علق تأليف الحكومة اللبنانية في عنق الزجاجة مجدداً أمس، ما ترك انطباعاً بأن ولادتها قد تتأخر الى فترة قد تتعدى عيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة، وصولاً الى بداية السنة الجديدة، بعد أن أصر فرقاء عدة، في طليعتهم رئيس البرلمان نبيه بري على أن تكون من 30 وزيراً لتتسع الى حلفاء الثنائي الشيعي، أي الحزب السوري القومي الاجتماعي والنائب طلال ارسلان وآخرين، إضافة الى تمثيل حزب «الكتائب» الذي يصر على حقيبة وزارية لممثله. وسبب توقع التأخير أن تشكيلة ال24 وزيراً التي حملها الرئيس المكلف سعد الحريري الى رئيس الجمهورية ميشال عون مساء أول من أمس كانت شبه مكتملة، مع توزيع الحقائب على ممثلي الفرقاء جميعاً، إضافة الى وزير دولة واحد هو من حصة بري. إلا أن التداول بين الرئيسين «بتمني» بري وطلب آخرين رفعها الى 30 وزيراً، فرض أخذ فسحة من الوقت للتفكير في طرق معالجة العقبات التي يواجهها توسيع التركيبة الحكومية، بعد أن جرى حل عقدة إسناد وزارة الأشغال الى ممثل النائب سليمان فرنجية المحامي يوسف فنيانوس. وهذه العقبات هي: 1 - إن توزيع الحقائب الوزارية كان قد تم على صيغة ال24 وزيراً، في وقت يطالب فرقاء ممن سينضمون الى صيغة ال30 بإسناد حقائب إليهم، لم تعد متوافرة. 2 - إن إسناد حقيبة الى حزب «الكتائب» والحزب القومي الذي يطالب بتمثيله بوزير مسيحي هو النائب أسعد حردان (أرثوذكس) يعني نزع حقيبتين من حصتي الرئيس عون و «القوات اللبنانية»، وهذا يعني في نظر بعض المعنيين بعملية التأليف التسبب بمشكلة مسيحية - مسيحية، سواء بين «الكتائب» من جهة، وبين «القوات» و «التيار الوطني الحر» من جهة ثانية، أو بين الحليفين المسيحيين الجديدين إذا لم يقبل «القوات» التخلي عن حقيبة لمصلحة «الكتائب». فحينها سيتعذر على عون التخلي عن حقيبة للقومي لأن هذا يخل بالمساواة بين تياره وبين «القوات» في عدد الحقائب. 3- إن زيادة وزير شيعي في الصيغة الموسعة تتسبب بإشكالية عدم جواز تسمية وزيرين من أهل السنة، بلا حقيبة، لأن الوزير الشيعي الخامس في صيغة ال24 وزيراً (من حصة بري) هو وزير دولة. وتشير مصادر مواكبة للمشاورات الجارية الى أن هذه الإشكاليات كبيرة ومهمة لأنها تتعلق بأحجام تمثيل الأطراف، وبالتالي تحتم الإبقاء على صيغة ال24 قائمة بغض النظر عن الأسماء، أو الأهداف السياسية وراء التعقيدات الجديدة. فمثل كل شيء في لبنان تنسب الأوساط السياسية العراقيل الجديدة الى أسباب إقليمية، خصوصاً التطورات الجارية في حلب. ويقول بعض هذه الأوساط إن التضامن الواضح من جانب الرئيس الحريري وتيار «المستقبل» مع حلب ونكبتها، عبر مكتبه السياسي وبيانات كتلته النيابية يعاكس مناخ «حزب الله» وحلفائه الذين يحتفلون بما يسمونه انتصاراً لهم في حلب ضد المعارضة. وعليه فإن العراقيل أمام الحكومة تعكس الافتراق الحاد في الموقف من التطورات في سورية وسياسة الحكومة المقبلة إقليمياً. كما أن هذه العراقيل هي ترجمة للصراع على أرجحية القرار في السلطة الإجرائية، من باب رغبة فريق الممانعة في توسيع رقعة مشاركته في الحكومة، وصولاً الى حصوله على الثلث المعطل. من جهة أخرى، تحدثت أوساط سياسية عن أن طرح اسم الوزير السابق يعقوب الصراف لتولي حقيبة الدفاع تسبب باعتراضات نظراً الى ولائه السياسي لقوى الممانعة و8 آذار، فضلاً عن معطيات بأن توليه هذه الحقيبة يؤثر في استمرار المساعدات للجيش اللبناني من دول الغرب، لا سيما أميركا، إلا أن مصادر معنية بالتأليف قالت ل «الحياة» أن اسم الصراف ليس ثابتاً وإن تناولته وسائل الإعلام.