يصل المبعوث الاميركي جورج ميتشل الى المنطقة اليوم «لاجراء محادثات مع الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني»، في وقت اعلنت وزارة الخارجية الاميركية عن «خيبة املها» من قرار اسرائيل عدم تمديد تجميد الاستيطان. وأكدت مصادر مطلعة أن واشنطن تسعى الى الوصول الى «تنازل من تل أبيب» في مسألة الاستيطان «قبل اجتماع لجنة المتابعة العربية» الاثنين المقبل. وكان الرئيس محمود عباس اعطى فرصة جديدة للمساعي الاميركية للتوصل الى صيغة تسوية لعقدة الاستيطان، عندما جدد القول في باريس ان القرار الفلسطيني سيتخذ بعد استشارة الهيئات القيادية في منظمة التحرير ولجنة المتابعة العربية الاثنين المقبل. واعتبر وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل في نيويورك «إن ساعة الحقيقة أزفت، ومفترق الطرق يلوح أمامنا جميعاً»، محذراً من أن «عواقب الفشل (في المفاوضات المباشرة) لا يمكن تخيلها». ولفت إلى أن العرب طرحوا، عبر الجامعة العربية، المبادرات والجهود الرامية الى تحقيق السلام العادل والشامل، موضحا أنهم يأملون في أن تحقق المفاوضات المباشرة أهدافها في ضوء دعوة اللجنة الرباعية الدولية التي أكدت مجدداً مرجعيات عملية السلام المجمع عليها دولياً. وقال «ان الاستعمار الاسرائيلي يكاد يكون الوحيد القائم في العالم بعد انتهاء عهود الاستعمار وانحسار سياسة التفرقة العنصرية». وكانت وزارة الخارجية الاميركية اعربت امس عن «خيبة الامل» في قرار اسرائيل عدم تمديد تجميد الاستيطان، وفي الوقت نفسه اشادت ب «ضبط النفس» الذي اظهره عباس، وقالت ان «ميتشل على اتصال مع الاسرائيليين والفلسطينيين وفريق أميركي على مستوى أدنى يتوجه للشرق الاوسط خلال أيام». وقال الناطق باسم الخارجية فيليب كراولي أن عملية السلام تصدرت جدول أعمال الوزيرة هيلاري كلينتون مع نظيريها السوري وليد المعلم والفرنسي برنارد كوشنير في نيويورك أمس. وأشار الى «أن هناك خيبة أمل من جانبنا (بعد الرفض الاسرائيلي للتمديد) انما نستمر في التركيز على الهدف البعيد المدى وسنبحث مع الأطراف بتداعيات القرار الاسرائيلي». وأضاف أن كلا من ديفيد هايل ومستشار أوباما في البيت الأبيض دانيال شابيرو «سيرافقان ميتشل في جولته» والتي «سيبحث فيها مع الأطراف كيفية المضي» في العملية. وأكد كراولي «أننا ندرك أننا ما زلنا أمام معضلة علينا حلها وليس هناك مفاوضات مباشرة على الجدول في الوقت الحالي، انما سنكون على تواضل مع الأطراف لرؤية كيف نمضي قدما». وانتقد كراولي ضمنيا التصرف الاسرائيلي، وأشار الى أن واشنطن حضت في محادثاتها «مع الطرفين في اليومين الأخيرين... على ضبط النفس مهما كان القرار الاسرائيلي»، وأن «الرد الفلسطيني يعكس هذا الأمر (ضبط النفس)». وأكد مسؤول في الوزارة ل «الحياة» أن ميتشل غادر واشنطن أمس في طريقة الى اسرائيل والأراضي الفلسطينية وللبحث مع القيادتين «في جهود السلام ... واحراز تقدم في المفاوضات نحو حل الدولتين، ولتشجيع الطرفين على اتخاذ خطوات نحو هذا الهدف»، مضيفاً ان ميتشل سيلتقي الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي. وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات التي يقودها الجانب الأميركي ان واشنطن «تسعى الى حصد تنازل وصيغة مقبولة من اسرائيل لقضية التمديد قبل اجتماع لجنة المتابعة العربية الاثنين»، في وقت عكست أجواء المحادثات الأميركية - الاسرائيلية أن مصير هذه الصيغة ما زال غير واضح، وأن الأمور «قد تتجه بالتساوي إما باتجاه صفقة أو مزيد من العرقلة». ومن بين الخيارات التي تدرسها الأطراف، تجميد غير معلن للاستيطان باستثناء الكتل الكبرى في «معاليه أدوميم» و«أرييل»، أو اتخاذ الحكومة الاسرائيلية اجراءات لإبطاء توسع الاستيطان عموما خلال فترة المفاوضات. واحتل موضوع الاستيطان حيزاً مهماً من زيارة عباس لباريس امس حيث صرح خلال مؤتمر صحافي عقب لقائه الرئيس نيكولا ساركوزي بأن القيادة الفلسطينية لن تكون لها «ردة فعل سريعة» على استئناف البناء في المستوطنات، موضحاً ان القرار الفلسطيني سيتخذ بعد استشارة الهيئات القيادية في منظمة التحرير الفلسطينية ولجنة المتابعة العربية. وطالب نتانياهو بتمديد العمل بتجميد الاستيطان «لثلاثة او اربعة اشهر» لاعطاء فرصة لمفاوضات السلام. من جانبه، دعم ساركوزي الموقف الفلسطيني، وقال ان «الاستيطان يجب ان يتوقف»، مضيفا انه سيطلب من عباس ونتانياهو والرئيس حسني مبارك اجراء محادثات سلام في باريس قبل نهاية الشهر المقبل. ودعا الى اشراك الاتحادين الاوروبي والمتوسطي في مفاوضات السلام، منتقدا انفراد الاميركيين بالاشراف على التفاوض. واضاف: «اننا لا نريد البقاء فقط متفرجين ينظرون الى مرور الوقت»، مؤكدا: «قررنا اتخاذ مبادرات وهذا من دورنا». وفي نيويورك، اعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن «خيبة امله» لعدم تمديد تجميد الاستيطان. وقال الناطق باسمه في بيان امس انه «قلق من الاجراءات الاستفزازية على الارض»، مكررا ان «النشاط الاستيطاني في الاراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدسالشرقية، غير قانوني بموجب القانون الدولي». وحض اسرائيل على تنفيذ التزاماتها بموجب «خريطة الطريق وتجميد النشاطات الاستيطانية». وقال ان «الامين العام يدعم الجهود الجارية لايجاد وسيلة للاستمرار بمحادثات السلام في بيئة مؤهلة لاحراز التقدم». في هذه الاثناء، باشر المستوطنون اعمال البناء في ثلاث مستوطنات (ارييل ويكير ورفافاه) بعد ساعات من انتهاء فترة تجميد البناء امس، كما يجري الاستعداد للبدء قريباً بأعمال البناء في 14 مستوطنة حاصلة على التراخيص اللازمة، وسط توقعات بأن يشهد البناء حركة سريعة بعد انتهاء عيد المظلة لدى اليهود بعد غد.