لم يعد داراً للعبادة فقد اختلف عن أقرانه، بعد أن تهدمت أركانه ولم يتبق منه سوى بقايا منارة لم يعد صوت الأذان ينطلق منها إلى جيرانه، وأسهم غض الجهات ذات العلاقة طرفها عنه في تنامي الممارسات السلبية داخله حتى استحال بين عشية وضحاها مرمى للنفايات وملعباً لكرة القدم!. هكذا بات حال أحد مساجد حي الروضة في محافظة جدة، الذي يعيش وضعاً مأسوياً يندى له الجبين، خصوصاً بعد أن طاولته يد الإهمال، عقب تخلي القائمين على فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في منطقة مكةالمكرمة عنه. ويمكن القول إن المسجد الذي سقط سقفه بات علامة فارقة تستوقف الجائل داخل الحي السكني المليء بالبنايات الشاهقة والفلل الفارهة، خصوصاً أن جدرانه المتكسرة المليئة بالكتابات غير اللائقة تحوي بين جنباتها أكواماً من القاذورات، أزاحها أخيراً صبية الحي ليحولوه إلى مرتع لهم يتقاذفون داخله الكرة. ولعل الأشد إيلاماً يتجلى في حبس الجهات ذات العلاقة تصاريح إعادة بنائه وترميمه عن عدد من جيرانه الذين تبرعوا من مالهم الخاص لهذه الغاية النبيلة. وفيما يرفض عدد من القائمين على فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في جدة الإدلاء بأي تصاريح حيال وضع المسجد «المنسي»، يؤكد جملة من جيران المسجد (التقتهم «الحياة») أن تهدم جدران المسجد بدأ منذ سنوات مضت، «ولم تصلح الوزارة تلك الأعطاب التي ما فتئت تنهكه حتى قضت عليه أخيراً». وأبدوا استعدادهم للإسهام في إعادة بنائه متى ما طلب منهم ذلك أو سمح لهم بذلك، «أو حتى تأثيثه إن كانت الوزارة مصرة على أن لا يبنيه أحد من جيرانه، فالمهم أن يعود كما كان». وقال مواطن يقطن جوار المسجد (تحتفظ «الحياة» باسمه) إنه على أهبة الاستعداد لبناء المسجد بمشاركة جملة من الشخصيات المعروفة وعدد من أعيان الحي. ولفت إلى أنه ما زال ينتظر أن تسمح له الوزارة بصفتها القائمة على شؤون المساجد كافة بذلك. وتمرمر من تحوّل المسجد الذي كان داراً للعبادة إلى ملعب لكرة القدم، و«كشكول» تخطّ على جدرانه عبارات غزلية وإيحاءات جنسية من دون مراعاة لحرمته كونه أحد بيوت الله. وشدد على أنه حاول غير مرة إعادة بناء المسجد الذي يقع في أحد أرقى أحياء المحافظة الساحلية، إلا أنه ما انفك يصطدم بجدار «تصريح الوزارة». وأردف: «أطلب من القائمين على فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في محافظة جدة أن يزوروا المسجد ليقفوا على وضعه المأسوي الذي لا يليق ببيت من بيوت الله، وأن يسعوا إلى أن يعود المصلون لأداء الصلاة في هذا المسجد، بعد أن يصدروا تقريرهم عن متطلبات ذلك ونحن متبرعون بجميع كلفة البناء والتأثيث من مالنا الخاص». يذكر أن عدداً من العبارات غير اللائقة انتشرت على ما تبقى من جدران المسجد، بينما تلزم الجهات المعنية الصمت حيال ذلك!.