الذين سمعوا عن البحر ولم يروه: في مهرجان الثالثة والنصف بعد ظهر كل يوم الذي لاينظمه أحد، يخرج الأطفال من قلب الزراعات يستقبلون قطار الأسكندرية بالأحجار ويودعونه بالأحجار، هم لايكرهون قطار الاسكندرية بل يحبونه لكنهم لا يعرفون طريقة أخرى يعبرون بها عن حبهم، عشاق فقدوا الكلمات وسط الضجيج الجميلة التي تحتضن كتبها رغم أنها تكره العِلْم سمعت عن البحر ولم تره، والفتى المستند إلى النافذة الذي استغرقته المسافة من طنطا إلى دمنهور كي يستجمع شجاعته وينطق بكلمة الحب هو الآخر سمع عن البحر ولم يره، لكن كلمة الحب نفسها كانت مثل أي كلمة أخرى وسط الضجيج لم تسمعها الجميلة وهي تنظر من النافذة نحو البعيد قطارالاسكندرية لايتقدم في العمر، أنا أتقدم في العمر منذ كنت أسافر في ملابس طفل عاري الركبتين مع العائلة في طريقي إلى البحر تفشل محاولاتي في عد الاشجار المسرعة لم يكن يهمني أن كلماتي كلها تطيش كان عزائي الوحيد أن ضحكاتي تصيب الهدف، بعدما لحقت ضحكاتي بكلماتي ماذا يعزيني اليوم، منذ كنت أسافر في ملابس مجند من زمن السلام تلك المضادة للحنين أسال نفسي ماذا لو اندلعت الحرب؟ مرت الأيام مازلت أسأل نفسي حتى وأنا أغط في النوم على شاطىء البحر ماذا لو اندلعت الحرب؟ لست بطلاً ولا مفكراً أنا مجرد جبان يحب أن يحوم حول الأفكار المخيفة صرت أسافر في ملابس موظف بصحيفة لاتفارق اليد، بقلابات فوق الجيوب تطل منها أربعة أقلام ملونة أتظاهر بأنني شخص مهم يوقع طول اليوم على أوراق مهمة رغم أنه تستعصي علي حل معادلة بسيطة توزيع راتبي على الأيام مسافر بلا اسم أذكر انني رأيت القاتل الملثم الذي يتحاكون عنه أذكر جيداً ركب القطار من القاهرة ونزل في طوخ، لا، بل ركب من دسوق ونزل في طنطا أو ربما أكمل الطريق إلى سيدي جابر متنقلاً من عربة إلى عربة له ملامح الموت له ثأر عند الصغار والكبار وأذكر أنني رأيت الضحية بلا اسم كان، يشبه الآخرين عامل بناء ، سالت دماؤه في أواني بائعات الزُبْد