أوضح رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها الدكتور عبدالعزيز بن محمد السعيد أن المفاهيم الخاطئة لدى الغرب عن الرسول والإسلام كثيرة ولا تقتصر على زواجه الباكر من عائشة رضي الله عنها أو تعدد زوجاته، وأرجع ذلك إلى أمور عدة بينها «المعلومات المغلوطة بسبب عدم دقة الناقل أو حقده، أو تحليلات وفهمٍ للأدلة على غير مرادها، أو تغييب الجمع بين النصوص». وأفاد في حوار مع «الحياة» أن مؤتمر «نبي الرحمة» الذي عقدته جمعيته في الرياض أخيراً لم يقتصر على الداخل، بل شارك فيه عدد كبير من دول العالم العربي والإسلامي وأميركا وأوروبا وغيرها، ولفت إلى أن المؤتمر لم يخص الحقوقيين أو البرلمانيين بدعوة مستقلة، «لاعتقادنا أن حضور هؤلاء سيكون مهماً لو كان الموضوع يناقَش في أبعاده السياسية والدولية». ورأى أن توافق مؤتمر الندوة العالمية للشباب الإسلامي (الشباب والمسؤولية الاجتماعية) مع مؤتمر «نبي الرحمة» لا يدل على أن العمل الإسلامي يفتقد «التنسيق»، إذ «كل مؤسسة لها برامجها الموقتة، المبنية على خططها، ولا أظن أن هناك تعارضاً». فيما يلي نص حوار معه. ما سبب انعقاد المؤتمر؟ - بعد ظهور الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، وما تبع ذلك من برامج إعلامية ودعوية وعلمية لإبراز سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وبيان حقوقه والرد على المسيئين له، درس القائمون على الجمعية جملة من الأساليب التي يمكن أن تكون أكثر فاعلية في إيصال الصورة الصحيحة للإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم لغير المسلمين، والرد على قلب الحقائق، وفي الوقت نفسه تُبين الطريقة الشرعية لنصرته والدفاع عنه، فجاء عقد هذا المؤتمر. يلاحظ تزامن التوقيت الذي أقمتم فيه مؤتمر «نبي الرحمة» مع مؤتمر الندوة العالمية للشباب الإسلامي «الشباب والمسؤولية الاجتماعية» الذي أقيم في الفترة نفسها، ما أوحى بأن التنسيق بين الجهات الإسلامية مفقود... ما رأيكم؟ - كل مؤسسة لها برامجها الموقتة، المبنية على خططها، ولا أظن أن هناك تعارضاً بينهما، ولا سيما أن المناسبتين في بلدين مختلفين، والموضوعين كذلك. من المستهدفون في مؤتمر «نبي الرحمة» العالم الإسلامي أم الغربي؟ - المؤتمر يستهدف الفئتين كلتيهما، فالمسلم بحاجة إلى تعزيز الجانب الإيماني لديه، وتعريفه بحقوق النبي صلى الله عليه وسلم، والأسلوب الصحيح لنصرته والدفاع عنه، وكشف الشبهات التي ترد عليه حول الرسول والإسلام، وغير المسلم استهدفناه لتصحيح المفاهيم الخاطئة لديه عن الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم، وتعريفه بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة رسالته برسالات الأنبياء، وعلاقته بالآخر. هل حضر المؤتمر حقوقيون ومسؤولون برلمانيون في الغرب، أم اقتصر فقط على الداخل؟ - لم يقتصر المؤتمر على الداخل، بل يشارك في المؤتمر عدد كبير من دول العالم العربي والإسلامي وأميركا وأوروبا وغيرها، والمؤتمر يتناول الموضوع من الزاوية العلمية والفكرية، وهو ما تدل عليه أهداف المؤتمر ومحاوره، ولهذا ركزنا على المؤسسات والشخصيات العلمية والفكرية أكثر من غيرها، ونرحب بمشاركة غيرهم وحضوره، لكن لم نخص الحقوقيين أو البرلمانيين بدعوة مستقلة، لاعتقادنا بأن حضور هؤلاء سيكون مهماً لو كان الموضوع يناقَش في أبعاده السياسية والدولية، وهو ليس من اختصاصات الجمعية، إذ هناك جمعيات علمية ومؤسسات سياسية أكثر التصاقاً به. البعض ينتقد في الخطاب الإسلامي المدافع عن نبي الرحمة، أنه ينطلق من منطلقات دينية، في حين أن الغرب لا يؤمن بها، ما رأيكم في ذلك؟ - محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته وتوقيره أمر متحتم بموجب النصوص الشرعية، ولا خيرة للمسلم فيه، ولهذا فإن المسلم وهو يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم يستصحب هذا الأمر تقرباً إلى الله تعالى وقياماً بالواجب، هذا من جهة أصل الدفاع، أما من جهة أسلوبه وأصوله؛ فإن الشريعة جاءت بالبراهين الشرعية والعقلية والحسية، حيث المجادلة بحسب المجادل وما يدلي به من أدلة يستشهد بها على رأيه أو فكرته، وهو ما سلكه ويسلكه علماء المسلمين؛ لأن المقصود إحقاق الحق ودفع الباطل. ومن محاور المؤتمر محور يتعلق بوسائل الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تناول الضوابط الشرعية للنصرة والدفاع عنه بالبراهين الشرعية والعقلية، وتقويم المفاهيم والأعمال الخاطئة في الدفاع عنه صلى الله عليه وسلم. ما أبرز المفاهيم الخاطئة لدى العالم الغربي، وهل لديكم بحوث موسعة حول الشبهات التي يثيرها الغرب عن الرسول صلى الله عليه وسلم كزواجه من عائشة رضي الله عنها وهي صغيرة، أو تعدد زوجاته وغير ذلك؟ - المفاهيم الخاطئة لدى الغرب عن الرسول والإسلام كثيرة، وهي نتاج معلومات مغلوطة بسبب عدم دقة الناقل أو حقده، أو تحليلات وفهم للأدلة على غير مرادها، أو بتر النصوص عن بعضها، وعدم الجمع بينها، أو الإصرار على أفكار انطباعية سابقة تبنى عليها كل معلومة وتُطوّع لها، أو كون القائل غير متجرد، أو الدراسة غير موضوعية، أو نقد الغرب لما عندنا بناءً على ما عندهم، بقطع النظر عن رؤية الحق فيما عندنا نحن المسلمين، إلى غيرها من الأسباب. وفي تصوري أننا بحاجة إلى معرفة أصل حصول هذه المفاهيم الخاطئة عند الغرب أكثر من حاجتنا إلى معرفة أبرزها. ولا شك أن هناك مفاهيم خاطئة لها رواج في الغرب فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحقوق المرأة والحدود والجهاد وغيرها من القضايا حديث الساعة. وتطرق المؤتمر إلى كثير من الشبهات سواء في سيرته أو زوجاته أو شريعته، بل هناك محور يتعلق بتقويم آراء الكتاب غير المسلمين في الإسلام ونبيه وأصول الصورة المشوهة للنبي صلى الله عليه وسلم ومكوناتها. كيف تقوِّم ردة الفعل الإسلامية تجاه الرسوم الكاريكاتورية المسيئة، إذ يرى البعض أن المسلمين انجروا نحو الاستفزاز كما يريد الرسام؟ - ردة الفعل منها ما كان عاطفياً فقط، وهذه وقتية تتزامن مع الحدث، وقد تصاحبها أخطاء أو خروج عن أدلة الكتاب والسنة، وهناك ردة فعل شرعية بمعنى أنها وضعت الحدث في إطاره الشرعي سواء في التعامل معه كقضية طارئة أو الاستفادة منه في تصحيح المسار والرؤية. إلى أي مدى يسهم حوار الحضارات في توصيل رسالة المؤتمر؟ - الحوار أو المجادلة ركيزة مهمة في إقناع المخالف، وهو ما أصّله الكتاب والسنة، وموضوع المؤتمر له صلة كبيرة بهذا الجانب بل أقول: إن كل موضوع من موضوعاته مشتمل على الحوار، ولهذا أعتقد أن أبحاث هذا المؤتمر ستكون مصدراً مهماً يستفاد منه في حوار الحضارات. من يتحمل تشويه صورة الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم في الغرب من وجهة نظركم؟ - يتحمل تشويه صورة الإسلام في الغرب من ينقل معلومة غير صحيحة ويتصورها أو يصورها على أنها الإسلام، أو من يجعل تصرفات المسلمين هي الإسلام بقطع النظر عن مطابقتها للقرآن والسنة أو مخالفتها، أو من يشذ في فهمه للأدلة من المسلمين ويقدمه للغرب على أنه الإسلام، أو يستكثر من المخالفات السلوكية والأخلاقية حتى ينطبع في ذهن المواطن الغربي أن هذا هو الإسلام، يضاف إلى هذا تقاعس كثير من المسلمين عن بيان الصورة الصحيحة للإسلام أو الرسول صلى الله عليه وسلم.