أكد المؤتمر الدولي «الحفاظ على التراث الثقافي المُهدد بالخطر» في ختام أعماله في أبوظبي أمس التزام جميع الأطراف الحاضرة والموقعة على «إعلان أبوظبي» إنشاء صندوق دولي لحماية التراث الثقافي المعرّض للخطر في أوقات النزاعات المسلحة، لكي يساعد في تمويل العمليات الوقائية والطارئة ومكافحة الاتجار غير المشروع في القطع الأثرية الثقافية، والمساهمة في ترميم الممتلكات الثقافية التي لحقت بها الأضرار. ودعا «إعلان أبوظبي» إلى انشاء شبكة دولية من الملاذات الآمنة لحماية الممتلكات الثقافية المعرّضة لخطر النزاع المسلح أو الإرهاب على أراضيها، أو في بلد مجاور إذا كان تأمينها على المستوى الوطني غير ممكن، أو في بلد آخر كملاذ أخير، وذلك وفقاً للقانون الدولي وبناءً على طلب من الحكومات المعنية، مع الأخذ في الاعتبار الخصوصيات والسياقات الوطنية والإقليمية للممتلكات الثقافية المطلوب حمايتها. وشارك في المؤتمر، الذي عقد في إطار مبادرة شراكة دولية دعا إليها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس جمهورية مصر العربية محمد عبدالفتاح السيسي والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وأمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل ورئيس جمهورية مالي إبراهيم بوبكر كاتيا ورئيس جمهورية أفغانستان محمد أشرف غني ورئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج ورئيس وزراء البوسنة والهرسك، دينس زويزدتش ورئيس وزراء اليونان إليكسيس تسيبراس ورئيس وزراء أثيوبيا هايلي مريام ووزير التراث والثقافة العمانية، هيثم بن طارق بن آل بوسعيد ونجل ملك البحرين الشيخ ناصر بن حمد بن عيسى آل خليفة والمدير العام لمنظمة اليونيسكو أيرينا بكوفا. كما شارك في المؤتمر عدد من قادة الدول وكبار المسؤولين الحكوميين وخبراء مختصين ونشطاء المجتمع المدني المدافعين عن قضايا حماية التراث الثقافي والإنساني وممثلي أكثر من 40 دولة تشمل جهات حكومية وخاصة تمثل الدول التي تعرضت كنوزها التراثية إلى التلف أو الفقدان نتيجة النزاع المسلح والجهات المهتمة بقضايا حماية التراث الثقافي. وأكد «إعلان أبوظبي»: أن التراث الثقافي العالمي يعد الركيزة الأساسية لبناء مستقبلنا المشترك، كونه المرآة التي تعكس مراحل تطور التاريخ الإنساني، والحارس الأمين لذاكرتنا الجماعية، والشاهد الصادق على المسيرة الإبداعية للحضارات البشرية. وقال: تؤثر النزاعات المسلحة والإرهاب في كل قارات العالم في ملايين الرجال والنساء من دون أن يسلم منها تراثهم الذي يمتد لقرون عدة، ويهاجم المتطرفون، عمداً في معظم الأحيان، ثقافات الدول والشعوب، ويسعون إلى تخريب وتدمير التراث الذي يخصّنا جميعاً. وأكد أن تهديد التراث ومهاجمته وتدميره ونهبه تشكل استراتيجية تهدف إلى إضعاف الأسس المتينة التي تحافظ على هوية الشعوب وتاريخها والبيئة التي يعيشون فيها. ومن دون هذا التراث، ستُمحى ذاكرة شعوب الأرض ويتعرض مستقبلهم للخطر، لافتاً إلى أن التراث يمثل، بكل ما يتميز به من تنوّع، مصدراً للثروة الجماعية التي تشجع على الحوار وجسور التواصل بين الحضارات، وتعزيز روح التسامح والاحترام بين شعوبها، ويشكّل تدميره تهديداً للسلام من خلال عمليات الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية التي تبرز في كثير من الأحيان في أوقات الأزمات. وأكد رؤساء دول ورؤساء حكومات وممثلوهم ومنظمات دولية ومؤسسات خاصة عزمهم المشترك لحماية التراث الثقافي المهدّد بالخطر لجميع الشعوب من خلال تدميره والاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، وقرّروا توحيد قوة دولهم وجهودها والتحرك في شكل جماعي لمواجهة هذه الظاهرة. ونوه القادة في اعلان أبوظبي بالدعوة التي وجهتها المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» وعبّروا عن دعمهم الائتلاف العالمي «متحدون مع التراث» الذي تم إطلاقه لحماية تراثنا المشترك من الدمار والاتجار غير المشروع، كما رحبوا ب «استراتيجية سبل تعزيز نشاطات اليونسكو في مجال حماية الثقافة وتشجيع التعددية الثقافية في حالات النزاع المسلّح». وقال البيان: نحن في حاجة إلى كفالة وضمان احترام القيم العالمية بما يتماشى مع اتفاقيات لاهاي الدولية في أعوام 1899 و1907 و1954 وبروتوكولي لاهاي الأخيرين في عامي 1954 و 1999، الأمر الذي يستلزم منا حماية الحياة البشرية والممتلكات الثقافية في أوقات النزاعات المسلّحة، ويجب تنفيذ هذه العملية بالتعاون الوثيق مع منظمة اليونسكو التي تسعى منذ عام 1954 سعياً دؤوباً لحماية التراث ومكافحة الاتجار غير المشروع وتعزيز الثقافة باعتبارها أداة للتقّريب بين الشعوب وتعزيز الحوار.