استوقفتني عبارتي التي كتبتها في مقالي السابق وأخافتني، الفساد الأسري! وركزت فيها ملياً، فلو كان الحال كذلك فلن أستطيع أن أضع اللوم بعد اليوم على الرجل وحده. نواة الأسرة رجل وامرأة، لا يوجد أسرة كلها نساء ولا أسرة كلها رجال. لماذا إذن هذا التمادي السافر والتطاول مني على الرجل؟ فليس كل رجل جلاد شرس، وأيضاً، ليست كل امرأة ضحية لا حول لها ولا قوة! لكن الظاهرة اليوم تؤكد أن المنطق قد انفلت ليس مني وحدي بل منا، فهل يعقل يا أخي بمسلسل يعرض امرأة اسمها زهرة مفتونة بنفسها تقترن بأزواج خمسة في الوقت نفسه. وعلى فكرة علا الصيدلانية في مسلسل «عايزة أتجوز» ما عندها هم سوى اتباع أية وسيلة ممكنة لتلقط أي عريس ومش لاقية واحد! وفي حلقة طاش ماطاش امرأة تقترن بأربعة أزواج لتنتقم للنسوة فتقهر كل رجل على حساب الآخر، وموزة زوجها تزوج عليها ويا خوفي بحسب انفلات المنطق من أن تطلبه لبيت الطاعة. وقس على هذه المسلسلات المزيد من التخيلات السطحية والمقالات الاستفزازية والتفاهة الإعلامية. ألا يعتبر هذا فساداً فنياً وإعلامياً لمعالجة أسمى العلاقات وأعقدها، ألا وهي الزوج بزوجه وبالتالي الأسرة وصلاحها من فسادها؟ ولكن كلنا انخرطنا في اللعبة وتمادينا وتطاولنا على بعضنا، وكأننا في حرب ما بين الرجل والمرأة، فليست كل علاقة فاشلة ولا كل عشق مجنون ولا كل حب كاذب. ما مصير هذا الانشغال بالعدائية سوى جيل آخر هو نسخة عنا نحن قدامى المحاربين والمحاربات الذين قطعنا أواصر الود بالشعارات؟ المطلوب هو الانسجام والتفاهم واحترام كل جنس للجنس الآخر، فالموضوع ليس حرباً، وليس كفاحاً ضد الرجل ولا ضد المرأة، إنه كفاح من أجل إثبات الذات من دون إلغاء أي من الطرفين، ومن دون هذا التطرف تجاه الجنس الآخر الذي يكاد يعمي بصيرتنا عن الحب. دعوني أضرب مثلاً، لو ذهبت واحدة في شرقنا إلى المحكمة بقصة طلاق، فإن لم تأخذ كل ما تريده هي، شككت في زوجها وطعنت في القاضي، وهزأت في المحامي وأقامت الدنيا ولم تقعدها. أنا لا أقول أن المرأة تتمتع بحقوقها كاملة، لكن بهدوء يا جماعة، فكم امرأة في محاكم هذا العالم بأسره، ومؤكد أن عندهن من الحقوق الكثير، لكن نحن أيضاً بعض النسوة دلوعات أكثر من اللازم، لأن حق المرأة عليها أن تأخذه بزندها، وواجبها أن تعطي من قلبها بالعدل والمعروف، فبكلمة شاعرية منها يصبح لدينا شاعراً وبلفتة جمال منها يصبح لدينا رساماً، وبعقلها يصبح لدينا عالماً، وهي التي تؤول إليها وحدة الحال مع الرجل لتتم هذه المصالحة. أليست هي القوى الحاملة للحياة؟ فلماذا يا رجل هذا الاستبعاد والافناء لدورها؟ المرأة هي المستقبل الواعد لا الغضب الصاعد، ولن تجد بديلاً عنها لتقليص العنف ومقاومة الموت وتربية أجيال للتطلع إلى المستقبل الأفضل الأسعد، فهل يحصل هذا بالخطاب الضيق والرافض لها؟ أصلاً ماذا كانت نتيجته سوى أنها صارت تستعدي الرجل ولا تستهدي به وترمي له وعليه الكيل كيلين، والنتيجة خصام وتصادم وصدام. ترى ألا تؤدي هذه العدائية إلى هدم الأسرة؟ طيب وبعدين؟ ما الحل سوى بالمصالحة، وهذه في حاجة إلى صبر وعمل لتعليم كل منهما الحق والعدل في التعامل وآداب الزواج وحواره للقضاء على ظاهرة التشفي كل ما وقعت مشكلة بينهما. لنشفي غليلنا بمحبتنا ونترك بصماتنا لجيل يتربى على المحبة، ويغلب عليه الطابع التفاؤلي. فقد مللنا تشاؤماً! أعيدوا إلى المرأة دورها ومكانتها الطبيعية وعزها. كفانا عداء! فهي المنقذ التاريخي للوصول إلى الوعي الشمولي لننقذ الأسرة، وننظفها من فسادها ونعيد إليها صلاحها. خلف الزاوية: قد ضاع وهجك... أين الوهج سيدتي؟ وكنت بالأمس إشراقاً بلا شمس لا... لا أصدّق أين اليوم من أمس لا أنت أنت... ولا نفسي أنا نفسي [email protected]