يضرب سياح سعوديون بالمثل القائل «يا غريب كن أديب» عرض الحائط، عبر تصرفات وسلوكيات لا تنتمي إلى الذوق والأدب. تعلل الاختصاصية الاجتماعية في مستشفى الملك سعود في عنيزة تهاني العقيل هذه التصرفات «غير المسؤولة» ب«الجهل» وعدم الشعور بالانتماء إلى الدولة أو البلد الذي يسافر إليه. وقالت: «يشعر مثل هؤلاء في بلدهم ومجتمعهم بالانتماء، لذا يحافظون عليه، ويتمسكون بعاداته وتقاليده. لكنهم بمجرد أن ينتقلوا إلى مكان آخر، بين أناس لا ينتمون لهم، وبخاصة في البلدان الأوروبية؛ فإنهم يتخلون عن هذا الانتماء. ولا يهتمون بالجوانب الإنسانية الأخرى، كالسلوك الصحيح، والالتزام بالأخلاق الإنسانية، فيختلف سلوكهم الذي كانوا يتحلون به في بلدانهم ومجتمعاتهم، فيمارسون تصرفات كانوا يرغبون في ممارستها». وأضافت العقيل أن من الأسباب أيضاً «الكبت» و«ضغط المجتمع»، الذي يجعل الفرد يتمسك بالعادات والتقاليد التي يفرضها عليه المجتمع، فتظهر في سلوكياته. لكنها ليست مبنية على قناعة ووعي بهذه العادات، «بل هي تقاليد وأقنعة يلبسونها». وأشارت إلى أن السفر للخارج لدى بعضهم يعتبر «نوعاً من التقليد، من أجل التفاخر والمباهاة بين الناس». من جهته، يعزو الداعية محمد اليوسف مثل هذه التصرفات إلى «عدم الوعي بتعاليم الدين الإسلامي». وقال: «إن تمسكهم بهذه التعاليم تكون في مجتمعهم فقط، وهم يظنون أنهم مطالبون بمراعاة الحلال والحرام في بلدانهم ومجتمعاتهم، حين يكونون تحت أنظار الأشخاص الذين يعرفونهم، فهم يراعون الناس ولا يراعون الله، فهؤلاء لديهم فهم خاطئ للدين والأوامر والنواهي». ويوضح الداعية أن «الإنسان المسلم يراعي الله في السر والعلن، وعلاقة العبد بربه لا بالناس»، عازياً خشية الشخص من الناس أكثر من خشية الله إلى «الضغوط الاجتماعية» التي تتطلب من الفرد أن يكون «مثالياً في جميع تصرفاته». ويضيف: «هذا الضغط يجعل من هؤلاء يتخلصون من قيودهم بمجرد الخروج من دائرة المجتمع، ويستغل فرصة وجوده بين أناس آخرين لا يعرفونه، فيشعر بأنه حر يفعل ما يريد، ويتصرف كيف يشاء، بعيداً عن عيون الناس، ولذلك ينتج منه تصرفات غير مسؤولة، لأنه لا يشعر بأن عليه رقيباً». فيما يرى محمد السماعيل (26 عاماً) أن تصرفات بعض الشباب في الخارج «تتعدى حدود الأخلاق والالتزام بالآداب». ويعزو ذلك إلى «شعورهم بالحرية، وهي حرية غير مسؤولة». إلا أنه يدافع عن فئة الشباب بقوله: «إن عدم تعامل الرجل مع المرأة في مجتمعاتنا، والتحذير من الاقتراب في ما بينهما، والتخويف من نتائج هذا التعامل، حتى لو كانت العلاقة في حدود العمل، أو القرابة بينهما. وكل هذا التحذير والمبالغة في المنع جعل لدى الرجل تصور بأن المرأة كائن غامض أو لغز. وأن الرجل كائن مخيف، يجب الحذر منه والابتعاد عنه». ويتابع: «تنشأ من ذلك الرغبة في التعامل مع الآخر، لكن بعيداً عن عيون الناس، لذا يكون السفر إلى الخارج للتنفيس عن هذا الكبت، وإطلاق الرغبة في التعامل مع المرأة».