جدد الرئيس السوري بشار الأسد خلال لقائه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي موقف سورية الداعي الى «تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل كل اطياف الشعب العراقي» ووقوفها على «مسافة واحدة من جميع العراقيين»، فيما أكد المالكي الحرص على «إقامة أفضل العلاقات وأمتنها، بما يتناسب مع حجم العلاقات الشعبية والأخوية التي تربط أبناء» البلدين. في بغداد، أكد نائب رئيس الجمهورية القيادي في كتلة «العراقية» طارق الهاشمي انه لا يرى تغييراً في السياسة السورية نحو العراق. وان دمشق «تلتزم مبدأ الحياد في علاقاتها مع بغداد». وكان الأسد استقبل المالكي الذي وصل إلى دمشق أمس في اول زيارة منذ الازمة التي حصلت بينه وسورية في آب (أغسطس) العام الماضي، وذلك بحضور رئيس الوزراء محمد ناجي عطري ومعاون نائب الرئيس محمد ناصيف ووزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والاعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان. وأفاد بيان رئاسي أن الجانبين استعرضا «التعاون بين البلدين الشقيقين وآفاق تطويرها في كل المجالات وضرورة العمل على إزالة العقبات» التي تعترضها. وتم تأكيد «أهمية البعد الاستراتيجي في العلاقات الثنائية بين دول المنطقة وضرورة تطوير التعاون الاقتصادي بين هذه الدول وصولاً إلى تكتل اقتصادي إقليمي يلبي تطلعات شعوب المنطقة ويخدم أمنها واستقرارها». ونقل البيان عن الاسد تأكيده «موقف سورية الداعي إلى ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية عراقية تمثل كل اطياف الشعب العراقي ووقوف سورية على مسافة واحدة من جميع العراقيين ودعمها لكل ما يتفق عليه أبناء العراق الشقيق». وان المالكي «شكر الرئيس الأسد على مواقف سورية تجاه العراق وحرصها على مساعدة العراقيين في تحقيق الأمن والاستقرار فيه والحفاظ على وحدته أرضاً وشعباً». كما التقى المالكي نظيره السوري للبحث في تطوير العلاقات. وأوضحت الدكتورة شعبان رداً على اسئلة ل «الحياة» ان المالكي جدد خلال المحادثات قوله ان العلاقات السورية - العراقية هي «قدر الشعبين». وشدد على ضرورة تحسينها و «الارتقاء بها الى مستويات تخدم البلدين». وقالت رداً على سؤال آخر ان دمشق لمست «انه يرغب في ان تكون الحكومة تمثل كل الاطراف التي فازت في الانتخابات»، مشيرة الى ان الحديث الذي جرى امس بين الاسد والمالكي «يعبر عن رغبة حقيقية لديه كي تكون كل الاطراف ممثلة في الحكومة العراقية. ونأمل في ان يتم التوصل إلى هذا الامر، لكن هذا شأن العراقيين انفسهم». وأشارت الى تصريحات الرئيس الاسد في المؤتمر الصحافي مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان قبل يومين حين قال ان سورية او تركيا او ايران «تقوم بدور مساعد. اما الدور الحقيقي والاساسي في تشكيل الحكومة، فهو دور عراقي ودور للعراقيين. لذلك هم سيقررون كيف تشكل حكومتهم وكيف يمكنهم ان يشكلوا حكومة تمثل جميع الاطياف التي فازت في الانتخابات». وسألت «الحياة» عن «البعد الاستراتيجي» في العلاقات بين دمشق وبغداد، فأعربت الدكتورة شعبان عن الامل في ان ينضم العراق، بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية الى «التعاون الاستراتيجي» الجاري تأسيسه حالياً بين سورية والاردن ولبنان وتركيا. وعن نظرة سورية إلى المشاورات التي يجريها زعماء القوائم الفائزة في الانتخابات العراقية مع عدد من دول الجوار، قالت شعبان ان «زيارات المسؤولين العراقيين للدول المجاورة محاولات لشرح وجهة نظر هذه الاطراف. كما تعرفون، ان دول الجوار منذ ما قبل الحرب على العراق كانت تجتمع وتتحاور في الشأن العراقي. انطلاقاً من هذا الامر، فإن دول الجوار لها مصلحة حقيقية في ان يكون هناك امن واستقرار في العراق وان يكون العراق موحداً»، مشيرة الى ان «دول الجوار والاطراف العراقية تدرك حقيقة ان مصالحنا مشتركة في تشكيل الحكومة العراقية». وزادت: «كل دول الجوار تدفع باتجاه محاولة المصالحة بين الاطراف العراقية وتشكيل حكومة عراقية تمثل اطياف الشعب العراقي كافة». في بغداد، قال الهاشمي انه لا يرى تغييراً في السياسة السورية نحو العراق وأن دمشق «التزمت مبدأ الحياد في علاقاتها مع بغداد»، لكنه أشار الى «خلل في العلاقات الخارجية للعراقيين عبر التبدل المفاجئ والافتقار الى رؤية استراتيجية ثابتة لهذه العلاقات». وأكد الهاشمي في حوار مع «الحياة» ينشر غداً ان «سورية التزمت موقف الحياد في الملف العراقي منذ البداية»، مشيراً الى ان «اتهام الحكومة العراقية لدمشق بالوقوف خلف تفجيرات الاربعاء الدامي كانت تركت مرارة لدى القادة السوريين». وأضاف: «اتمنى ان تذيب زيارة السيد المالكي جليد العلاقات بين البلدين وانا سعيد بمباشرة السفير العراقي عمله في دمشق وننتظر ان يصل السفير السوري الى بغداد في المستقبل القريب».