يقول ريتشارد بونس إنه شعر بالمرارة حينما صوت الناخبون البريطانيون لمصلحة خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي في حزيران (يونيو) وهو ما دفعه إلى مراجعة طارئة لخطط التوسع لشركته. وتابع بونس وهو العضو المنتدب لشركة «ميك كوم ليمتد» التي تبيع معدات الحماية من ارتفاع التيار الكهربائي لزبائن مثل «سيمنس» و «ألستوم» أن الطلبيات ارتفعت بعد ستة أشهر من التصويت وبدأت الشركة تطبيق خطة نمو جديدة. وعلى النقيض من الصدمة الاقتصادية القوية الفورية التي توقعتها وزارة المال البريطانية عشية التصويت فإن اقتصاد البلاد لم يشهد حتى الآن تباطؤاً يذكر. ويتوقع بونس أوقاتاً صعبة. لكنه مثل كثر من المسؤولين التنفيذيين الآخرين الذين يحاولون إزاحة المخاوف من تداعيات الخروج جانباً استثمر بونس نحو نصف مليون جنيه استرليني في جهاز جديد للقطع بالليزر خلال فصل الصيف. ويخطط الآن لإنفاق 750 ألف استرليني (932 ألف دولار) أخرى على جهاز آلي للمعادن في مصنع ميك كوم بالقرب من ستافورد على بعد 135 ميلاً (217 كيلومتراً) شمال غربي لندن بعد إبرام عقد كبير مع شركة بريطانية لتصنيع الأغذية. وقال بونس: «نعتقد أن الفرص التي لدينها ستجد طريقاً في شكل أو آخر للالتفاف حول تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي». من المؤكد أن الأمور المتعلقة بخروج بريطانيا من التكتل لم تتضح كلياً بعد إذ من المنتظر أن تبدأ إجراءات الانفصال التي تستغرق عامين في مطلع العام المقبل. وربما يستغرق تحديد ملامح العلاقة الجديدة بين الطرفين وقتاً أطول. ويتخذ بونس إجراءات احترازية في حال انتهى المطاف بشركته إلى دفع رسوم على صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي. وسافر أخيراً إلى رومانيا لمناقشة إمكانية توسعة وحدة شركته القائمة هناك في حال حدوث خروج «صعب». وقال: «إذا حدث ذلك فسنحتاج إلى إيجاد وسيلة للتحول في شكل سريع جداً. لكن مع بقاء الوضع على ما هو عليه فإننا نخطط لمزيد من الأنشطة في بريطانيا». ويبدو أن كثيراً من الشركات الأخرى تتخذ منحى مماثلاً ومن بينها الشركات التكنولوجية العملاقة «فايسبوك» و «غوغل»، إذ أعلنت عن خطط لإتاحة وظائف في بريطانيا في الأسابيع الماضية. وأظهرت بيانات رسمية أن شركات الأعمال عززت استثماراتها في الأشهر الثلاثة التالية للاستفتاء. وتؤكد مؤسسة «إي إي أف» المعنية بالصناعات التحويلية إن القطاع في أوج تفاؤله خلال عام ونصف العام بفضل هبوط داعم للصادرات في قيمة الجنيه الاسترليني منذ الاستفتاء وإن الاستثمارات وخطط التوظيف زادت. وفي مجال الإنشاءات تباطأ بناء المكاتب لكن بعض الشركات تخطط لزيادة بناء المنازل العام المقبل. وأظهر مسح ل «آي أتش أس ماركت» نمواً في قطاع البناء في تشرين الثاني (نوفمبر) بلغ أعلى مستوياته خلال ثمانية أشهر. ورفع الخبراء الاقتصاديون الآن توقعاتهم لنمو الاقتصاد البريطاني في العام المقبل بعدما حذر كثر منهم في وقت سابق من أن استفتاء حزيران ربما يدفع البلاد سريعاً إلى الركود. ورفع «بنك إنكلترا» (المركزي) في تشرين الثاني (نوفمبر) توقعاته للنمو بأعلى وتيرة من نوعها، مؤكداً أن الاقتصاد سينمو بنحو 1.4 في المئة في 2017 ارتفاعاً من توقعات سابقة له قبل ثلاثة أشهر بنمو قدره 0.8 في المئة. ويعتقد بعض المستثمرين أن حتى هذا التوقع يبدو حذراً أكثر من اللازم. ويتوقع رئيس الصناديق متعددة الأصول لدى شركة «بيكتت» للاستثمار بيرسيفال ستانيون نمواً بنحو اثنين في المئة في 2017. وقال ستانيون إن «التوقعات بحدوث انهيار في بريطانيا مغرقة في التشاؤم»، ملقياً باللوم على كثر من الخبراء الاقتصاديين المؤيدين للبقاء في الاتحاد الأوروبي لقيامهم بتغيير توقعاتهم. المصارف الأجنبية في بريطانيا تدفع ضراءب هزيلة أظهر تحليل أجرته وكالة «رويترز» لبيانات تنظيمية أن بعض مصارف الاستثمار والتجارة الأجنبية الكبيرة التي تعمل في بريطانيا دفعت ضرائب بلغت في المتوسط ستة في المئة فقط على أرباح ببلايين الدولارات حققتها من أنشطتها في البلاد العام الماضي. وهذا أقل من ثلث معدل الضرائب على الشركات في بريطانيا البالغ 20 في المئة. وعلى رغم ذلك لا يوجد شيء غير قانوني في ما يتعلق بكيفية قيام تلك المصارف بخفض ضرائبها بما في ذلك استخدام الخسائر التي تراكمت أثناء الأزمة المالية لموازنة الفواتير الحالية. ونشرت سبعة من المصارف العالمية الكبرى العاملة في لندن التي تعد المركز الرئيس لمصارف الاستثمار في أوروبا أرباحها وبياناتها الضريبية قبيل نهاية العام، وهو الموعد النهائي المحدد بموجب قانون الاتحاد الأوروبي. وسجلت خمسة من تلك المصارف وجميعها أميركية أرباحاً بإجمالي 7.5 بليون دولار ودفعت ضريبة شركات أو ضريبة على دخل الشركات قدرها 452 مليون دولار. ولم تدفع وحدتا الاستثمار المصرفي الرئيستان التابعتان ل «بنك أوف أميركا» في بريطانيا أي ضريبة شركات على أرباح مجمعة بلغت 875 مليون دولار. ودفع بنك «جيه بي مورغان» ضرائب قدرها 160 مليون دولار على أرباح حققها في بريطانيا بلغت نحو 3.3 بليون دولار. ودفع «غولدمان ساكس» ضرائب قدرها 256 مليون دولار على أرباح بلغت 2.8 بليون دولار بينما دفعت الوحدة الرئيسة لبنك «مورغان ستانلي» في بريطانيا ضريبة 33 مليون دولار على أرباح بنحو 530 مليون دولار. وامتنعت كل المصارف عن التعليق على البيانات باستثناء «ويلز فارغو» ومقره سان فرانسيسكو الذي سدد ضرائب بلغت 2.7 مليون دولار على ربح قدره 34 مليون دولار. وأكد البنك أن هدفه هو الالتزام بجميع المتطلبات الضريبية. وأعلن اتحاد المصارف البريطانية إن البيانات لا تعكس المساهمة الكاملة للقطاع بما في ذلك ضرائب ومدفوعات أخرى دفعتها المصارف الأجنبية للخزانة البريطانية العام الماضي وبلغت نحو 20 بليون دولار. وأعلنت «إدارة صاحبة الجلالة للإيرادات والجمارك» وهي الجهة المعنية بتحصيل الضرائب في بريطانيا إن الحكومة اتخذت خطوات لضمان سداد المصارف القدر السليم من الضرائب. وقال ناطق باسم سلطة الضرائب في بيان بالبريد الإلكتروني: «تساهم عوامل معقدة كثيرة في المعدل الفعلي للضرائب الذي تدفعه الشركات». ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من وزارة المال.