كانت مكسيكو سيتي أمس (الإثنين) مسرحاً «أسطورياً» لمراسم تكريم رسمية أولى للأديب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز الذي توفي الخميس عن 87 عاماً في حضور عائلته ورئيسا كولومبياوالمكسيك (البلد الذي اختاره مقراً له). وفي قصر الفنون الجميلة وضع وعاء أحمر قان يحوي رماد الكاتب الشهير على منصة نثر عليها الورد الأصفر، فيما مر آلاف الأشخاص على مدى أكثر من أربع ساعات أمامه. وقال الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس: «المجد الأبدي للشخص الذي أعطانا مجداً كبيراً». وأضاف سانتوس الذي بدا عليه التأثر أن كولومبياوالمكسيك «تتحدان لتكريم الشخص الذي لفت انتباه العالم في يوم من أيام كانون الأول (ديسمبر) 1982 من ستوكهولم المصقعة، عندما تكلم عن عزلة أميركا اللاتينية». وحيا الرئيس المكسيكي إنريكه بينيا نييتو بعد ذلك (أكبر روائي في أميركا اللاتينية في كل الأزمنة)، وأشار إلى أن المكسيك «هي موطن غابرييل غارسيا ماركيز الثاني» موضحاً أن «غابو كما كان يسمى تحبباً وضع الأدب الأميركي اللاتينية في مقدمة الأدب العالمي». وشكل الرئيسان مع وزراء عدة من البلدين، ثلة شرف حول الإناء ووقفوا دقيقة صمت قبل أن يصفقوا مطولاً في نهاية مراسم التكريم. وكان آلاف المعجبين بالكاتب مروا أمام الإناء الجنائزي على أنغام رباعي كان يعزف مقطوعات لبارتوك وبيتهوفن. ومن وقت إلى آخر كانت فرقة صغيرة لموسيقى الكومبيا وفايناتو من ساحل كولومبيا تتولى العزف، ما دفع جزء من الحضور إلى الوقوف والرقص قليلاً. وكان رماد الكاتب نقل إلى قصر الفنون الجميلة الرائع في وسط العاصمة المكسيكية من قبل أرملته ميرسيدس بارتشا وأبنائه وأحفاده الذين ارتدوا الأسود ووقفوا حول الإناء أيضاً. وبين الجموع التي أتت لإلقاء تحية أخيرة، حمل كثيرون زهرة صفراء كان يعتبر الكاتب أنها تحميه من سوء الطالع. وخلال فترة الانتظار الطويلة كان قراء يتناوبون أمام مذياع في القصر لقراءة مقتطفات من رواية «مئة عام من العزلة» تحفته الأشهر. وقالت جوسلين لوبيز وهي طالبة فنزويلية في الحادية والعشرين «أود أن أشكره لأنه زرع في حب القراءة. كما أنه أعطانا -مئة عام من العزلة- أتمنى أن يبقى راسخاً مئة عام إضافية في القلوب». وكان غارسيا ماركيز يعتبر المكسيك بلده الثاني، إذ وجد فيها الاستقرار من أجل كتابة الجزء الأكبر من نتاجه الأدبي. وفي بلده الأم تحضر السلطات الكولومبية مراسم تكريم له أيضاً. إذ يشارك الرئيس سانتوس اليوم الثلثاء في مراسم رسمية في كاتدرائية بوغوتا، وستعزف الأوركسترا السمفونية الوطنية القدس الجنائزي لموزار. و في اليوم العالمي للكتاب الذي يوافق الأربعاء، قررت الحكومة الكولومبية قراءة رواية «لا رسالة للكولونيل» (1961) في أكثر من ألف مكتبة عامة ومتنزه ومدرسة. وسيعطي الرئيس الكولومبي إشارة البدء بالقراءة شخصيا. وتنتظر كولومبيا قرار العائلة بشأن المكان الذي سيوضع فيه رماد غارسيا ماركيز، ويتم تقاسمه بين المكسيكوكولومبيا وربما في مسقط رأسه أراكاتاكا.