مثلت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أمس، أمام هيئة محكمة الجمهورية الفرنسية، للإدلاء بأقوالها حول أسلوبها في التعامل مع النزاع المديد بين مصرف «لوكريديه ليونيه» ورجل الأعمال الفرنسي برنار تابي خلال فترة توليها منصب وزيرة المال الفرنسية عام 2008 . وأفادت هيئة المحكمة أن استدعاء لاغارد يندرج في إطار تحقيق بدأ عام 2011 حول التواطؤ في اختلاس أموال عامة وتزوير في اطار النزاع بين المصرف الفرنسي وتابي. ويعود النزاع بين المصرف وتابي إلى عام 1993، حين اعتبر رجل الأعمال أن «لوكريديه ليونيه» أجحفه عندما نظم عملية بيع شركة «أديداس» التي كان يملكها وتسبب بإفلاسه. وعلى غرار أسلافها من السياسيين الذين توالوا على منصب وزير المال ورثت لاغارد هذا الملف المعقد عام 2007. و في عام 2008، اعتقدت لاغارد أنها حسمت هذا النزاع بعد لجوئها إلى هيئة تحكيم خاصة قضت بدفع تعويضات بقيمة 403 مليون يورو إلى تابي. والمطلوب من لاغارد حالياً هو تبرير سبب لجوئها إلى هيئة تحكيم خاصة لإنهاء النزاع ودواعي عدم لجوئها إلى الطعن بقرار الهيئة، خصوصاً وان المبلغ الذي حصل عليه تابي أثار صدمة كبيرة لدى الرأي العام الفرنسي. وأثار هذا القرار في حينه الكثير من النقد، خصوصاً وأن هذا التعويض سدد من الأموال العامة، لأن تصفية شركة «أديداس» تمت عندما كان «لوكريديه ليونيه» لا يزال مصرفاً حكومياً. لكن السؤال الضمني الذي تسعى المحكمة إلى توضيحه هو ما إذا كانت لاغارد، وهي محامية دولية بارعة ومعروفة بجديتها ونزاهتها، تصرفت فعلاً من تلقاء نفسها في إطار هذه القضية أم أنها تبعت توصيات رئيس الجمهورية في حينه نيكولا ساركوزي. والمعروف أن تابي الذي لمع نجمه في حقل الأعمال والسياسة في عهد الرئيس الراحل فرانسوا ميتران، حين اعتبر رمزاً للنموذج الناجح لأبناء جيله في تلك الفترة، تحول في الفترة الأخيرة عن الميول اليسارية وأصبح من المقربين من ساركوزي. ونقلت وسائل الإعلام الفرنسية عن مقربين من لاغارد قولهم إنها ستبرز أمام هيئة محكمة الجمهورية أدلة تفيد بأنها لم تخضع لأي تأثير من أي طرف رسمي في تعاملها مع القضية المعروفة في فرنسا منذ سنوات باسم «قضية أديداس». ومن المفترض أن يستمر استجواب لاغارد اليوم (الجمعة) قبل أن تقرر هيئة محكمة الجمهورية، وهي الهيئة الوحيدة المخولة مقاضاة مسؤولين سابقين عن أفعال قاموا بها في إطار مناصبهم العامة أحالتها إلى التحقيق أو الاكتفاء باعتبارها «شاهد مدعوم»، وهو ما يخولها الاطلاع على ملف القضية. وصرح المحامي إيف روبيكيه الذي يتولى الدفاع عن لاغارد، أن موكلته ستعمل على إقناع هيئة المحكمة أنها لم تلجأ إلى التحكيم الخاص اعتباطياً، بل بموافقة المصرف، وأنها لم ترفض نتيجة التحكيم لكنها قرنتها بشروط محددة. وعلى رغم ما قيل عن أن لاغارد ستحتفظ بمنصبها على رأس صندوق النقد الدولي حتى في حال قررت المحكمة إحالتها إلى التحقيق، فإن هذه القضية من شأنها أن تمثل إساءة إضافية إلى سمعة فرنسا في المؤسسات الدولية. وكانت لاغارد خلفت في صندوق النقد الدولي المدير السابق دومينيك شتروس، الذي كان الذي اضطر للتخلي عن منصبه عقب فضيحة فندق «سوفيتيل» في نيويورك.