احتضنت الفتاة صديقتها واجهشتا في بكاء غير صامت. الفتاتان تدرسان في مدرسة «انترناشيونال كولدج»، وتضع كل منهما على سترتها البيضاء ملصقاً يحمل عبارة «أنا ما بسرع». امام فندق «موفيمبيك» على الرصيف البحري لبيروت، لم تكن الفتاتان الا جزءاً من مشهد اوسع. مشهد تلون بالأبيض في ذكرى اليوم الخامس لغياب طلال قاسم، ابن ال17 سنة الذي صدمته سيارة مسرعة بينما كان يجتاز الطريق مقابل الفندق قاصداً مدرسته القريبة، وتوفي على الفور. أمس، اختار اصدقاء طلال وعائلته ومعهم افراد من جمعية «كن هادي» و «يازا» ان يعيدوا التذكير بغيابه بتجمع دعوا اليه في مكان وفاته، واضعين الاصبع على جرح بات يتسع يوماً بعد يوم، جرح السير في لبنان وسلامة المواطنين التي باتت مهددة على طرق لبنان كل يوم. ارتدى المشاركون وبينهم الوزيران زياد بارود وعدنان القصار والنائب مروان حمادة ورئيس بلدية بيروت بلال حمد ملابس بيضاً، واطلقوا في الهواء بالونات بيضاً عليها صور طلال ورفعوا لافتات تعكس خوف الجميع من ازدياد نسبة الوفيات في حوادث السير خلال الفترة الاخيرة، ودعوتهم المواطنين الآخرين الى الابتعاد من السرعة على الطرق، ومطالبتهم الدولة بشبكة طرق آمنة ومؤهلة وتأمين جسور للمشاة. قبل التجمع سار رفاق طلال ورفاق وأهالٍ لضحايا سقطوا في حوادث سير مشابهة، من امام منزل ذويه في الرملة البيضاء الى الرصيف المحاذي للفندق، في محاكاة لمشوار طلال الاخير نحو المدرسة. بعد وصول المشاركين الى المكان المحدد، ألقت نائبة رئيس جمعية «كن هادي» لينا جبران كلمة شكرت فيها كل المشاركين، وطالبت ب «العمل على تغيير طريقة قيادتنا لسياراتنا وآلياتنا والتشدد في موضوع منع شرب الكحول قبل واثناء القيادة والسرعة واعتماد حزام الامان والتزام الخوذة لراكبي الدراجات النارية وعدم التكلم عبر الخليوي اثناء القيادة». ثم القت زينة القصار والدة طلال كلمة مؤثرة، تحدثت فيها عن طلال «الذي طلع من البيت وما وصل عالمدرسة، طلع من قلبي ورجع عا قلب التراب. والخطابات بقدر ما كانت قوية لا تساوي ضحكة من ضحكات طلال». واعتبرت ان ابنها توفي «لأن القانون أضعف من الناس والناس اقوى من القانون، ولأن الطرقات عندنا هي طرقات للموت وليست للحياة». تلت ذلك أغنية أداها رفاق طلال بعنوان «trinite»، ثم أطلقت البالونات التي تحمل صوره وسط بكاء وحزن شديدين.