بددت أرقام موازنة العام الحالي 2016 التي أعلنتها وزارة المالية أمس، الكثير من المخاوف حول مستقبل الاقتصاد السعودي وتنامي عجز الموازنة، في ظل تراجع أسعار النفط، إذ أكدت تلك الأرقام متانة اقتصاد المملكة، وقدرته على مواجهة التحديات والأزمات العالمية، وخصوصاً الهبوط الحاد في أسعار النفط خلال العامين الماضيين، وذلك نظراً لارتباط اقتصاد المملكة القوي بالنفط، ما أدى إلى حدوث عجز كبير في الموازنة الحكومية، وأثر سلباً في تصنيف المملكة الائتماني. ونجحت الإصلاحات والقرارات الاقتصادية التي أقرتها الحكومة السعودية منذ عام، والتي وصفها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لدى افتتاحه أعمال السنة الأولى من الدورة السابعة لمجس الشورى بأنها مؤلمة، في خفض كبير في عجز الموازنة، علاوة على زيادة الإيرادات، وتقليص المصروفات. وأكدت وزارة المالية في بيانها عن الموازنة أمس، أن السياسة المالية في المملكة تهدف إلى تقوية وضع المالية العامة ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، والوصول إلى موازنة متوازنة بحلول 2020، وفقاً لتوجهات رؤية المملكة 2030 وبرامجها، التي منها برنامج التحول الوطني 2020 للجهات الحكومية المختلفة، وبما يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتدفق الاستثمارات الأجنبية وتعزيز نمو القطاع الخاص. وتوقعت وزارة المالية أن يصل إجمالي الإيرادات للعام الحالي 2016 إلى 528 بليون ريال بزيادة 2.7 في المئة عما كان مقدراً في الموازنة البالغ 514 بليون ريال، وأن تبلغ الإيرادات غير النفطية 199 بليون ريال مقارنة ب181 بليون ريال المقدرة ضمن موازنة هذا العام. وفي جانب المصروفات، قالت وزارة المالية إنه يتوقع أن تبلغ المصروفات الحكومية للعام الحالي 825 بليون ريال بعد استبعاد ما يخص الأعوام الماضية من نفقات غير معتمدة بالموازنة، بانخفاض يعادل 1.8 في المئة مقارنة بما صدرت به موازنة 2016 البالغة 840 بليون ريال، وهي أقل بنحو 15.6 في المئة من مصروفات السنة الماضية التي بلغت 978 بليون ريال. وهبط عجز الموازنة إلى 297 بليون ريال، من تقديرات بنحو 326 بليون ريال في الموازنة. وأرجعت الوزارة هذا الانخفاض إلى تراجع وتيرة الصرف على المشاريع بناءً على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال العام بهدف ضبط الإنفاق ومراجعة المشاريع القائمة والجديدة، مع الحرص على الاستمرار في صرف المستحقات المالية للمقاولين والموردين والأفراد، ويبلغ إجمالي المصروفات بما فيها مصروفات المستحقات والتي استُبعدت للمقارنة بما صدرت به الموازنة 930 بليون ريال. ومن المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لعام 2016 بالأسعار الثابتة «2010 = 100» نحو 2.581 تريليون ريال وفقاً لتقديرات الهيئة العامة للإحصاء، بارتفاع بنسبة 1.40 في المئة، وأن ينمو القطاع النفطي بنسبة 3.37 في المئة، والقطاع الحكومي بنسبة 51 . 0 في المئة، والقطاع الخاص بنسبة 0.11 في المئة، وقد حقق نشاط تكرير الزيت نمواً قدره 14.78 في المئة كأعلى معدل نمو ضمن الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. أما معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص غير النفطي، الذي يعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم على مستوى الاقتصاد ككل، فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعاً بنسبة 0.99 في المئة العام الحالي، مقارنة بما كان عليه في العام السابق، وذلك وفقاً لتقديرات الهيئة العامة للإحصاء. وبالنسبة إلى التضخم، فقد أظهر الرقم القياسي لكلفة المعيشة - وهو أهم مؤشرات المستوى العام للأسعار - ارتفاعاً بنسبة 3.4 في المئة خلال العام الحالي طبقاً لسنة الأساس 2007، مقارنة بما كان عليه في عام 2015.