بدأت في فرنسا أمس، محاكمة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد بتهمة إهمال قد يكون سمح بحصول اختلاس ضخم للأموال العامة عندما كانت وزيرة للاقتصاد الفرنسي. وتستمر المحاكمة حتى 20 الشهر الجاري. وقالت لاغارد (60 سنة) لقناة «فرانس 2» مساء الأحد: «حاولت القيام بعملي بأفضل شكل ممكن بقدر كل ما أعرفه». وأضافت أن «الإهمال جنحة غير متعمدة واعتقد أننا جميعاً مهملون في مكان ما من حياتنا». ومثلت رئيسة المؤسسة المالية الدولية أمام هيئة قضائية استثنائية هي «محكمة عدل الجمهورية» المخولة محاكمة الجنح التي يرتكبها أعضاء الحكومة أثناء توليهم مناصبهم. ومنذ إنشائها في 1993، أصدرت هذه المحكمة أحكاماً على ثلاثة أعضاء في حكومات فرنسية، بينهم مطلع الشهر الجاري، جيروم كاهوزاك وزير الموازنة السابق في عهد الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند، بعد إدانته بالتهرب الضريبي وغسل أموال. وأكدت لاغارد أنها عملت بحسن نية في هذه القضية. وطلبت هيئة الدفاع التأجيل في انتظار تحقيق في شق آخر من هذه القضية الكبيرة. واتهمت وزيرة المال والاقتصاد من 2007 الى 2011 في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي بسوء إدارة ملف يتعلق برجل الأعمال والوزير اليساري السابق برنار تابي. وكان تابي اتهم المصرف العام «كريدي ليونيه» بخداعه عندما اشترى منه شركة المعدات الرياضية «أديداس»، مطلع تسعينات القرن الماضي. لإنهاء الخلاف القضائي الكبير الذي تلى، اختارت وزيرة الاقتصاد في 2007 خلافاً لرأي هيئة استشارية، اللجوء إلى تحكيم خاص. وقرر قضاة التحكيم الثلاثة في العام التالي أن يعاد إلى تابي 404 ملايين يورو من الأموال العامة. لكن هذا القرار التحكيمي ألغي مطلع 2015 إذ إن القضاء المدني رأى انه يشوبه تزوير. وحكم على برنار تابي بإعادة المبلغ بالكامل. نتيجة لذلك، يأخذ القضاء على كريستين لاغارد أنها سمحت «باستخفاف» باللجوء إلى التحكيم الخاص ثم تخلت في تموز (يوليو) 2008، أي ببعض التسرع، عن الطعن في القرار. وفي نقطة لمصلحة لاغارد، تبين أن اللجوء إلى التحكيم كان يعد قبل أن تدخل السيدة التي كانت محامية مجموعة انغلو-ساكسونية عريقة إلى الحكومة وبينما لم يكن لديها «أي علاقات شخصية» مع أطراف النزاع. ولم تتدخل لاغارد أصلاً في اختيار أعضاء هيئة التحكيم المثيرين للجدل. ويمكن أن تتم دعوة شخصيات عديدة في الحياة السياسية والاقتصادية في فرنسا للإدلاء بإفاداتها في هذه المحاكمة. وترغب المحكمة خصوصاً في الاستماع إلى ستيفان ريشار المدير السابق لمكتب لاغارد والمدير العام الحالي لمجموعة الاتصالات «أورانج»، وكذلك إلى وزيري الاقتصاد السابقين قبل تولي لاغارد الحقيبة، تييري بروتون وجان لوي بورلو ومستشارين سابقين لساركوزي. وقالت لاغارد إنها ستتوقف عن العمل في صندوق النقد الدولي التي تم تمديد ولايتها الرئاسية له الصيف الماضي، خلال المحاكمة من دون أن تدلي بأي تصريح عن عواقب إدانة محتملة لها. لكن محاميها باتريك ميزونوف قال أمس، لإذاعة «أوروبا 1» انه «ستتم تبرئتها لذلك هذه المسألة غير مطروحة». وأضاف أنه ينوي طلب تعليق النظر في القضية، متسائلاً كيف يمكن المحكمة أن «تؤكد أو تنفي» حدوث «اختلاس أموال عامة خلال أيام بينما ينظر القضاة في هذه القضية ولم يقوموا بحسمها منذ سنوات». وفي شق آخر للقضية، اتهم ستة أشخاص «بالاحتيال» بينهم ستيفان ريشار. ويشتبه القضاة بأن جلسة تحكيم «وهمية» نظمت لمصلحة تابي الذي تربط علاقة بين محاميه وأحد أعضاء هيئة التحكيم. وبرنار تابي الذي لم يدع للإدلاء بإفادته خلال محاكمة لاغارد، دافع عن نفسه في مقابلة من تهمة «خداع مكلفي الضرائب».