«أحذرك بأن ابنك لن يدخل الفصل» بلهجة تمزج النصح بالتهديد، أخبر المحاسب في مدرسة خاصة (تحتفظ «الحياة» باسمها) ولي الأمر سالم الزهراني بأن عليه أن يسدد كامل رسوم دراسة ابنه حالاً، على رغم تعهدات الأب المتكررة بأن الرسوم ستسدد كاملة في الأسبوع الأول من الدراسة. أما الطفل محمد تيم سمير، فاتصل بأبيه من مكتب المرشد الطلابي ليخبره بأن يأتي لأخذه من المدرسة، «لم يسمحوا لي بأن أدخل الفصل، لأنهم يريدون الفاتورة»! وكأن الطلاب ينتظرون دورهم لدخول عرض لفيلم سينما، يبدو حال مدارس أهلية تقرن دخول الطلاب إلى صفوفهم في اليوم الأول من الدراسة بجلب الطالب «التذكرة»، وهي فاتورة تثبت تسديد القسط الفصلي للطالب. تحديداً كحديقة حيوان أو مدينة للملاهي، يقف مسؤولون في المدرسة الأهلية على أبواب الفصول، ويبدأون بإدخال التلاميذ واحداً واحداً، ففور إشهار التلميذ «تذكرته الباهظة» يدخل، وإلا فعليه العودة من حيث أتى. ويغض «جامعو التذاكر» النظر عن التأثير النفسي والإحراج الذي يشعر به التلميذ، عندما يجد نفسه مختلفاً عن زملائه الذين سمح لهم بحجز مقعد في أحد الصفوف، فيما عاد هو يجر أذيال الخجل والشعور بالنقص. عن هذا الشعور وما يولده لدى الطالب، تقول الاختصاصية الاجتماعية سهى نمير إن مثل هذا التصرف يسبب للطالب حالاً من الارتباك والشعور بالنقص مقارنة بزملائه، خصوصاً طلبة الصفوف الأولى الصغار سناً، الذين لم يعتادوا على التعرض للصدمات، ولا يدركون معنى التمييز. وتضيف: «ربما تكون لمثل هذه التصرفات - خصوصاً إذا كان الأسلوب فظاً - آثار سلبية على شخصية الطفل تمتد لفترة طويلة، فالمنع والردع والتهديد تلمس مشاعر الطفل بعمق، ولا تندمل آثارها بسهولة». ولم يقتصر الأمر على مدارس البنين فقط، إذ تذمر عدد من أولياء الأمور بسبب عدم دخول بناتهم إلى الفصول في أول أيام الدراسة، بسبب عدم تسديد الأقساط وحرمانهن من تسلم كتبهن، إضافة إلى أنه تم جمع أكثر من 60 طالبة في غرفة النشاط بإلزامهن بدفع الأقساط بقيمة 6 آلاف ريال لحجز المقعد. وقال والد الطالبة ن.ع ل«الحياة»: «تفاجأت باتصال ابنتي علي أول من أمس لتخبرني بأنهم لم يسمحوا لها بالدخول إلى الفصل، وإلزامها بالانتظار في غرفة النشاط حتى يتم التسديد للدخول للفصل، ما اضطرني إلى توفير المبلغ بشكل سريع». وقالت الطالبة: «عند قدومنا صباحاً طلبت رئيسة قسم المرحلة الثانوية مني الانتظار، وأخرجت قائمة بأسماء طالبات، وبعد أن قرأت الأسماء طلبت ممن لم تسمع اسمها الانتظار، مؤكدين أهمية التسديد لأن المدرسة تمر بعجز مالي». في حين تشير الطالبة ر.ع إلى أن المدرسة أرسلت لنا رسالة نصية sms تذكر بأن الانصراف الساعة 12:30 ظهراً، ولم تتم الإشارة إلى أهمية تسديد الأقساط فوراً، لافتة إلى أنها ليست من الطالبات الجدد «وإنما نحن في المدرسة منذ أعوام». أما والد الطالبة م. ف فقال: «أنا خارج المملكة، وأبلغتني ابنتي بأنها لم تستطع الدخول إلى فصلها إلا بعد أن يتم تسديد القسط، ما جعلني أحول إلى والدتها المبلغ، واستنكر الطريقة التي تعاملت بها المدرسة معها، خصوصاً أنها ليست الوحيدة في المدرسة وإنما لها ثلاث شقيقات في مختلف المراحل الدراسية». وقالت والده طالبة أخرى في المرحلة المتوسطة إن أسلوب المدرسة لم يكن تربوياً، كما أنه لم يحترم مشاعر وحقوق الطالبات، مرجعة تصرف المدرسة في عملية الاحتجاز الى تغيب وزارة التربية والتعليم عن متابعة المدارس. ووصفت احتجاز الطالبات في غرف النشاط خلال أول يوم دراسي بالعنف غير المبرر، «كان من المفترض أن تعمل على توفير البيئة التربوية الملائمة لبدء عام دراسي جديد». وأكدت أنه لم تصلها أية رسائل نصية من إدارة المدرسة بشأن طلب سداد الرسوم قبل استقبالها للطالبات. في المقابل، أوضح مصدر في المدرسة ذاتها، أن الطالبات أشعرن بضرورة التسديد قبل بدء الدراسة بأسبوع برسالتين، كما تم إرسال خمس رسائل في شهر رمضان للتذكير بضرورة السداد، وأعطيت الطالبات فرصة السداد إلى نهاية الأسبوع، مع إخبارهن بأن الدراسة الفعلية ستبدأ يوم الاثنين، موضحة أن عدد الكراسي محدود، وإجراءات المدرسة جميعها قانونية.