كثر الكلام هذه الأيام في باريس عن إعادة هيكلة «إذاعة الشرق» في فرنسا، وهي إذاعة مهمة في المجال الإعلامي ولها موقع مؤثر على 5 ملايين مسلم من حيث الاعتدال والبرامج الثقافية والسياسية التي تحظى باهتمام الجالية العربية في فرنسا . ومنذ بدء العمل على إعادة هيكلة الإذاعة بدأت حملات على رئيس مجلس الإدارة فؤاد نعيم الذي تحدث الى «الحياة» حول الأوضاع في هذه المؤسسة الإعلامية البارزة. يقول نعيم: « ما يجرى في إذاعة الشرق هو مماثل لما يحصل في كل وسائل الإعلام في فرنسا والعالم، خصوصاً الإذاعات، فهناك تقليص في المدخول، مدخول إذاعة الشرق يأتي 20 في المئة منه من الإعلانات و80 في المئة من شركة لبنانية تشتري إذاعة الشرق لتوزيعها في الشرق الأوسط وهي شركة «ويف هولدينغ». بيد أن الشركة قررت التوقف عن شراء البرامج، فوجدت الإذاعة شركة أخرى مستعدة أن تشتري البرامج بنصف السعر السابق. ويقول نعيم: « كنا أمام احتمالين إما أن نستمر مع نصف المدخول الذي اعتدنا عليه منذ 20 سنة، أو نجد صيغة لإعادة هيكلة الإذاعة بحيث نتخلى في المرحلة الأولى عن 50 في المئة من الموظفين بصيغة تسمح لهم بالتخلي الطوعي على أن نعيد هيكلة الإذاعة من الداخل في غضون سنة أو سنتين، ومن ثم ننطلق من جديد دون أن نغلق الإذاعة». ويضيف: « لا يمكن اغلاق الإذاعة نظراً لأهميتها من حيث الرسالة التي حددها لها صاحبها (الرئيس الراحل رفيق الحريري وعائلته) التي هي صوت الإسلام المعتدل وصوت العرب المعتدلين في أوروبا بالمقاربة الموضوعية من جهة، ومن جهة أخرى أن يكون لدى المستمع العربي في فرنسا وسيلة إعلامية يمكنه العودة اليها ليعرف تفاصيل الأخبار في العالم العربي والإسلامي، من هنا نعتبر أنفسنا إذاعة تكمّل الإذاعات الفرنسية لأنها لا تتصدر الحالات المختلفة في فلسطين والعراق ولبنان دائماً». وعن علاقة إذاعة الشرق فرنسا بإذاعة الشرق في لبنان يوضح نعيم: «نحن مستقلّين تماماً عنها. فنحن شركة فرنسية، كانت ويف هولدينغ تشتري منا برامج لتبيعها لإذاعة الشرق وغيرها من زبائن. مثل بعض نشرات الأخبار وبرامج أخرى». ويضيف: «انتهت علاقتنا مع الزبون الرئيس السابق ووجدنا آخر اسمه «ميديا تايز» يشتري منا ب 50 في المئة أقل. وكما تنص عليه القوانين الفرنسية قمنا بخطة للتخلي الطوعي عن 35 موظفاً بين صحافي وتقني وإداري بتعويضات يفرضها علينا القانون الفرنسي ويُضاف إليها بطلب من أصحاب المؤسسة تعويضات إضافية يعتبرالجميع أنها جيدة لمن يريد ترك عمله». وتأخذ هذه التعويضات في الاعتبار سنوات الخدمة، ولكن تتناول أيضاً الحالة الخاصة لكل موظف أي إذا كان لديه عائلة أو يعمل وحده وزوجته لا تعمل وإذا كان بحاجة الى إعادة تدريب، وإذا ذهب الى مؤسسة أخرى في بلد آخر أو مدينة أخرى ويحتاج الى فتح منزلين هناك، تعويض خاص للانتقال وللبيت هنا وهناك. ويرى نعيم أنه حتى آخر السنة «ينبغي أن نكون وصلنا الى نتيجة بحيث يستقيل أو يغادر الموظفون الذين يريدون المغادرة لأن موازنتنا لن تسمح أن نستمر ب70 موظفاً، لذا هناك ضرورة أن نسرّع التفاوض مع اللجنة التي تمثل الموظفين وإذا لم نصل الى نتيجة لن يعود لدينا المبالغ الكافية لنتمكن من التعويض بالشكل المناسب». ويضيف نعيم: «تقديرنا إنه يجب أن تعطي المفاوضات نتيجة لأننا مضطرون إلى أن نتخلى عن 35 موظفاً ونفضل ألا نتكلم عما يجرى لاحقاً إذا لم يغادروا». وعن الحملات التي ظهرت في بعض الصحف اللبنانية أن مشكلة إذاعة الشرق هي سوء إدارة وليست نقصاً في المدخول، يوضح نعيم: « في الحقيقة ثمة مشكلة يُحاسب عليها رئيس الشركة من قبل أصحاب الشركة، اضافة أنه أصبح لدينا 70 موظفاً بدلاً من 60 و15 نشرة أخبار بالفرنسية و15 بالعربية بدل أربع نشرات سابقاً، وعدد مستعمينا في باريس وحدها حوالى مليون مستمع في الأسبوع، وهذا لم يحصل سابقاً». ويتفهم نعيم أن البعض يعتبر أن هناك صعوبة كبيرة في خروج أي كان من عمله، ولكن لم يكن هناك أي حل آخر في ظل محاولة الحصول على اكبر التعويضات الممكنة. ويوضح أن الإذاعة ستقلص نشرات الأخبار الى 4 بالعربية و4 بالفرنسية، وستزيد الفترات الموسيقية، وبعض البرامج المباشرة مع الجمهور. وعما يقال من أسباب سياسية وراء اعادة الهيكلة يقول: «هذا كلام غير صحيح لأن الأسباب المالية واضحة، البعض قال إننا نتخلى عن بعض الأشخاص لأسباب سياسية وهذا غير صحيح».