تصدرت الوثائق السرية عن حرب تشرين (أكتوبر) 1973 التي أفرجت عنها الرقابة العسكرية في إسرائيل أمس، والمتعلقة أساساً بالأيام ألأولى من الحرب التي تعتبرها إسرائيل الأقسى والأعنف كلفةً من ناحية بشرية بين كل الحروب التي خاضتها، عناوين الصحف العبرية التي أبرزت حقيقتين: الأولى أن المستويين السياسي والعسكري كانا في حال هلع وإحباط وانكسار وتشاؤم شديد جراء تقدم الجيشين المصري والسوري في سيناء والجولان، والثانية أن وزير الدفاع "أعظم جنرالات إسرائيل" في حينه موشي ديان أبلغ الحكومة إنه يمكن التخلي عن الجنود الإسرائيليين العالقين في مواقع الحرب في سيناء: "في المواقع التي يمكن فيها الإخلاء سنقوم بذلك..في الأماكن التي لا يمكن الإخلاء سنبقي المصابين.. إذا قرروا (الجنود) الاستسلام، فليستسلموا.علينا أن نقول لهم: لا نستطيع الوصول إليكم. حاولوا الخروج أو الاستسلام". واعتبر معلقون ما تم نشره أمس، وإن لم يكن كاملاً بحجة أن هناك أسراراً عسكرية لا يجوز كشفها أو أموراً تتعلق بخصوصية الفرد، "لائحة اتهام ضد ديان والمستوى السياسي اللذين عملا على دحرجة المسؤولية عما يعرف إسرائيلياً ب "قصور حرب يوم الغفران"، إلى القيادة العسكرية وعلى رأسها قائد الجيش في حينه دافيد بن العازار. ووفقاً للوثائق المفرج عنها فإن اجتماع "حكومة الحرب" بقيادة غولدا مئير في اليوم الثاني من اندلاع الحرب سادته أجواء إحباط بثها ديان أساساً حين اعترف أنه فوجئ من القدرات القتالية النوعية للجيشين المصري والسوري، وأنه واثق من انضمام الجيش الأردني، ووحدات عسكرية وعراقية وجزائرية، "التي ستعبر نهر الأردن في اتجاه وسط إسرائيل". وحين أبدت رئيسة الحكومة مئير استغرابها من عدم رد الجيش الإسرائيلي على الجيش المصري لدى عبوره قناة السويس، قال لها ديان: "تحركت دبابات.. هناك تغطية مدفعية لكن طائراتنا لا يمكنها الاقتراب بسبب الصواريخ". وأضاف: لم أقدّر في شكل كاف قوة العدو ووزنه القتالي..بالغت في تقدير قوتنا وقدرتنا على الصمود..العرب يحاربون أفضل من السابق. لديهم سلاح كثير..الصواريخ (أرض – جو) تشكل مظلة لا يستطيع سلاحنا الجوي تدميرها.. كميات السلاح لديهم ناجعة..تفوقنا الأخلاقي لا يستطيع الصمود أمام هذه الكثافة". وتابع ديان: "العرب يريدون كل أرض إسرائيل.. هذه حرب على أرض إسرائيل. العرب لن يوقفوا الحرب.. يريدون احتلال إسرائيل، والقضاء على اليهود"، واقترح وقف النار في المواقع التي تتواجد فيها الجيوش (أي بدون اشتراط عودة الجيشين المصري والسوري إلى مواقعهما قبل الحرب). وعزا ذلك إلى تشاؤم قائدي المنطقتين الشمالية والجنوبية من تحقيق نجاح عسكري في صد القوات السورية والمصرية. وردت مئير: "لا سبب يدفع العرب إلى عدم الاستمرار..لقد ذاقوا طعم الدم". وبدا ديان واثقاً من ان الأردن سيدخل الحرب "والجيش الإسرائيلي ليس جاهزاً، ويجب إعداد الاحتياطي ضد أي محاولة أردنية لاقتحام الضفة"، فيما اضاف قائد الجيش العازار أنه في حال فشل الهجوم الذي ستقوم به فرقة الضابط أرئيل شارون في قناة السويس "فإننا سنبقى مع ثلاث فرق محطمة وحينها سيأتي العراقيون والجزائريون وتغدو الحرب بعد يومين أو ثلاثة داخل أرض إسرائيل". وتوقفت التقارير الصحافية عند اعتراف غولدا مئير بأن النجاح العربي في الحرب بدأ مع إطلاق الرصاصة الأولى، "عندها فقدنا الردع لأنه طالما لم يجرؤ العرب على مهاجمتنا كان ذلك قوة لنا". ورد ديان قائلاً: العالم سيقول لنا أننا "نمر من ورق".