نظمت اليونسكو أمس اجتماعاً تشاورياً ضم خبراء عراقيين ودوليين في مجال التراث الثقافي واعتمدت خطة عمل طارئة لحماية التراث الثقافي العراقي الذي يتميز بالثراء والتنوع. وترمي خطة العمل إلى ضمان التعاون بين كافة الأطراف المعنية، ولاسيما المنظمات الوطنية والدولية، والعاملون في مجال المساعدة الإنسانية في العراق، وتجار القطع الفنية، والمتاحف الدولية، فضلاً عن سلطات الشرطة، وذلك من أجل حماية التراث الثقافي العراقي. وتناول المشاركون في هذا الاجتماع التهديدات التي يتعرض لها التراث الثقافي العراقي سواء فيما تعلق الأمر بالأضرار الناجمة عن النزاع المسلح، أو بممارسات التدمير المتعمدة، أو بالحفريات غير المشروعة في المواقع الأثرية، أو بالاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية المنتمية إلى مجموعات المتاحف أو من أعمال الحفر والتنقيب التي لا ضابط لها. كما أنهم أعربوا عن قلقهم إزاء أوضاع المكتبات الثرية ومجموعات المخطوطات في البلاد. غير أن الخبراء أشاروا إلى وجود ثغرات عديدة في مجال المعلومات المتاحة والتي من شأنها الحؤول دون إعداد قوائم حصر شاملة لحالة صون التراث الثقافي العراقي. وترمي خطة العمل أيضاً إلى ضمان تنفيذ الاتفاقات الدولية الخاصة بحماية التراث الثقافي، ولاسيما "اتفاقية لاهاي الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح لعام 1954" وبروتوكوليها، و"اتفاقية اليونسكو لعام 1970 الخاصة بالوسائل التي تستخدم لحظر ومنع استيراد تصدير ونقل الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة"، و"اتفاقية حماية التراث العالمي لعام "1972. كما تهدف هذه الخطة إلى تنفيذ منع الاتجار بالممتلكات الثقافية وفقاً لما نص عليه القرار رقم 1483 الصادر عن مجلس الأمن للأمم المتحدة في عام 2003. وتوصي خطة العمل أيضاً بإجراء عملية رصد عن كثب لحالة صون التراث وتدريب مهنيي مجالات الصون، فضلاً عن دعم الموظفين العاملين في الميدان من أجل اتخاذ تدابير طارئة إن اقتضى الأمر تغيير أماكن التراث المنقول، ولاسيما المكتبات. ودعت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، إلى عقد هذا الاجتماع الطارئ، وذلك في سياق يشهد تزايداً في أعمال العنف وعدم الاستقرار في البلاد. وأوضحت بوكوفا أن "القضايا الإنسانية والأمنية لا تنفصل عن الثقافة. فحماية أرواح الناس ترتبط بحماية تراثهم الثقافي وهويتهم، مؤكدةً على أن "اليونسكو ستواصل حشد منظمة الأممالمتحدة والمجتمع الدولي بأسره، وذلك من أجل صون التراث الثقافي العراقي مع التركيز على مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية". هذا وضم الاجتماع، الذي ترأسه كيشور راو، مدير مركز التراث العالمي ومساعد المديرة العامة للثقافة بالإنابة، خبراء عراقيين وممثلين عن المركز الدولي لدراسة صون الممتلكات الثقافية، والمجلس الدولي للمتاحف، والمجلس الدولي للآثار والمواقع، والاتحاد الدولي لرابطات المكتبات وأمناء المكتبات، والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية، واللجنة الدولية للدرع الأزرق، إضافة إلى ممثلين عن اليونسكو. من جانبه وجّه جرجي بوسزتين، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، كلمة عبر الهاتف من مقر عمله في بغداد ليؤكد دعمه لخطة العمل المذكورة، مشيراً إلى أن "صون التراث الثقافي إنما يساعد على تحقيق مستقبل أفضل يسوده السلام للعراق".