دعا الرئيس التنفيذي ل«مجموعة دار المال الإسلامي القابضة» خالد عبدالله جناحي الى «دمج مصارف ومؤسسات مالية عربية لإيجاد كيانات مصرفية واستثمارية كبيرة، على مستويات عالمية، تجاوباً مع المتغيرات المالية التي يشهدها العالم». واقترح في حديث إلى «الحياة»، تأسيس صندوق مالي عربي ل «يوم الضيق» لمساعدة المصارف عند الحاجة. وأكد أن المملكة العربية السعودية، تحديداً مدينة الرياض، «ستصبح المركز الرئيس والأهم للمصارف الإسلامية ومنتوجاتها من دون منازع». وكان الأمير محمد الفيصل رئيس مجلس إدارة «مجموعة دار المال الإسلامي القابضة» أثنى خلال الاجتماع السنوي للجمعية العمومية العادية، على المساهمين والعاملين وعلى الجهود في تحقيق ريادة للمجموعة منذ تأسيسها وخلال 30 سنة. وأعلن أن المجموعة «تفتخر بشبكة لا مثيل لها تمتد في كل أنحاء العالم مع فروع إقليمية متكاملة وشركات تابعة وزميلة، تشكل جسراً مالياً استراتيجياً وفريداً يربط بين المراكز المالية العالمية الرائدة والدول الإسلامية». ولفت جناحي إلى أن المؤسسات المالية والمصرفية التابعة ل «دار المال»، هي «بنك الإثمار» وفروعه المنتشرة، وشركة التكافل «سوليداريتي»، وهي موجودة في بلدان في الشرق الأقصى وفي الدول العربية، و «بنك فيصل» في باكستان، الذي بات يملك 250 فرعاً بعدما اشترينا 100 فرع من «بنك آر بي أس»، فضلاً عن «بنك فيصل الإسلامي» وفروعه في مصر، وشركة «نسيج» العقارية التي تأسست في البحرين في خضم أزمة المال، وتمكّنت من جمع 300 مليون دولار، وتهتم ببناء العقارات وتطويرها وإدارتها وبيعها، ونبحث حالياً في بناء مشاريع عقارية في المغرب والسعودية. واستحوذنا على 25 في المئة من «بنك البحرين - الكويت»، معلناً احتمال شراء أسهمه كاملة ل «يصبح أكبر مصرف إسلامي في المنطقة». وعن موجودات «دار المال الإسلامي»، أشار إلى أنها «تجاوزت 20 بليون دولار، بين الشركات التابعة والشقيقة»، لافتاً إلى أنها «حققت 120 مليون دولار أرباحاً في النصف الأول من العام الجاري، بعدما كانت سجلت خسائر بلغت قيمتها 100 مليون دولار العام الماضي». وأكد أن المؤسسات الإسلامية المالية «تتطوّر في شكل لافت، وأسّس هذا النوع من المصارف الى جانب الأمير محمد الفيصل، الشيخ صالح كامل، ولا يتجاوز عمر هذه المصارف 30 سنة». وأوضح أن «دولاً مثل فرنسا العلمانية تغيّر قوانينها المالية لاستيعاب المصارف الإسلامية ولتبنّيها كطريقة للتعامل التجاري». ولم يغفل «تطور حجم الصكوك المصرفية الإسلامية في السنوات الأربع الأخيرة في شكل شبه خيالي، ووصلت موازناتها الى مئات البلايين وتخطت تريليون دولار». وإذا كان للانكماش المالي والاقتصادي العالمي تأثير على المصارف الإسلامية، رأى أن «المعادلة المطلوبة لحماية مصارفنا تقضي باتفاق هذه المصارف الاستثمارية على إيجاد صندوق مالي عربي ل «يوم الضيق»، ليساعد بعضها بعضاً في حال شح السيولة». وأشار إلى «أننا في «بنك الإثمار»، على سبيل المثال، لم نقم بأي عمليات تجارية عام 2009، بل أودعنا مبلغاً كبيراً للتجاوب مع الأزمات والسحوبات، التي