بموازاة مناخ الحلحلة المفترضة في توزيع الحقائب الوزارية المختلف عليها في تركيبة الحكومة اللبنانية العتيدة، وإعلان رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية أن رئيس البرلمان نبيه بري قدم «عرضاً يعطينا فيه حقيبة الأشغال»، بقيت جهود إصلاح العلاقة بين فرنجية وبين رئيس الجمهورية ميشال عون تراوح مكانها على رغم دخول البطريرك الماروني بشارة الراعي على خط التوسط بينهما. ولفت المراقبون إلى أن فرنجية الذي التقى الراعي ثم بري أمس، استبدل بأبوة الرئيس عون (نسبة إلى رفع محازبيه شعار «بي الكل») أبوة بري معتبراً أنه له، مذكراً بأن والده توفي قبل 40 سنة، ومكرراً أنه يزور رئيس الجمهورية إذا اتصل به الأخير ودعاه إلى القصر الرئاسي. إلا أن رئيس «المردة» ترك للراعي تحديد اللقاء مع عون. وكان حل عقدة حقيبة الأشغال نتيجة للاتصالات التي أجريت خلال الأيام الماضية وآخرها زيارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بري الجمعة الماضي، في انتظار تحديد لمَن يتم إسناد حقيبتي الصحة والتربية، بعد أن «انتزعت» الأشغال من «القوات اللبنانية» التي لم تعلّق على هذا التبديل في التوزيع. في اول زيارة له لبكركي بعد انتخاب الرئيس عون، حل رئيس «تيار المردة» ضيفاً على الصرح البطريركي في زيارة وصفتها مصادر بكركي ب «الجيدة التي تحتاج الى متابعة حثيثة منعاً لتصدع البيت الماروني»، خصوصاً ان فرنجية سلّم مفتاح الحل الى الراعي وأعلن «استعداده لأي لقاء مع الرئيس عون بالطريقة التي يراها البطريرك مناسبة». وقال فرنجية اثر اللقاء انه يلبي دعوة البطريرك الى مائدة الغداء، مشيراً الى ان «الطبق الأساس موضوع تشكيل الحكومة والعلاقة مع الرئيس عون»، موضحاً «ان البطريرك يعرف انه راعي الجميع وكل حل يأتي ضمن حفظ كرامة الجميع». وعن موضوع الحكومة، قال فرنجية: «ما زلنا متمسكين بمطالبنا والأمور في طريقها الى الحل»، لافتاً الى «ان الرئيس بري هو الحليف الأساس»، وقال «نأمل بأن تكون الأمور مسهلة لولادة الحكومة». وذكّر فرنجية بأن «عندما انتخب الرئيس عون قلنا ان خطنا انتصر، ونحن نعتبر ان وصوله الى سدة الرئاسة لا يُشكّل «زعلاً» لنا، انما طريقة التعاطي من خلال الانتقام او القصاص»، معلناً «الجاهزية لمعركة او مهادنة او علاقة جديدة». وأشار الى «ان الأمر بيد رئيس الجمهورية الذي ربح معركة الرئاسة، فهو الذي يقرر، اذا كان يريدنا قربه فسنكون، وإذا كان يريد محاربتنا سنحاربه، وإذا اراد مصادقتنا نصادقه. ونعتبر ان البطريرك هو «بي الكل» وأنا «بيي» مات منذ اربعين عاماً ومن يريدني يتصل بي ويقول لي شرّف». وعن موقف الراعي، قال فرنجية: «لدى البطريرك هاجس الخلاف الماروني - الماروني والمسيحي - المسيحي، وهو غير مرتاح الى هذا الوضع. نحن ايضاً غير مرتاحين الى هذا الخلاف مع رئيس الجمهورية، لأنه كان بيننا حلف وصداقة، ومن الممكن ان هذا الوضع لم يحل للبعض، لذا يعملون على خربطة الأمور». وأكد ان «لدينا شرطاً اساسياً في موضوع الحكومة ربما قد يلبى، ولدينا حقوق ومواقف مبدئية»، مؤكداً ان «اللقاء مع رئيس الجمهورية يحدده البطريرك الراعي، للمعالجة بطريقة تحفظ كرامة الجميع»، وقال: «لي ملء الثقة ببكركي وسيدها». وبعد زيارته بكركي، زار فرنجية يرافقه مستشاره يوسف فنيانوس، الرئيس بري في حضور وزير المال علي حسن خليل وقال: «الرئيس بري طرح وجود نوع من سلة تتضمن وزارتي الأشغال والتربية. وقدم عرض اعطائنا وزارة الأشغال، ونشكره على الموضوع، ويبقى ان تتحلحل الحقيبة البديلة من الأشغال، ونحن كتيار «مردة» وصلنا حقنا من الرئيس بري، ووصلنا حقنا كذلك من الرئيس سعد الحريري الذي كان منفتحاً ومرناً، ونأمل بأن يكون رئيس الجمهورية منفتحاً ايضاً». وعما اذا كان سيزور الرئيس الحريري لإبلاغه الأمر، اجاب: «لا لن ازوره، لكن اقول الرئيس بري كان مفتاح الحل، فهو اعلن ان حقيبة الأشغال اذا كانت من نصيبه سيعطيها لتيار المردة، وهذا بالتفاهم معه، ويبقى التفاهم على الحقائب