تمكن التشكيلي عبدالعزيز الدبل من نقل معالم الدرعية القديمة، خصوصاً قصر «سلوى» التاريخي والبيوت المحيطة به إلى لوحة جدارية بمحافظة الدرعية طولها 96 متراً، أبرز فيها طبيعة الطراز العمراني الذي عُرف فيها قبل قرون عدة من خلال بيوت الطين والأبواب والنوافذ والأشجار المطلة على أزقة الدرعية، بجانب مجسّمات نفّذها المصمّم محمد بن خميس تحاكي أشكال «السواني» و«الآبار» في الماضي. وعدّت هذه الجدارية مع أكثر من 800 لوحة فنية محطات مهمّة في مسيرة الدبل الفنية التي بدأها في الثامنة من عمره، حينما أهداه أحد المعلمين في المرحلة الابتدائية كراسة رسم وعلبة ألوان خشبية نظير إحدى رسماته، لتتحول هواية الرسم لديه - على حد تعبيره - إلى موهبة فنيّة أهلته إلى أن يكون اليوم من أشهر الفنانين التشكيليين بالمملكة، ومن الأعضاء الفاعلين في الجمعية السعودية للثقافة والفنون. ويضع الدبل وابن خميس حالياً لمساتهما الأخيرة على اللوحة الجدارية والمجسمات التراثية التي جاءت بمبادرة من رئيسة «جمعية أصايل التعاونية» الأميرة عبير بنت عبدالله بن عبدالعزيز، دعماً لأبناء الوطن. وأفاد أنه أمضى في رسم جداريته التراثية البالغ ارتفاعها خمسة أمتار نحو 26 يوماً عمل خلالها يومياً ما بين 4 إلى 6 ساعات، بينما أوضح المصمّم ابن خميس في حديث مماثل أنه استطاع تصميم مجسّماته خلال 60 يوماً، وذلك بواقع يومين في الأسبوع، ونحو 3 ساعات عمل في اليوم. وتأثر الدبل في مسيرته الفنية بالمدارس الواقعية، والحروفيّة التي لها أبعاد تشكيلية وفلسفية في الخطوط العربية، والتجريدية ذات الأشكال الهندسية، لكنه رسم جداريته وفق فنون المدرسة الواقعية، وبألوان «الأكريليك» مستعيناً ب28 جالوناً من ألوان: البني، والأبيض، والأصفر، والأخضر، والأزرق. أما المحب للتراث القديم محمد بن خميس فشارك في العديد من المعارض الداخلية والخارجية، وقدم خلال مسيرته التي امتدت 20 عاماً نحو 100 مجسم تراثي عن البيوت الطينية المعروفة قديماً في الجزيرة العربية خصوصاً في نجد، ونال نظيرها العديد من شهادات التقدير والجوائز. ونفذ ابن خميس مجسماته المستوحاة من واقع الدرعية بأخشاب الشجر الصحراوية التي كانت تُصنع منها أجزاء السواني، إضافة إلى الاستعانة بالحبال والأحجار والطين الطبيعي، ليقدم التراث بكل مكوناته إلى الجيل الحاضر.