استعرض الجيش الروسي براً وجواً وبحراً قوته في سورية ودشن حملة مدمرة مع بدء قصف مكثف لإدلب وحمص بالتزامن مع استئناف المروحيات السورية إلقاء «البراميل المتفجرة» على شرق حلب وتدمير مستشفيات ومراكز مدنية في المدينة وريفها، في وقت تبنت اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة مساء أمس، قراراً حول حقوق الإنسان في سورية قدمته السعودية و60 دولة عربية وأجنبية. واستبق السفير السعودي عبدالله المعلمي الحملة التقليدية التي يشنها السفير السوري بشار الجعفري، قائلاً إن «على الجعفري الكف عن تبرير جرائم حكومته»، داعياً الأسرة الدولية إلى عدم تجاهل «المذبحة» التي تتسم ب «التطهير العرقي» في حلب ومدن سورية أخرى. وتعد هذه الغارات الأولى في سورية منذ فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي لمح أخيراً إلى إمكان التعاون مع روسيا في الشأن السوري. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الضربات الصاروخية لم تستهدف حلب، في وقت أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الغارات على حلب تعد «استئنافاً للعملية العسكرية ضد الأحياء الواقعة تحت سيطرة فصائل معارضة في شرق حلب». ونفذت القوات النظامية «غارات وقصفاً بالبراميل المتفجرة على عدد من الأحياء الشرقية للمرة الأولى منذ 18 تشرين الأول (أكتوبر)»، تاريخ تعليق موسكو ضرباتها الجوية قبل يومين من هدنة أعلنتها من جانب واحد للسماح بخروج مدنيين ومسلحين من الأحياء الشرقية المحاصرة. وتزامن بدء القصف الجوي الكثيف على شرق حلب مع إعلان روسيا تنفيذ أولى الغارات من حاملة الطائرات الأميرال كوزنتسوف التي وصلت الأسبوع الماضي إلى قبالة السواحل السورية تعزيزاً للانتشار العسكري الروسي في سورية. وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو خلال اجتماع مع الرئيس فلاديمير بوتين وقيادة الأركان: «للمرة الأولى في تاريخ الأسطول، تشارك حاملة الطائرات الأميرال كوزنتسوف في عمليات مسلحة» بعدما انطلقت طائرات سوخوي- 33 من على متنها. وحاملة الطائرات التي توجد قاعدتها في سيفيرمورسك على بحر بارنتس، هي الوحيدة ضمن الأسطول الروسي التي تنقل على متنها مقاتلات «سوخوي- 33» و «ميغ - 29 كي آر» و «ميغ 29- كي يو بي آر» ومروحيات «كا - 52 كي». وأضاف شويغو أن الجيش الروسي بدأ عملية واسعة النطاق تهدف إلى ضرب مواقع تنظيم «داعش» و «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) في محافظتي إدلب وحمص. وتشارك في العملية الفرقاطة الروسية «الأميرال غريغوروفيتش» التي أطلقت صواريخ عابرة من نوع «كاليبر». وبث موقع «روسيا اليوم» فيديو أظهر استخدام قاعدة صواريخ في الساحل السوري في قصف إدلب وحمص. ووفق «المرصد»، تعرضت مناطق في ريف حلب الجنوبي وأخرى في ريف حلب الغربي صباح الثلثاء «لقصف من صواريخ أطلقت من البوارج الروسية» في البحر المتوسط. وتضررت ثلاثة مستشفيات في ريف حلب الغربي خلال الساعات ال24 الأخيرة جراء الغارات. وأفاد «المرصد» ومراسل ل «فرانس برس» بشن غارات كثيفة استهدفت مناطق عدة أبرزها معرة النعمان وسراقب وأريحا وجسر الشغور. ورجح أن تكون الغارات روسية، نظراً إلى قوتها. وأفاد نشطاء بتدمير مستشفيات ومراكز مدنية، وتم توجيه نداءات لتشكيل فرق طوعية للإنقاذ. وتحدث «المرصد» عن اشتباكات عنيفة تدور بين «داعش» وفصائل مقاتلة وإسلامية ضمن «درع الفرات» والمدعّمة بقوات وطائرات تركية في ريف مدينة الباب «حيث تمكنت الفصائل من السيطرة على 4 قرى هي حزوان ووقاح وكفيرا وبيشن جرن»، في وقت قال «المرصد» إن معارك عنيفة تدور بين «داعش» و «قوات سورية الديموقراطية» الكردية- العربية شمال غربي الرقة، مشيراً إلى أن طائرات التحالف قدّمت دعماً ل «سورية الديموقراطية» وساعدتها في السيطرة خلال ال24 ساعة على نحو 10 مزارع وقرى ومواقع. في نيويورك، تبنت اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة مساء أمس بغالبية 116 صوتاً قراراً تناول حقوق الإنسان في سورية يدين تصرفات الحكومة السورية وجماعات متطرفة أخرى تنشط في سورية، مثل الميليشيات المدعومة من إيران وتنظيم «داعش» و «جبهة النصرة»، وطالب بإجراءات منها المحاسبة على جرائم حرب. ودان القرار «التصعيد الأخير للهجمات ضد المدنيين في حلب» و «الهجمات العشوائية... بما في ذلك استخدام البراميل المتفجرة في مناطق مدنية». وطالب ب «مساءلة الأشخاص المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية»، مشيراً إلى أن المحققين الدوليين أكدوا مسؤولية الحكومة السورية عن 3 هجمات على الأقل وتنظيم «داعش» عن هجوم واحد بهذا النوع من الأسلحة. ودان أيضاً «أعمال التشريد القسري» وما ينشأ عنها من آثار مخيفة على ديموغرافية سورية، مطالباً الأطراف المعنية بالكف عن كل النشاطات التي تدخل في هذا الإطار والتي يمكن أن تشكل جرائم ضد الإنسانية. وصوت ضد القرار 15 دولة وامتنعت 49 دولة عن التصويت بينها لبنان الذي اعترض على ذكر «حزب الله» بسبب تمثيله في الحكومة والبرلمان.