الأخرى، نحن الى جانب حلفائنا». وزاد: «الرئيس بري اقوى منا جميعاً في هذا الموضوع». وعن قبول بري حقيبة غير التربية اجاب: «نحن معه، ومع ما يطالب به، فكل الحلفاء الذين وقفوا معنا في هذا الموضوع سنقف معهم حتى النهاية». وعندما قيل له: «هل يقبل حزب القوات بحصولكم على حقيبة الأشغال؟» اجاب: «لا أعلم، اسألوه، او اسألوا العونيين عن القوات لأنهم يعلمون أكثر». ولدى مغادرته، استدرك قائلاً: «فنيانوس سيكون وزيرنا». سامي الجميل عن رئيس الجمهورية: أبلغنا معطيات مهمة لا تزال الأجواء الإيجابية التي طبعت اللقاءات والمشاورات المكثفة التي تجري على خط تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة تدفع بالمتفائلين إلى القول إن التشكيلة الجديدة ستبصر النور قريباً. وفي هذا الإطار قال رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، يرافقه وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم إن النقاش تطرق إلى الوضع الحكومي، وأن «لدى عون معطيات مهمة أبلغنا إياها وهي تبقى ملكه». ودعا حزب «الكتائب» في بيان بعد اجتماعه برئاسة الجميل إلى «رفع الحواجز التي تعترض تأليف الحكومة التي من صلب أعمالها تسيير شؤون الناس وإعداد قانون جديد للانتخابات النيابية يشكل مدخلاً لعملية تكوين السلطة على أساس صحة التمثيل»، مطالباً ب «تحويل الاتصالات إلى أفعال»، ومذكراً بأن «التهافت على الحقائب الوزارية تحت مسميات غير دستورية يعرقل ويعرض الانتخابات النيابية للهلاك، بخاصة أن عمر الحكومة المقبلة لن يتجاوز أشهراً عدة». وفي المواقف لفت رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى أن «الذكرى الكريمة للمولد النبوي الشريف تتزامن مع انفراج رئاسي في لبنان وقد يليه انفراج حكومي وعيد الميلاد المجيد»، آملاً بأن يشهد لبنان المزيد من الاستقرار على كل المستويات وتترسخ الوحدة اللبنانية الداخلية حفاظاً على القيمة التعايشية التي يجسدها لبنان». وتمنى وزير الخارجية جبران باسيل أن «نسمع قريباً أخباراً جميلة عن لبنان»، واعتبر أن «قانون الانتخاب سيكون الخبر الكبير المفرح لأن الحكومة هي تحصيل حاصل وستكون «بالجيبة» وستتحقق للبنانيين، هذا ليس هماً، بل الهم هو قانون الانتخاب وسيكون الإنجاز الحقيقي ونريد أن تكون الانتخابات في موعدها ونلغي كل التسميم المصطنع والكم من التكاذب هذا الأسبوع من أخبار غير حقيقية يريدون من خلالها زرع الخلافات بيننا كلبنانيين». وأمل وزير السياحة ميشال فرعون بأن يتم تأليف الحكومة، «وهناك معالم تدل على ذلك». وتمنى «ألا يكون الركض وراء بعض الوزارات لأهداف معينة أو أن يكون ذلك للسلطة والتسلط»، داعياً إلى الإسراع في «تأليف الحكومة حتى تبدأ ورشة المشاريع التي تنتظرنا، ومنها قانون الانتخاب». ورأى عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري أن «الأمور أفضل في هذه المرحلة من المرحلة السابقة لجهة تشكيل الحكومة، ولذلك أعتقد أننا أقرب من أي وقت مضى من إعلان التشكيلة». وقال إن «زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري بعبدا، يمكن أن تتم في أي وقت وفي أي لحظة، وربما تكون تتويجاً لجهد التشكيل وتنتهي بإعلان المراسم، وربما إضافة لمسات أخيرة قبل إعلان هذه التشكيلة». وأكد أن «الرئيس الحريري منفتح على كل الأفكار ويميل إلى صيغة ال 24 وزيراً لأنها عملية، لدينا 22 حقيبة وزارية وهناك رئيس الحكومة ونائب رئيس ولا يكون فيها وزراء دولة، ومن ناحية ثانية يقوم كل وزير بعمله من دون أي مواربة». ودعا عضو الكتلة ذاتها النائب جمال الجراح إلى «انتظار الساعات المقبلة وما قد تحمله من مستجدات من خلال إعادة توزيع الحقائب بين الأطراف»، لافتاً إلى «أن الأمور لم تحسم بعد في شكل نهائي إلا أن الجميع يعمل لحل العقد المتبقية»، موضحاً أن «العقدة التي يعمل على حلها تكمن في ثلاث حقائب وهي الأشغال، الصحة والتربية. وأعلن أن «حقيبة الاتصالات لا تزال من حصة تيار المستقبل، وإنها ستؤول مبدئياً إليه».