مكتب للإدارة الذاتية الكردية السورية في العاصمة الأميركية، خلال المرحلة الانتقالية بين إدارتي الرئيس باراك اوباما والرئيس المنتخب دونالد ترامب. وتزامن ذلك مع تشديد مسؤولين أتراك ضغوطهم على فصائل معارضة للموافقة على المشاركة في مفاوضات آستانة وفق الترتيبات المتفق عليها مع الجانب الروسي، وذلك رداً على شروط وضعها قادة فصائل من المعارضة المسلحة. وفوجئ الجانبان الروسي والتركي، مساء أول من أمس، بتقديم قادة معارضين سوريين ورقة تتضمن «شروطاً» للمشاركة في آستانة، شملت وقف انتهاكات وقف النار في وادي بردى والغوطة الشرقية، ووقف المصالحات التي تفرضها الحكومة في ريف دمشق، وجدولاً زمنياً وبرنامجاً للمفاوضات. وقالت مصادر مطلعة إن أنقرة مارست ضغوطاً شديدة على الرافضين وطلبت منهم الذهاب إلى آستانة «وفق الترتيبات» المقترحة، ومناقشة خروق وقف النار ومطالب الفصائل هناك، إذ أنها «تعتبر الهدنة صامدة رغم الخروق». وبرز أمس تطور عزز اتفاقات موسكووأنقرة، تمثل بزيارة وفد كردي ضمن «مجلس سورية الديموقراطي» واشنطن. وقال مسؤول كردي ل «الحياة» إن الوفد يضم رئيسة المجلس الهام احمد وبسام اسحاق وانهما سيلتقيان المبعوث الأميركي للتحالف الدولي ضد «داعش» بريت ماكغورك ومسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي روبرت مالي، لافتاً إلى أن الادارة الأميركية «تدرس في شكل ايجابي» طلب الادارة الذاتية فتح مكتب لها في واشنطن. وأثارت زيارة الوفد الكردي غضب أنقرة، إذ قال الرئيس رجب طيب أردوغان الخميس إنه لا يحق لأحد أن يزعم أن «وحدات حماية الشعب» الكردية الذراع العسكرية لحزب «الاتحاد الديموقراطي» ليست لها صلات بالمسلحين الأكراد في تركيا، أي «حزب العمال الكردستاني»، بعدما أعاد الجيش الأميركي نشر بيان على «تويتر» لتحالف «قوات سورية الديموقراطية» نفى وجود صلة ب «الكردستاني» الذي تعتبره أنقرة «تنظيماً ارهابياً». وتحدث الموفد الخاص للأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا عن تطورات الوضع في وادي بردى، وقال في جنيف أمس: «المعلومات التي نملكها تفيد بأن خمس قرى في منطقة الوادي توصلت الى اتفاق مع الحكومة وهذا نبأ سار ... لكن قريتين، خصوصاً حيث يقع النبع، لم تتوصلا إلى اتفاق. هناك خطر، خطر ممكن، خطر وشيك من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد عسكري». وجاء تصريحه في وقت أكد «الإعلام الحربي» ل «حزب الله»، المشارك في معارك وادي بردى، أن «الجيش السوري تقدم في بسيمة وصولاً إلى جسر وجامع البلدة بوادي بردى»، مشيراً إلى «قتلى وجرحى في صفوف جبهة النصرة والفصائل الأخرى». في باريس، قال الرئيس فرانسوا هولاند أمام أعضاء السلك الديبلوماسي إن الرئيس بشار الأسد لا يمكن أن يكون هو الحل لسورية لأنه سبب الأزمة في بلده، لكنه أكد ضرورة إشراكه في أي مفاوضات من أجل إنهاء النزاع. وشدد على أن أي مفاوضات يجب أن تقوم على أساس «بيان جنيف» للعام 2012 الذي ينص على إنشاء هيئة حكم انتقالية. وفي نيويورك أعلنت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة سامنثا باور في بيان أن الولاياتالمتحدة فرضت عقوبات على الجيش السوري والقوات الجوية والبحرية السورية، إضافة الى 18 ضابطاً رفيعاً في الجيش والاستخبارات. وبلغ عدد المدرجين على لائحة العقوبات الأميركية وفق البيان 24 شخصاً ومؤسسة «رداً على استخدام النظام السوري أسلحة كيماوية». وقالت إن الأشخاص هم: حسن الحسن (كولونيل في الاستخبارات الجوية)، ومحمد بلال (كولونيل في الاستخبارات الجوية)، ومحمد خالد رحمون (قائد الأمن السياسي)، واللواء ياسين أحمد ضاحي، ومدير الاستخبارات العسكرية اللواء محمد محمود محلا، وقائد سلاح الجو والدفاع الجوي اللواء أحمد بلول، واللواء بديع معلا، وسواهم. وضمت المؤسسات المشمولة بالعقوبات، القوات الجوية، وقوات الدفاع الجوي، والجيش، والبحرية، والحرس الجمهوري، ومنظمة الصناعات التكنولوجية. واعتبرت باور أنه «كان على مجلس الأمن الذي شكل لجنة التحقيق» التي توصلت الى تأكيد استخدام الجيش السوري أسلحة كيماوية أن «يتخذ إجراءات لمحاسبة هؤلاء الأفراد والمؤسسات، وإخضاعهم لمحاكمة أمام محكمة مستقلة». وقالت أنه «الى أن يقوم مجلس الأمن بمحاسبة هؤلاء المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية، فإن الولاياتالمتحدة وشركاءها «سيتخذون إجراءات للقيام بهذه المهمة والتأكد من إنهاء الحصانة على الذين قصفوا مواطنيهم بالغاز». ودعت باور روسيا وإيران «اللتين تعملان عن قرب مع الحكومة السورية، الى فعل المزيد لوقف هذه الأعمال الوحشية ودعم إجراء محاسبة على الأعمال التي أجمع العالم على تجريمها». كما دعت الدول التي ترفض استمرار الحصانة على هؤلاء المسؤولين الى «أتخاذ إجراءات لمحاسبة هؤلاء الأفراد والمؤسسات المتورطين في هذه الأعمال النافرة».