يقول بعض الممثلين إن أجمل ما في المجال الفني أنك «تستطيع أن تكون فناناً من دون موافقة أي جهة»، إذ إن الموهبة تحل محل شهادة دكتوراه، بينما يرى آخرون أن أسوأ ما في الفن هو «الاعتزال من دون نهاية خدمة». وعلى رغم أنه يحق للفنان الذي يمثل بلده، ويكرّم من جهات عالية المستوى، ويستخدم مواقع التواصل لدعم قضية إنسانية أو وطنية أو اجتماعية أن يعيش مرتاحاً، ينام راضياً، غير قلق على المستقبل، إلا أن بعض نجمات الجيل الحاضر يستخفن بهذه الرسالة الفنية، بل وبمهنة التمثيل نفسها، التي اجتذبت فتيات ملهوفات على الضوء والشهرة، واللهث وراء المال. وبالتجول في حسابات هؤلاء الفنانات في مواقع التواصل الاجتماعي، سيصدمك حظوظهن في كم المتابعة، لكن التعليقات أيضاً تبرز رأي الجمهور الذي يتابعهن إما بدافع الفضول أو الإعجاب. وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً «إنستغرام» إلى مساحة إعلان يطلق من خلالها بعض النجوم إشاعات تلفت النظر لوجودهم أو لأعمال ستعرض في المستقبل القريب. وبعد أن أثار قرار الفنانة المصرية شيرين عبدالوهاب الاعتزال دهشة عارمة ومحاولات لثنيها عن قرارها، بل حرك أقلام الصحافة، وكبار الفن، حتى الأصوات الجميلة اعترفت بأنه لا صوت يعلو صوتها عربياً. وحاولت فنانات عدة تقليدها من خلال إعلان اعتزالهن، ليتبين في ما بعد أن غالبيتهن عطشاً لجذب الانتباه، فشيرين حين قررت ذلك، صدقها الناس، وكان الجميع يعرف بأنها ليست في حاجة إلى أي دعاية تزيد من شهرتها، وكان معلناً بأن هناك ألبوماً سيصدر خاتمة لمشوارها الفني آنذاك، لذلك تحولت جميع مواقع التواصل الاجتماعي إلى صوت شيرين الذي يعتبره البعض «صوت العرب». وحين قررت شيرين العودة مجدداً صدقها الناس مرة أخرى. وكما أثبتت مواقع التواصل الاجتماعي مكانة شيرين الفنية، أكدت أيضاً أن الجمهور ذكي جداً ويقرأ باستيعاب ما بين السطور. ومر بعد خبر اعتزال وعودة شيرين اعتزالات عدة مثلت سقطة في مشوار فنانات، حاولن استدرار تعاطف الجمهور لتسليط الضوء على أعمالهن المقبلة، ونجحن بالفعل في لفت النظر إلى ملفاتهن في مواقع التواصل الاجتماعي، من دون أي رصيد فني يتكئن عليه. وقد لا ينطبق ذلك القول على حال الممثلة الإماراتية الأصل، الكويتية الهوى فاطمة الحوسني، التي قررت أخيراً اعتزال الوسط الفني، مع رسالة تشير إلى رغبتها في الحضور ضمن الأعمال الإماراتية لتكون قريبة من عائلتها. ولكن ما الذي يدفع فنانة تمكنت من حفر اسمها في قلب المشاهد الخليجي من خلال أعمال مهمة منذ العام 1989، لاعتزال التمثيل في دول الخليج أو الدول الأخرى والاقتصار على الأعمال الإماراتية فقط. وكانت مواقع التواصل الاجتماعي تناقلت خبر اعتزالها التمثيل العام الماضي للمرة الأولى في شكل نهائي لا رجعة فيه، وذلك بعد مشوار طويل استمر 26 سنة من العطاء الفني من دون انقطاع. وأكدت حينها أن قرار الاعتزال جاء مفاجئاً بالنسبة لكل من حولها، كما امتنعت بعد إعلانها هذا القرار عن الرد على كل الاتصالات التي وردتها من بعض شركات الإنتاج المحلية والخليجية، وحتى على التعليقات التي أتتها من متابعيها على مواقع التواصل الاجتماعي، مبررة هذا التصرف برغبتها في الحصول لنفسها على وقت تثبت فيه على قرارها الأخير. ولكن أعادها إلى العمل مسلسل رمضاني بعنوان «خيانة وطن»، جسدت فيه دور «أم حميد» السيدة الطيبة التي تغمر الجميع بحبها ومشاعرها الدافئة، ليتفاجأ الجميع بأنها تخفي وراء هذه الطيبة وجهاً آخر. وذكرت فاطمة عبر تصريح لها إلى إحدى الصحف الإماراتية أن هذا العمل «استطاع أن يهزم قرار اعتزالها، ودفعها للعودة إلى جمهورها». واعترفت الحوسني أن فضل عودتها إلى التمثيل مجدداً يعود إلى «الفنان والمنتج الإماراتي الدكتور حبيب غلوم، المنتج المنفذ للعمل، الذي اتصل بها وعرض الدور، وحاول إقناعها به لقوته»، وأضافت أنه بعد رفضها المبدئي هي وزوجها، جلس معهما وتحدث حول أهمية هذا الدور، وكان «قراراً صعباً بالنسبة إليها، إلا أن غلوم تمكن من إقناعنا به»، ووافقت الحوسني على العودة، ولكن بشروط، من أهمها أن «تعود للشاشة بحجابها، إضافة إلى أنها ستتجنب المشاهد التي لا تتناسب مع حجابها، فلا مجال للتصوير في غرف النوم، وليس مسموحاً للممثل الذي يؤدي دور ابنها مثلاً في أي مشهد أن يصافحها أو يقبل رأسها أو يدها أو غير ذلك»، غير أنها لم تضع أي شروط تتعلق بالأجر أو ترتيب الأسماء في مسلسل «خيانة وطن». وبررت أسباب اعتزالها بأن أحد أسبابه كان حال الفن في بلدها، وقالت: «غالبية أعمالي كانت خارج دولتي كالكويت والسعودية، إضافة إلى معاناتي من عدم تقدير الفنان الإماراتي، إذ أراه مظلوما أدبياً ومعنوياً إلى حد كبير». فهل سيكسر المنتج الإماراتي حبيب غلوم قرارها الثاني للاعتزال ويعيدها من خلال دولة الإمارات؟ وهو سؤال حير بعض متابعيها، الذي علق ممازحاً على قرار اعتزالها التمثيل في كل الدول باستثناء الإمارات، قائلاً: «هذا ليس اعتزالاً كاملاً، إنه اعتزال إلا ربع!».