في وقت أقيمت جنازة رسمية رفيعة المستوى لضحايا تفجير الكنيسة البطرسية في القاهرة أمس، كشفت مصادر أمنية ل «الحياة»، أن منفذ التفجير الذي أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي اسمه في الجنازة، انضم قبل عامين إلى جماعة «ولاية سيناء»، الفرع المصري لتنظيم «داعش»، وشارك في عدد من العمليات المسلحة في شمال سيناء، وكانت كنيته «أبودجانة الكناني». وعزى خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز الرئيس السيسي في برقية أمس، وقال: «علمنا ببالغ الأسى بنبأ التفجير الإرهابي الذي وقع في الكاتدرائية المرقسية في القاهرة، وما نتج عنه من وفيات وإصابات، ونعرب لفخامتكم عن إدانتنا الشديدة لهذا العمل الإرهابي الجبان، مؤكدين وقوف المملكة العربية السعودية مع جمهورية مصر العربية وشعبها الشقيق ضد كل من يحاول النيل من أمنها واستقرارها». وأضاف: «إننا إذ نبعث إلى فخامتكم وإلى شعب جمهورية مصر العربية الشقيق وأسر الضحايا باسم شعب المملكة العربية السعودية وحكومتها وباسمنا، بأحر التعازي وصادق المواساة، لنرجو المولى سبحانه وتعالى أن يمنَّ على المصابين بالشفاء العاجل، وأن يحفظكم والشعب المصري الشقيق من كل سوء ومكروه». وكان السيسي كشف خلال الجنازة هوية منفذ هجوم الكنيسة، بعد لقاء جمعه مع مسؤولي الأجهزة الأمنية. وقال إن المهاجم «انتحاري» يدعى محمود شفيق محمد مصطفى (22 سنة). وأوضح أن السلطات ألقت القبض على أربعة أشخاص يشتبه بتورطهم في الهجوم، بينهم امرأة، وتبحث عن اثنين آخرين. وقدم التعازي لبطريرك الأقباط البابا تواضروس الثاني وقيادات الكنيسة وذوي القتلى، ثم وضعت الجثامين في سيارات الإسعاف لنقلها إلى المدافن. وشكر البطريرك «الرئيس وقيادات الدولة ورجال الجيش والشرطة على هذا التكريم الذي قدمته الدولة على أعلى مستوى». وكشفت نيابة أمن الدولة العليا أمس، أن الانتحاري «تسلل بخطوات سريعة إلى داخل الكنيسة قبيل أداء الصلوات، على نحو أثار ارتياب أحد أفراد الأمن الإداري في الكنيسة، فتعقبه حتى دخل من باب القاعة الخلفي المخصص لصلاة السيدات، وعقب أقل من 10 ثوانٍ من دخوله وعلى مسافة نحو 5 أمتار من باب الدخول، فجّر نفسه». وتبين من التحقيقات الأولية عقب تفريغ كاميرات المراقبة، دخول الانتحاري إلى ساحة الكنيسة، حيث ظهر مرتدياً سروالاً من الجينز الأزرق وقميصاً رمادياً ومعطفاً طويلاً ، وظهرت ملامحه بوضوح في اللقطات المصورة التي التقطتها الكاميرات، كما ظهر «تضخم المعطف الذي يرتديه بصورة غير طبيعية على نحو يقطع بارتدائه حزاماً ناسفاً أسفله». وأشارت إلى أن «النيابة جمعت بمعاونة الأطباء الشرعيين أشلاء الانتحاري (الرأس بعد انفصالها عن الجسد وبقية أجزاء الجسم) وأعادت تركيبها وصولاً إلى تحديد ملامحه». وأكدت مصادر أمنية ل «الحياة» أن اسم الانتحاري المفترض كان ورد ضمن قضية لتنظيم «داعش» كُشف النقاب عنها أواخر الشهر الماضي، «لكنه تمكن من التسلل ومعه مجموعة إلى قلب العاصمة لينفذ تفجير الكنيسة»، ما يبرز المخاطر الأمنية من تسلل فلول «داعش» من سيناء إلى مدن دلتا النيل وواديه، بعد الضربات الأمنية التي تلقاها التنظيم في معقله أخيراً. وقال ل «الحياة» مسؤول أمني، إن «الخلية التي نفذت حادث الكنيسة أوقف معظم عناصرها في مدينة نصر (شرق القاهرة)، بعدما تمكنوا من التسلل من سيناء»، مشيراً إلى أن «الخلية كانت تلقت تكليفاً من عناصر التنظيم في سيناء بتنفيذ عمليات في قلب العاصمة». وأوضح أن «منفذ الهجوم من مواليد تشرين الأول (أكتوبر) 1994، وكان يقطن محافظة الفيوم (100 كلم جنوبالقاهرة)، وأوقف مطلع العام 2014 خلال مسيرات لجماعة الإخوان المسلمين، لكن القضاء أطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة، كما شارك في هجوم على قسم شرطة في محافظة الفيوم بعدها، وصدر ضده حكم غيابي بالسجن لمدة عامين، قبل أن يتمكن من التسلل إلى سيناء وينضم إلى فرع داعش».