بلغت 1.1 بليون دولار، وحققنا ذلك من دون أي دعم خارجي، وهذا مؤشر واضح على صلابة المصرف وقدرته». وأكد أن وضع المصرف «جيد جداً، ويتمتع بثقة الزبائن وعاد الى الربحية، ولفت الىعودة الزبائن القدامى والجدد المنضمين اليه». وعن تقويمه للوضع المصرفي العربي، رأى «عدم إمكان الحديث عن المصارف العربية عموماً، لأنها في مصر والمغرب تختلف عنها في الخليج، إذ تتعامل الأولى في شكل محدود مع المصارف الأجنبية، لذا كان تعرضها لأزمة المال العالمية محدوداً بتأثرها بالمصارف الخليجية وكذلك بالاستثمار الأجنبي المباشر». لكن لم يغفل أن الوضع في الخليج «يختلف بين بلد وآخر، إذ في وقت تعرض كل المصارف لهزات نتيجة أزمة المال، نجد أن بعض حكومات دول الخليج عوّض على هذه المصارف في شكل مباشر»، مشيراً إلى بلد خليجي «اشترت فيه الحكومة كل صناديق العقار وربحت، فيما ضمنت أخرى أموالاً كبيرة في مصارفها لتصبح رابحة». ووصف ذلك بأنه «تجميل للحقيقة»، في حين «لم يحدث ذلك في البحرين، لأن وضعها المالي مختلف». وإذا كانت المصارف الإسلامية تأثرت أيضاً، قال: «كان التأثير فقط بشح السيولة، وليس كما حصل في المصارف التقليدية، لأنها لم تنخرط في مغامرة الأوراق المالية». ورأى ضرورة أن «يأتي يوم تُلزم المصارف والقائمون عليها والمؤسسات الرقابية، ببدء لململة هذه المصارف ودمجها لتكوين مؤسسات مالية كبيرة، إذ أصبح ذلك ضرورياً أمام المتغيرات والمتطلبات العالمية، مثل «بازل 3»، المعنية بملاءة رأس المال». وعن صحة ما يتردد بأن المصارف الإسلامية هي تقليدية مخبأة في الإطار الإسلامي، لم ينفِ جناحي وجود مثل هذا الانطباع، مشيراً الى ان رده على ذلك، هو «وجود اقتصاد إسلامي كامل، لأن ذلك يلغي ما يقال عن المصارف الإسلامية ومنتوجاتها، ويصحح الصورة». وتابع: «لا يعني ذلك انني سلفي أو متشدد، كما لا بد من الاعتراف بأن الاجتهاد الموجود في هيئات الرقابة الشرعية، ساهم ويساهم في تطوير المنتجات الإسلامية». وهل يمكن القول أن المصارف الإسلامية نجحت في سحب التبادل المالي والتجاري والودائع من المصارف التقليدية، أجاب جناحي: «الوضع المصرفي في الدول العربية تغيّر على مدى السنوات ال 13 الماضية، وأصبح لدى معظم المصارف فروع لمصارف إسلامية، ولو أخذنا «البنك الأهلي التجاري السعودي» أو «بنك الرياض»، نجد أن معظم فروعهما باتت إسلامية، فيما لم تكن تتجاوز الإثنين أو الثلاثة»، مؤكداً أن «الرياض ستصبح عاصمة المصارف الإسلامية عالمياً». وعن توقعاته لخطط مجموعة «دار المال» للعام المقبل، أعلن جناحي أن الخدمات «صناعة ديناميكية ومتحركة، لذا لا يمكننا التوقف عند إنجازاتنا فقط بل علينا أن نكون جاهزين لكل التحديات. ونخطط اليوم للتوسع في السعودية وفي الصين بالتعاون مع مؤسسة «دستيك»، التي استحوذنا على 25 في المئة من أسهمها وهي أكبر شركة استثمار في الصين. وسنتوسع أيضاً في ماليزيا ودول أخرى في الشرق الأقصى». واختتم: «نريد استباق الزمن والتخطيط للمستقبل القريب والبعيد، وما نريده بالفعل هو أن نكون سباقين في التخطيط والتنفيذ.